الاحتلال يتلاعب بأميركا أم كلاهما يتلاعبان في العالم بشأن صفقة تبادل؟

  فيما يراوغ رئيس وزراء الاحتلال وحكومته اليمينية المتطرفة، في موضوع صفقة تبادل مع المقاومة الفلسطينية، لكسب الوقت سواء أمام داخل الحيان المحتل عالذي ما أنفك يطالب بتحريرهم واسقاط الحكومة، تطرح حكومة الولايات المتحدة، اقتراحات وتبدي تفاؤلا بشأنها، وتدعي أن الاحتلال وافق على بعضها، مع علمهم أنه لن ترى النور، وغير مرضية لا للاحتلال، ولا للمقاومة الفلسطينية.

وهناك الكثيرون يعلمون تلك اللعبة التي تطيل من شأنها إطالة أمد معاناة المدنيين في قطاع غزة، وهم يتعرضون ليل نهار لعدوان همجي لم يتوقف منذ السابع من تشرين أول (أكتوبر) لغاية اليوم، حتى وقت الهدن القصيرة، تعرضوا للقتل والتنكيل.

'أنا أرفض وأنت أفعل ما تشاء' هذا ما يؤكده أكثر من محلل عن موقف الإدارة الأميركية الراهن من الحرب على غزة، ويقول المحللون لو شاءت الولايات المتحدة لانتهى الأمر في غضون أيام.

ما الذي يجعل الإدارة الأميركية تخوض هذه اللعبة القذرة مع الاحتلال؟ يؤكد محللون، على عدة أسباب أكبرها الانتخابات الأميركية المزمعة في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، فلا يريد الرئيس الأميركي جو بايدن أن يظهر بمظهر القاتل للأطفال في غزة، بتطوائه مع الاحتلال، فتراه يناقض نفسه، فتارة ينتقد هجم الدمار الهائل والعدد الكبير من القتلى في صفوف المدنيين، ويستمر شريان الأسلحة عبر البحر والجو في تزويد الاحتلال بكل أدوات الفتك، ولأنه من العسكر القديم يظن أن ذلك سيمر كما في العقود الماضية على الشعب الأميركي وفق محللين.

الاحتلال عرف اللعبة، وبات يسمع ولا ينفذ ما تطلبه الإدارة الأميركية، فمخففات الصدمات الأميركية جاهزة مع كل جريمة يرتكبها الاحتلال، يكفي أن يصرح مسؤول أميركي أن رئيسه بايدن غير راض عما يحصل من قتل وتجويع وتنكيل من قبل الاحتلال سواء في الضفة الغربية المحتلة أو قطاع غزة، وإرسال مسؤول أميركي كبير مثل وزير الخارجية، أو مسؤول الأمن القومي، أو وزير الدفاع في جولة بالمنطقة للإيهام بأن الإدارة الأميركية تبذل جهودها لإنهاء القتال.

ويعتقد بايدن أن تلك التصريحات وعقوبات سطحية على عدد قليل من المستوطنين سيغطي سوءة الجرائم والفظائع التي ترتكب يوميا.

حتى أن مشروع القرار في مجلس الأمن الدولي والذي أحبط من روسيا والصين، في ظاهره وقف للعدوان وفي باطنه إطلاق يد للاحتلال في غزة، فلم يذكر أبدا وقف الحرب وإنما ركز على تحرير الرهائن مقابل هدنة تافهة، ستطيل معاناة الغزيين وفق محللين، إلا أن المسعى الأميركي والصياغة الخبيثة لمشروع القرار، والواضح أنه خط بعناية من قبل الاحتلال، وسلم للأميركيين لم تمر رغم الجهود الكبيرة لمحاولة طمس الحقائق وإظهار الفوائد الزائفة في مشروع القرار على العديد من أعضاء مجلس الأمن الدولي الدائمين، كروسيا والصين وغير الدائمين، مثل الجزائر.

آخر المحاولات الأميركية ما أطل علينا من اقتراح للتسوية طرحته الولايات المتحدة، وقالت إن إسرائيل وافق عليه، وتنتظر الآن إجابات من حماس، لإظهار أن المقاومة الفلسطينية هي من يعطل صفقة التبادل، ولا يذكر الاقتراح الجديد وقفا للنار في غزة، أو إنهاء الحصار المفروض على الناس هناك، أو عودة السكان المدنيين لبيوتهم في شمال القطاع، واستخدم عبارات مطاطة وفظفاظة تحمل الكثير من المعاني مثل ' تخفيف القيود على عودة السكان لشمال القطاع' .

وفي ظل المقترح الأميركي أكد مسؤولون من الكيان المحتل أنه في حال صدور رد إيجابي من حماس، فإن الوفد الإسرائيلي الذي يضم كبار المسؤولين سيعود على الفور إلى الدوحة، حسب ما نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت.

كما شددوا على أنه لا توجد أزمة تتعلق بصلاحيات الوفد المفاوض.

تأتي تلك التصريحات، بعدما عاد رئيس وفد الاحتلال المفاوض برئاسة رئيس الموساد دافيد بارنياع، ليلة أول من أمس من الدوحة لإطلاع المسؤولين على سير المحادثات غير المباشرة في العاصمة القطرية مع حماس.

وفي حين رأت مصادر إسرائيلية مطلعة أنه على المستوى المهني في التعامل مع الاتصالات وتفاصيل صفقة الأسرى، هناك خلافات في الرأي حول 'مدى استعداد حماس للتوصل إلى اتفاق'.

كما تأتي فيما يرتقب أن يبحث الوفد الأمني برئاسة وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الذي وصل إلى واشنطن بدعوة من وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، قضية اقتحام مدينة رفح والخطط البديلة له، فضلا عن الجهود الإنسانية وإنزال المساعدات جوا وإنشاء الرصيف البحري في القطاع الفلسطيني.

وكانت الولايات المتحدة قدمت أول من أمس خلال المفاوضات في الدوحة 'مقترحا يقرب' وجهات النظر فيما يتعلق بعدد الأسرى الفلسطينيين المسجونين الذين يتعين على إسرائيل إطلاق سراحهم مقابل كل أسير تفرج عنه حركة حماس خلال هدنة جديدة محتملة في غزة.

وشمل المقترح المذكور إطلاق سراح 40 محتجزا إسرائيلياً من أصل 130 لدى حماس، مع وقف إطلاق النار 6 أسابيع، كما طرح فكرة تخفيف شروط عودة السكان إلى شمال غزة.

وتعليقا على المقترح الأميركي أكد سامي أبو زهري المسؤول الكبير في حماس أن الحركة سبق أن قدمت اقتراحاً سابقاً هذا الشهر، وصفته إسرائيل بغير الواقعي، يقضي بأن تفرج السلطات الإسرائيلية عن ما بين 700 وألف سجين فلسطيني مقابل تحرير أسرى إسرائيليين من الإناث والقاصرين وكبار السن والمرضى. كما حمل إسرائيل المسؤولية عن عدم التوصل إلى اتفاق لأنها ترفض حتى الآن الالتزام بإنهاء الهجوم العسكري وسحب قواتها من قطاع غزة والسماح للنازحين بالعودة إلى منازلهم في الشمال.

وتتمسك الحركة الفلسطينية بعودة النازحين إلى الشمال فضلا عن وقف دائم لإطلاق النار، فيما يرفض الجانب الإسرائيلي هذا الأمر.-(وكالات)