اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ٤ أب ٢٠٢٥
نتياهو وحربه العبثية على غزة: دمار شامل بلا أهداف… وموقف أمريكي يفاقم المأساة #عاجل
كتب -اللواء المتقاعد د. موسى العجلوني - تواصل دولة الكيان الصهيوني بقيادة نتنياهو شن حرب عبثية ومدمرة على قطاع غزة، وسط مشاهد يومية من القصف والدمار والمجازر والمجاعة ، فيما تتساقط ذرائعها الواهية واحدة تلو الأخرى وتتعرى روايتها الكاذبة. لقد نجح نتنياهو، بالفعل، في إشعال حرب همجية دمّرت البنية التحتية في القطاع، وقتلت الآلاف من المدنيين، ودفعت السكان إلى حافة الجوع والانهيار الكامل، لكنه فشل فشلًا ذريعًا في تحقيق أي من الأهداف التي أعلنها في بداية العدوان.
لا يزال الرهائن في قبضة الفصائل الفلسطينية، ولا تزال المقاومة قادرة على الصمود والمواجهة وتسديد الضربات الموجعة لجيش الإحتلال، رغم القصف المستمر منذ أشهر. ومع ذلك، يُمعن نتنياهو في إطالة أمد الحرب والمراوغة لإفشال أي حل سياسي لوقف حربه المدمرة، دون أي خطة للخروج، مكتفيًا بإرضاء حلفائه من اليمين المتطرف، والتمسك بخطاب عسكري تحريضي يعمّق الكارثة.
الموقف الأمريكي الأعمى والمنحاز كليا لنتنياهو، الذي لا يزال يمنح دولة الكيان غطاءً سياسيًا وعسكريًا ومعنويا غير مشروط، يمثل عاملًا أساسيًا في استمرار المجازر وحرب التجويع على غزة. لقد تحوّلت واشنطن من قوة عظمى يُفترض بها أن تسعى إلى التهدئة والتوسط وفرض الحلول السياسية، إلى شريك مباشر في العدوان، من خلال دعمها غير المحدود، وصمتها عن الجرائم اليومية المرتكبة بحق المدنيين، وعرقلتها لأي تحرك دولي جاد لوقف إطلاق النار والإعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
ومن المؤسف أن بعض الأقلام وبعض الدول وبعض الجهات المشبوهة، التي تظهر أنها غاضبة من استمرار المجازر، توجه سهامها نحو دول الجوار مثل الأردن، الى حد اوصلها الى الإعتداء على بعض السفارات والمقرات الدبلوماسية الأردنية في الخارج!، بدلاً من تحميل المسؤولية الكاملة لدولة الكيان الصهيوني التي تشن الحرب المدمرة والتجويع الممنهج وتتحكم بالحدود والمنافذ وتسيطر على الأجوا وتفرض الحصار وتمنع دخول المساعدات. فالأردن،كما يعرف الجميع، لم يتوقف يومًا عن تقديم المساعدات الطبية والغذائية العاجلة لأهالي قطاع غزة، لا سيما في الأوقات الحرجة التي اشتدت فيها الأزمات نتيجة الحصار والعدوان. فقد سيرت المملكة وما تزال تسير، عبر سلاح الجو الملكي ومؤسساتها الإنسانية، مئات القوافل والإمدادات الغذائية والطبية التي خففت عن أهل غزة معاناتهم وسط الظروف القاسية، إضافة الى الدعم الطبي المستمر الذي بدأ قبل عدوان اكتوبر على غزة عام 2023 بسنوات عديدة ولم يتوقف اثناء العدوان بل تم إضافة مستشفى ميداني ثاني في مشهد يعكس التزامًا عمليًا لا يقتصر على الشعارات.
يجب أن تتجه أصوات الاحتجاج والتنديد إلى العنوان الصحيح: دولة الكيان الصهيوني وحكومة نتنياهو . فهي الطرف الذي اختار حرب الإبادة واستمر بها رغم فشلها، وهي الجهة التي تعرقل كل مبادرات وقف إطلاق النار، وتواصل استخدام القوة العمياء كأداة وحيدة لتحقيق ما عجزت عنه سياسيًا ودبلوماسيًا وحتى عسكريا.
وفي هذا السياق، فإن الدول العربية مجتمعة، والمجتمع الدولي بأسره، أمام اختبار حقيقي لمصداقيتهم وإنسانيتهم. لم يعد مقبولًا الاكتفاء ببيانات الشجب والإدانة، بينما المجازر تُرتكب في وضح النهار، ومئات الآلاف يواجهون المجاعة والتشريد. لقد آن الأوان لتحرّك فعّال، يتجاوز الخطاب السياسي والتحرك الدبلوماسي إلى إجراءات عملية ومؤثرة: ضغوط دبلوماسية حقيقية، عقوبات اقتصادية وعسكرية، تحرّكات قانونية أمام المحاكم الدولية، ووقف كافة أشكال التطبيع والدعم التي تمنح الاحتلال شرعية زائفة.
إن وقف هذه الحرب ورفع الحصار عن غزة، والإقرار بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها حقه في الحرية وتقرير المصير، ليست قضايا إنسانية فقط، بل هي مسؤوليات قانونية وأخلاقية وسياسية لا يجوز التهرب منها. فاستمرار التغاضي عن جرائم الحرب الإسرائيلية لن يؤدي إلا إلى ترسيخ مناخ الإفلات من العقاب. وما لم يحدث ذلك سيتم دفع المنطقة برمتها إلى مزيد من التصعيد وعدم الاستقرار وستظل هذه الحرب لعنة تلاحق نتنياهو، وكل من دعمه أو صمت عن جرائمه.