الانقسام بين "فتح" و"حماس" يعود لمربعه الأول

عمان- تبددت مساعي الاحتلال لخلق جسم محلي موال له ويعمل تحت إمرته بغزة بعدما أحبطت العشائر العربية مخططه لتوظيفها وتأجيج الفتنة والاضطراب الداخلي، ما جعله يدرس التعاقد مع شركات أمن دولية لتأمين إيصال المساعدات بالقطاع، بينما يتوجه وفده لقطر في جولة تفاوض جديدة لتبادل الأسرى بعد ردّ حركة 'حماس' على اتفاق 'باريس2'.

وعلى وقع تجاذب إعلامي حاد بين حركتي 'فتح' و'حماس' عاد مؤشر إنهاء الانقسام لمربعه الأول.

وبشأن العشائر في غزة فقد قطعت الطريق على حكومة الحرب التي أرادت إنشاء بديل 'لحماس' بتعزيز العناصر المحلية، بوصفه الخيار الأكثر احتمالا لشكل الحكم في غزة بعد الحرب، وفق الرؤية الصهيونية المُعدلة لعودة الاحتلال للقطاع.

وفي خضم القصف الجوي الكثيف الذي أدى لارتقاء 80 شهيداً بالساعات الماضية؛ جاءت محاولات الاحتلال لمد جسور التعاون مع المكونات العشائرية بالقطاع كمقدمة لجعلها البديل المنشود تحت غطاء البعد الإنساني لإدخال المساعدات، بالتزامن مع حصار العوائل الفلسطينية في غزة واتخاذهم أسرى للضغط على بعضهم من أجل التعامل معه، دونما فائدة. 

وقد تهاوى مخطط الاحتلال بخلق الانشقاق في الصف الفلسطيني أمام الالتفاف العشائري حول الوحدة الوطنية الفلسطينية، حينما تواصل منسق أعمال حكومة الاحتلال في القطاع شخصياً مع وجهاء عائلات في غزة، لكن تم رفض عرضه بالتعاون، ومن ثم إبلاغ مسؤولين أمنيين رفضهم التعاون مع الاحتلال إلا عبر الأجهزة الأمنية في القطاع. 

وتدل مساعي الاحتلال على حالة الإرباك والتخبط التي تسود أوساطه السياسية والأمنية للتغطية على فشله بغزة باستثناء إستباحة الدم الفلسطيني، وسط 'تحريم' التعامل مع الاحتلال، وفق المفوض العام لهيئة شؤون العشائر في المحافظات الجنوبية (قطاع غزة) عاكف المصري.

وأكد المصري، في تصريح له، أن العشائر رديف كفاحي لكل قوى الشعب الفلسطيني، وصمام أمان له حتى تحقيق أهدافه المشروعة في إقامة دولته المستقلة، وليست بديلا عن أي جهة سياسية، مؤكدا أن إدارة قطاع غزة شأن فلسطيني محض، ولا يحق لأي طرف التدخل في شؤونه وإدارته. 

بدورها أشادت الفصائل الفلسطينية بالموقف الوطني المسؤول لعائلات وعشائر غزة، الذي رفض التجاوب مع مخططات الاحتلال الخبيثة والهادفة إلى خلق أجسام تنسيقية شاذة عن الصف الوطني الفلسطيني، وتأكيده دعم العائلات والعشائر للمقاومة والحكومة وأجهزتها الشرطية والأمنية، ورفضه محاولات الاحتلال العبث بالصف الوطني الفلسطيني.

وأمام فشل مخططه؛ يدرس الاحتلال فكرة الاستعانة بشركات أمن دولية لتأمين تسليم المساعدات في قطاع غزة، حيث تم طرحها خلال اجتماعات مع مسؤولين كبار في إدارة الرئيس الأمبركي 'جو بايدن'، التي تقوم بإنشاء ميناء عائم في قطاع غزة، بهدف توصيل المساعدات عبر البحر.

إلا أن مسألة استخدام شركات أمن دولية أثناء العمليات التي تقوم بها الولايات المتحدة يثير جدلاً متكررا، حيث اتُّهم متعاقدون أمنيون من القطاع الخاص يعملون لصالحها بإطلاق النار على مدنيين أو استخدام القوة المفرطة في عدة حوادث في العراق وأفغانستان.

وستبقى تلك الإشكالية قائمة بالرغم من مشاركة دول عديدة بالوقت الحالي في جوانب مختلفة من الجهد البحري، بما في ذلك عمليات التفتيش والالتزامات المالية.

يأتي ذلك بالتزامن مع حالة السجال والتجاذب الإعلامي الحاد بين 'فتح' و'حماس' وذلك بعدما انتقدت الأخيرة، إلى جانب فصائل فلسطينية أخرى، خطوة الرئيس محمود عباس بتكليف محمد مصطفى بتشكيل حكومة فلسطينية جديدة في ظل عدوان الاحتلال وجرائمه بالقطاع.

واعتبرت 'حماس' أن مساعي تشكيل الحكومة الجديدة من شأنه يعمق الانقسام ويكشف أزمة قيادة السلطة الفلسطينية، بينما اتهمت 'فتح' حركة 'حماس' بالتسبب في إعادة الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة، وتسبب بوقوع النكبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، ولا يحق لها املاء الاولويات الوطنية.

وجاء السجال الفلسطيني الداخلي بعد أيام على فشل لقاء موسكو، وفي غضون جولة تفاوض جديدة في قطر حول وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، وذلك بعدما قدمت 'حماس' ردّها للوسطاء، والذي يؤكد، وفق القيادي بالحركة أسامة حمدان، على إنهاء العدوان على قطاع غزة وانسحاب جيش الاحتلال وبدء عمليات الإغاثة. 

وأكد أن تبادل الأسرى يجب أن يحصل، لكن ليس على حساب القضايا الأساسية وأولها وقف العدوان، مشددا على أن موقف 'حماس' منحاز لمصالح الشعب الفلسطيني، وأن الحركة اقترحت دولا ضامنة للاتفاق إضافة إلى الوسطاء من قطر ومصر والولايات المتحدة.

ومع استمرار المفاوضات تزامنا مع تصديق رئيس حكومة الحرب، 'بنيامين نتنياهو'، على الخطط العسكرية لهجوم رفح البري، أكد حمدان أن حماس تبذل كل جهد ممكن وتحاور كل الأطراف لمنع وقوع الهجوم على رفح المكتظة بأكثر من مليون نازح.

وقد عرضت 'حماس' مقترحا يقضي بوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى على 3 مراحل تستمر كل منها 42 يوماً، حيث اشترطت في المرحلة الأولى انسحاب قوات الاحتلال من شارعي الرشيد ومحور صلاح الدين لعودة النازحين ومرور المساعدات إلى قطاع غزة.

كما عرضت مقابل الإفراج عن كل مجندة أسيرة حية إطلاق 50 أسيراً فلسطينياً، 30 منهم من أصحاب المؤبدات، إذ تقدر سلطات الاحتلال عدد أسراها لدى المقاومة في غزة بنحو 130 ولكنها ترجح أن 32 منهم قتلوا.

كما اشترطت حماس مع بدء المرحلة الثانية، إعلان وقف دائم لإطلاق النار قبل أي تبادل للجنود الأسرى لديها. وتضمن مقترح الحركة البدء في عملية الإعمار الشامل لقطاع غزة، وإنهاء الحصار، مع بدء المرحلة الثالثة.

من جانبها، طالبت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، بموقف دولي إنساني، عبر قرار ملزم في مجلس الأمن لإجبار الاحتلال على وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بما يضمن حماية المدنيين، وإدخال المساعدات لهم بشكل مستدام، وتحرير مليوني فلسطيني مدني من براثن أجندات 'نتنياهو' الشخصية.

وقالت 'الخارجية الفلسطينية'، في تصريح أمس، إن 'نتنياهو' يهدف لإطالة أمد العدوان للبقاء في الحكم، وهروباً من أسئلة اليوم التالي له، وجميع سياسته استعمارية عنصرية بامتياز، يسعى لتحقيقها على حساب المدنيين الفلسطينيين، وحياتهم، وآلامهم، ومستقبل وجودهم في أرض وطنهم.