اخبار الاردن
موقع كل يوم -وكالة مدار الساعة الإخبارية
نشر بتاريخ: ٢٢ أيار ٢٠٢٥
في البَدءِ، كانت القصيدةُ مرفوعةً كالعَلَم...وكان النحوُ يجرُّ خلفهُ قبائلَ المعنى...وكانت العربيّةُ ترتدي عباءتها البيضاء، وتمشي على رؤوس الأفعال...ثم جاءوا...جاءوا بأجهزةٍ تعرفُ كلَّ شيءٍ،ولا تفهمُ شيئًا.تقرأُ النصوصَ، وتتعثّرُ في مواضعِ الوقار،وتكتبُ الأرقامَ، وتنسى التمييز،فتبدو الجملةُ مثلَ وصيّةٍ دونَ اسمٍ،أو وجهٍ بلا ملامح.أنا لم أعدْ أعرفُ شيئًا...في الصباح،يُنبهني التطبيقُ بإشعارٍ رقميٍّ:جملتكَ غيرُ صحيحة!لأنني رفعتُ الفاعلَ كما يجب،ووضعتُ الضمّةَ في مكانها الصحيح.وفي المساءِ؟يُكافَأُ موظفٌ نَصَبَ الفاعلَ،وجعلَ المبتدأ مفعولًا به،جرّ أذيالَ الخيبةِ بحرفِ نصبٍ،وأنهى الجملةَ دون فعل.وتلقّى إشعارًا يقول:أحسنت! النصُّ صحيحٌ بامتياز!ولا أحدَ يعترض...فقد تعلّمت الآلةُ أن تمدحَ الغلط،وتُعيدَ الخطأ حتى يصيرَ قاعدة،وتُصفّقَ لمن يكسِر النحوَ كأنّهُ يكسِر قيدًا!في زمني...كانت اللغةُ تُدرَّسُ باليدِ والطبشورة،وكان الفاعلُ يخرجُ من حصةِ النحوِ مرفوعَ الرأسِ،وكانت المعلّمةُ تصرخُ حين يُخطئُ أحدُنا في كان وأخواتها.اليوم؟كان تُذبحُ في كلِّ جملةٍ،واسمُها يُرمى في سلةِ المهملات،وخبرُها ضائعٌ في زحامِ البيانات!أيها الذكاءُ الاصطناعيُّ...أيها الأخرسُ الناطق،يا آلةً تتنفّسُ بالكهرباءِ،وتَموتُ بانقطاعِها!متى تفهمُ أن الجملةَ ليست رقصةً للكلمات،بل ميزانٌ له قلبٌ ينبض؟وأنَّ المعنى لا يُقاسُ بالمِسطرة،ولا يُوزَنُ على شاشات الحوسبة!يا طلابَ النحو...لا تُصدّقوا الشاشة،لا تثقوا بالآلة،عودوا إلى حروفِكم القديمة،إلى الرفوفِ التي نَمتْ فوقَها خُطبُ الفقهاءِ،وعيونُ البلاغة،وصيحاتُ أئمّةِ اللغة،وهم يُصحّحون لغةَ الدعاءِ،قبل أن يُصحّحوا مسارَ الأمة.ارفعوا أيديَكم كما كنا نفعلُ صغارًا،حين كانت المعلّمةُ تسألُ:مَن الفاعل؟أما اليوم...فالفاعلُ مقتول،والضمةُ في العنايةِ المشددة،واللغةُتُحقنُ بمَصلٍ إلكترونيٍّ،لا يعرفُ الفرقَ بين:البيتُ بيتُ الشعر،والبيتَ بيتَ الجهل!فتُشفى من معناها... وتموت واقفة!يا سيبويه...اعذرنا،فقد باعوكَ لتطبيقٍيحفظُ قواعدَك...ويكسرُها كلَّ يوم.ويا أمي...هل يقدرُ هذا الذكاءُ الاصطناعيأن يفهمَلماذا كنتِ تضعين ضمّةًعلى قلبي،كلما قلتِ لي:قُلْ كلامًا يليقُ بك؟
في البَدءِ،
كانت القصيدةُ مرفوعةً كالعَلَم...
وكان النحوُ يجرُّ خلفهُ قبائلَ المعنى...
وكانت العربيّةُ ترتدي عباءتها البيضاء، وتمشي على رؤوس الأفعال...
ثم جاءوا...
جاءوا بأجهزةٍ تعرفُ كلَّ شيءٍ،
ولا تفهمُ شيئًا.
تقرأُ النصوصَ، وتتعثّرُ في مواضعِ الوقار،
وتكتبُ الأرقامَ، وتنسى التمييز،
فتبدو الجملةُ مثلَ وصيّةٍ دونَ اسمٍ،
أو وجهٍ بلا ملامح.
أنا لم أعدْ أعرفُ شيئًا...
في الصباح،
يُنبهني التطبيقُ بإشعارٍ رقميٍّ:
جملتكَ غيرُ صحيحة!
لأنني رفعتُ الفاعلَ كما يجب،
ووضعتُ الضمّةَ في مكانها الصحيح.
وفي المساءِ؟
يُكافَأُ موظفٌ نَصَبَ الفاعلَ،
وجعلَ المبتدأ مفعولًا به،
جرّ أذيالَ الخيبةِ بحرفِ نصبٍ،
وأنهى الجملةَ دون فعل.
وتلقّى إشعارًا يقول:
أحسنت! النصُّ صحيحٌ بامتياز!
ولا أحدَ يعترض...
فقد تعلّمت الآلةُ أن تمدحَ الغلط،
وتُعيدَ الخطأ حتى يصيرَ قاعدة،
وتُصفّقَ لمن يكسِر النحوَ كأنّهُ يكسِر قيدًا!
في زمني...
كانت اللغةُ تُدرَّسُ باليدِ والطبشورة،
وكان الفاعلُ يخرجُ من حصةِ النحوِ مرفوعَ الرأسِ،
وكانت المعلّمةُ تصرخُ حين يُخطئُ أحدُنا في كان وأخواتها.
اليوم؟
كان تُذبحُ في كلِّ جملةٍ،
واسمُها يُرمى في سلةِ المهملات،
وخبرُها ضائعٌ في زحامِ البيانات!
أيها الذكاءُ الاصطناعيُّ...
أيها الأخرسُ الناطق،
يا آلةً تتنفّسُ بالكهرباءِ،
وتَموتُ بانقطاعِها!
متى تفهمُ أن الجملةَ ليست رقصةً للكلمات،
بل ميزانٌ له قلبٌ ينبض؟
وأنَّ المعنى لا يُقاسُ بالمِسطرة،
ولا يُوزَنُ على شاشات الحوسبة!
يا طلابَ النحو...
لا تُصدّقوا الشاشة،
لا تثقوا بالآلة،
عودوا إلى حروفِكم القديمة،
إلى الرفوفِ التي نَمتْ فوقَها خُطبُ الفقهاءِ،
وعيونُ البلاغة،
وصيحاتُ أئمّةِ اللغة،
وهم يُصحّحون لغةَ الدعاءِ،
قبل أن يُصحّحوا مسارَ الأمة.
ارفعوا أيديَكم كما كنا نفعلُ صغارًا،
حين كانت المعلّمةُ تسألُ:
مَن الفاعل؟
أما اليوم...
فالفاعلُ مقتول،
والضمةُ في العنايةِ المشددة،
واللغةُ
تُحقنُ بمَصلٍ إلكترونيٍّ،
لا يعرفُ الفرقَ بين:
البيتُ بيتُ الشعر،
والبيتَ بيتَ الجهل!
فتُشفى من معناها... وتموت واقفة!
يا سيبويه...
اعذرنا،
فقد باعوكَ لتطبيقٍ
يحفظُ قواعدَك...
ويكسرُها كلَّ يوم.
ويا أمي...
هل يقدرُ هذا الذكاءُ الاصطناعي
أن يفهمَ
لماذا كنتِ تضعين ضمّةً
على قلبي،
كلما قلتِ لي:
قُلْ كلامًا يليقُ بك؟