اخبار الاردن
موقع كل يوم -النهضة نيوز
نشر بتاريخ: ٤ تشرين الثاني ٢٠٢٤
شهدت مدينة البتراء الأردنية اكتشافا أثريا جديدا، حيث عثر علماء الآثار على ما أطلقوا عليه اسم 'الكأس المقدسة' في مقبرة سرية تحت هيكل 'الخزنة' الشهير، هذا الاكتشاف يضيف بُعدا جديدا إلى فهمنا لحضارة الأنباط المتقدمة التي سكنت هذه المنطقة منذ آلاف السنين. سنستعرض في هذا المقال التفاصيل الكاملة حول الكأس المكتشفة وأهميتها التاريخية.
خلافا للاعتقادات الشائعة، لم تكن الكأس المكتشفة وعاءً سحريا يمنح الخلود، بل هي في الواقع كأس شرب عادية، تعود للأنباط القدماء. وفقًا لعالمة الآثار البريطانية كلير إيزابيلا غيلمور، التي أوضحت عبر موقع The Conversation أن 'الكأس متواضعة في شكلها، ولا تمتلك قدرات خارقة كما يُشاع'. هذا الاكتشاف يرفض الأساطير التي تحيط بالكأس ويعيدها إلى مكانتها كقطعة أثرية نبطية تقليدية.
تم العثور على الكأس خلال عمليات تنقيب جرت في أغسطس الماضي، حيث وجدت بجوار 12 هيكلا عظميا وبعض التحف الأخرى. يعود تاريخ هذه المقبرة إلى حوالي 2000 عام، مما يجعلها شاهدةً على حضارة الأنباط المزدهرة في تلك الفترة. يُذكر أن موقع المقبرة يقع أسفل 'الخزنة'، التي تعتبر من أشهر المعالم الأثرية في البتراء.
يمتاز الفخار النبطي، الذي تنتمي إليه 'الكأس المقدسة'، بدقته العالية وسماكته التي لا تتجاوز 1.5 مم، مما يجعله مناسبًا للأغراض الاحتفالية. كما يتزين هذا الفخار بالنقوش الهندسية والزهرية، والتي تعكس مهارة الأنباط وإبداعهم الفني. يشير الدكتور بيرس بول كريسمان، المدير التنفيذي للمركز الأمريكي للأبحاث، إلى أن هذه الزخارف تعكس مكانة البتراء كنقطة تجارة مهمة، إذ أن الأنباط كانوا يُبدعون في تصنيع هذه القطع الفخارية بعناية فائقة.
أحد الأمور المثيرة للاهتمام هو التشابه بين 'الكأس المقدسة' المكتشفة وتصميم الكأس المستخدمة كدعامة في فيلم المغامرات الشهير لستيفن سبيلبرغ عام 1989. وفقا لغيلمور، فإن هذا التشابه ليس مصادفة، بل جاء نتيجة بحث مكثف حول الفخار النبطي أجرته ديبورا فاين، التي كانت مديرة الأرشيف في شركة لوكاس فيلم المحدودة. هذه الدقة في البحث تعكس مدى التأثير التاريخي للفن النبطي حتى في الصناعات السينمائية.
تظل هوية الـ12 شخصا المدفونين في المقبرة لغزا محيرا حتى الآن. يُعتقد أن دفنهم في توابيت منفصلة يشير إلى أنهم كانوا من طبقة النبلاء. يشير جوش غيتس، من برنامج Expedition Unknown على قناة 'ديسكفري'، إلى أن هذا الاكتشاف قد يكون الأكبر من نوعه في البتراء، حيث يُعتقد أن المدفن كان مخصصًا لأفراد بارزين من النخبة النبطية.
يأمل علماء الآثار في أن تسهم المواد الأثرية والرسوبية المحيطة بالموقع في تحديد تواريخ بناء المقبرة ومعرفة المزيد عن الأشخاص المدفونين فيها. هذه الأبحاث قد تساعد في فهم أعمق لدور البتراء كمركز حضاري وثقافي، وتعزز معرفتنا بتاريخ الأنباط وإسهاماتهم الثقافية.
هذا الاكتشاف يعكس جانبا جديدا من التراث النبطي ويسلط الضوء على أهمية البتراء كواحدة من أهم المواقع الأثرية في العالم العربي.