اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ٨ تشرين الثاني ٢٠٢٥
رؤساء الجامعات بين الاستقلال والمسؤولية
د. محمد تركي بني سلامة
في بلدٍ يفاخر بأنه دولة قانون، تُصاغ القرارات بمداد العدالة لا بمداد الهوى، يطلّ علينا مشهد لا يليق بمؤسسات يُفترض أنها منارات للفكر والحق والإنصاف. قرارات واضحة من رئاسة الوزراء، لا تحتمل التأويل ولا تحتاج تفسيرًا إضافيًا، تطالب بتصويب أوضاع أعضاء هيئة التدريس الذين حصلوا على إجازات تفرغ علمي ولم تُصرف لهم حوافز الموازي، تنفيذًا للعدالة وتحقيقًا لمبدأ المساواة بين الأردنيين أمام القانون. ومع ذلك، ما زال بعض رؤساء الجامعات يتباطأون في التنفيذ ويتعاملون مع القرار وكأنه أمر اختياري لا ملزم.
هل أصبح تنفيذ القرار وجهة نظر؟ وهل باتت الجامعات تُدار بعقلية الانتظار بدلاً من المبادرة؟ أم أن بعض رؤساء الجامعات يظنون أن الاستقلال المالي والإداري يمنحهم الحق في تجاهل قرارات الدولة؟
الاستقلال لا يعني الانفصال، ولا يعني أن يتحول الرئيس إلى صاحب قرار مطلق داخل أسوار الجامعة. المقصود بالاستقلال هو القدرة على خدمة الجامعة وأعضائها، لا تعطيل حقوقهم أو تجاهل واجباتهم.
القرار واضح: الحوافز تُصرف لمن حصل على التفرغ العلمي، فهؤلاء لم يغادروا جامعاتهم ترفًا، بل مثّلوها في الخارج، ورفعوا اسمها في الأبحاث والمحافل الأكاديمية. فمن غير المنصف أن يُقابل عطاؤهم بالتجاهل، أو يُعاملوا وكأنهم ارتكبوا مخالفة لمجرد قيامهم بواجبهم العلمي.
المطلوب ببساطة أن يتحمل رؤساء الجامعات مسؤولياتهم، وأن يُطبقوا القرار كما صدر، دون تأخير أو تردد. فالقضية ليست مالية بقدر ما هي أخلاقية وإنسانية، تمس كرامة الأكاديمي وحقوقه.
لسنا نطالب بالمستحيل، بل بتنفيذ ما أُقرّ رسميًا وما أعلنه رئيس الوزراء نفسه. ومن غير المقبول أن تبقى حقوق أعضاء هيئة التدريس معلقة بسبب تفسيرات أو إجراءات شكلية.
الأردنيون أمام القانون سواسية، والجامعات الأردنية جديرة بأن تكون نموذجًا في احترام هذا المبدأ، لا ساحة لتجارب البيروقراطية. نأمل أن يتخذ رؤساء الجامعات موقفًا يعكس وعيهم بدورهم ومسؤوليتهم، فخدمة الجامعة وكوادرها هي جوهر الاستقلال الحقيقي، وليست التذرع به لتأجيل تنفيذ العدالة.
وفي النهاية، يبقى الأمل بأن تُنصف الجامعات أبناءها، وأن يكون تطبيق القرار خطوة نحو ترسيخ قيم المساواة والإنصاف التي نعتز بها جميعًا.












































