الغزاوية .. احتفالية عيد الأم

آذار.. الشهر الذي ينحني للمرأة والأم، الذي تتجدد فيه الحياة، الذي يداعب النهار ليطول والشمس لتقيم، الذي يتحايل على الشتاء ليشق طريق الربيع وسط المطر. آذار يا بدايات العشق والمحبة والسلام.

21 آذار.. احتفالية تخص أمهات العالم. يوم للأم التي تتمثل أعلى معاني المحبة والتضحية والعطاء. حب بلا حدود ولا شروط ولا توافقات ولا اتفاقيات.. حب يحتويك لتعرف انك في عين الأمان، فلا تجزع ولا تبال ان أنت صاحبتها وتدثرت برضاها وخطوت بدعائها.

واظنه هذا العام فقد خصوصيته وسط ضجيج الهجمات الهمجية، وسط صمت القبور الذي يحيط بنا من الجهات الأربع. فقدها امام تضحيات أمهات غزة وفلسطين. فهناك لا وقت للاحتفال رغم ان جميع النساء أمهات بفطرة العطاء والتضحية والصبر والمقاومة. جميعهن يوصين الابناء والاحفاد بالمقاومة ويتشاركن معهم الصمود والثبات وصون العرض والأرض.

21 آذار.. يوم واحد.. لا يرتق اليك.. أيتها العنيدة أمام الصعاب، الثابتة الى جانب الحق والحقيقة، العصية على الكسر، القوية على الجبهات الداخلية والخارجية، الشامخة الصامدة الراسخة المضحية المعطاءة التي لا تلين ولا تنضب.

كيف يحتفل العالم اليوم بالأم، وأمهات فلسطين يبكين دما وحسرة على فقدان الابناء والآباء. كيف يحتفل العالم والأم في غزة تقيم بين وجع ووجع. وهل يمكن للأم في القطاع ان تحتفل وسط آلة الحرب والدمار حين خانها ابناء الانسانية بالصمت على القتل والتهجير والتشريد والاقصاء، تركوها تعاني الجوع والقهر والذل، تركوها تلاقي مصير الموت بين القصف والخوف.

مجرمون هؤلاء الذين يقصفون البيوت ليسكتوا دعوات الامهات وضحكات الابناء، بل ملعونون الى الأبد أؤلئك العابثون بأحلام الامهات وأمنياتهن، العابثون بعبق التاريخ وحقيقة التكوين. كيف أفقدونا فرحة العيد وامنياته ودعواته، كيف أفقدونا طمأنينة القلب وسلامه ودقاته، ملعونون في القدوم وحين يغادرون.

ليصمت العالم وينحني اجلالا للأم الغزاوية التي لا زالت تبحث وسط الدمار عن اسباب الصمود والبقاء، تبحث عن تلاوين الحياة في الطرقات والأزقة، تبحث عن الأمل في الخراب وتشعل الفرح في بقايا الرماد. انهضي أيتها الأم وقاتلي، فدونك العالم خراب وحقوق الانسان خراب والقرارات الدولية خراب واتفاقيات السلام خراب، فدونك لن تعود الأرض تزهر في الربيع ولن نسمع صوت الاناشيد على قارعة الطريق، فدونك لا طعم للضوء ولا مذاق للخبز ولا رائحة للقهوة. انهضي ايتها الأم فلا حياة دونك ولا حب دون فلسطين.