ضوء أميركي أخضر لعدوان الاحتلال على رفح

عمان- أعطت الإدارة الأميركية الضوء الأخضر من جديد للاحتلال لشن عدوانه ضد رفح، جنوب قطاع غزة، مع استبدال الاجتياح البري الواسع بشن غارات دقيقة وإنشاء غرفة عمليات مشتركة، أي بمعنى 'قتل المدنيين' بمقدار معين لتهدئة الضغوط الدولية والانتقادات الداخلية للبيت الأبيض.

في حين رفضت المقاومة الفلسطينية مقترحا صهيونيا يقضي بإرسال قوة دولية لإدارة قطاع غزة، مؤكدة أن الشعب الفلسطيني يرفض الوصاية ولديه القدرة على اختيار قياداته ومؤسساته وإحباط المحاولات الأميركية والصهيونية للنيل من استقلالية قراره وسيادته.

واعتبرت الفصائل الفلسطينية أن الاحتلال يسعى مع الولايات المتحدة للالتفاف على الهزيمة النكراء التي مني بها في قطاع غزة، مؤكدة قدرة الشعب الفلسطيني على الحفاظ على سيادته الوطنية.

وقال عضو المكتب السياسي لحركة 'حماس'، حسام بدران، أن الدعوة لتشكيل قوة عربية أو دولية لإدارة غزة مرفوضة، والشعب الفلسطيني يرفض الوصاية.

وأضاف أن أولويات الحركة وقف العدوان وإدخال المساعدات وعودة النازحين وخطة إعمار واضحة، وليس فقط الإفراج عن الأسرى كما يروج الاحتلال، مؤكدا أن 'المقاومة تمارس حقها المشروع، والمكفول بالقوانين الدولية، في مقاومة الاحتلال، وستواجهه حتى الاستقلال التام'.

يأتي ذلك بالتزامن مع طرح الإدارة الأميركية على حكومة الاحتلال مقترحا بديلا لاجتياح رفح في جنوب قطاع غزة، يقوم على شن غارات دقيقة ضد رفح وإنشاء غرفة تحكم مشتركة للتنسيق بشأن العمليات.

وطبقا لوسائل إعلام الاحتلال؛ فإن رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، 'تشارلز براون'، طرح على نظيره الصهيوني 'هيرتسي هاليفي' هذا المقترح، الذي يشمل تأمين حدود غزة مع مصر بالوسائل التكنولوجية، لمنع تهريب الأسلحة، وعزل مدينة رفح جنوب غزة.

وأفادت وسائل الإعلام نفسها بأن 'براون' أكد لنظيره الصهيوني أن واشنطن لن 'تقبل' بسقوط أعداد كبيرة من المدنيين في رفح، في حالة تنفيذ توغل بري، بعد استشهاد آلاف المدنيين في شمال ووسط قطاع غزة.

من جانبها، دانت وزارة الخارجية الفلسطينية، حرب الإبادة التي ترتكبها سلطات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني لليوم الـ 177 على التوالي، والتي تخلف يوميا المزيد من الشهداء والإصابات والمفقودين بمن فيهم الأطفال والنساء.

وأكدت 'الخارجية الفلسطينية'، في تصريح لها أمس، إن سلطات الاحتلال تقوم بتكريس احتلالها العسكري لقطاع غزة من خلال ترسيم ما يسمى بالمنطقة العازلة التي تلتهم مساحة واسعة من القطاع، وتقطيع أوصاله من خلال شق طرق عرضية وطولية وتحويله إلى مناطق معزولة بعضها عن بعضه كما هو الحال في فصل شمال قطاع غزة عن وسطه وجنوبه، في ظل إغلاق شامل لكامل حدود القطاع، والإمعان في تدميره منطقة تلو الأخرى وتحويله إلى مكان غير صالح للحياة.

وحذرت من مخاطر أي ترتيبات تروج لها حكومة الاحتلال بشأن اليوم التالي للعدوان، وتعمل على إنجازها بشكل تآمري وتصفوي بهدف تكريس سيطرتها العسكرية والأمنية على قطاع غزة، وفصله تماما عن الضفة الغربية المحتلة وضرب الجهود الدولية المبذولة لتوحيد جغرافيا دولة فلسطين في ظل الشرعية الفلسطينية المعترف بها.

وطالبت 'الخارجية الفلسطينية'، بضرورة ترجمة الإجماع الدولي على حل الدولتين إلى خطوات عملية لحل الصراع وفقا لقرارات الشرعية الدولية وتحقيق أمن واستقرار المنطقة والعالم، منوهة إلى أن المجتمع الدولي يتحمل المسؤولية عن نتائج وتداعيات إضاعة هذه الفرصة.

في حين يواصل الاحتلال عدوانه ضد قطاع غزة، فبحسب المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، فإن جيش الاحتلال ارتكب جرائم تدمير وحرق واستهداف 1,050 منزلا في محيط مجمع 'الشفاء الطبي'، وقتل أكثر من 400 فلسطيني حتى الآن، منذ بدء العملية العسكرية البرية الجديدة في تلك المنطقة منذ أسبوعين.

وأفاد المكتب الإعلامي في تصريح له أمس، أن جيش الاحتلال ارتكب، منذ بدء عملية اقتحام مجمع 'الشفاء' الطبي، جرائم تدمير وحرق واستهداف، علاوة عن تنفيذ عمليات اعتقال وتعذيب المئات من المرضى والنازحين والطواقم الطبية داخل وفي محيط المجمع.

 وأكد أن جيش الاحتلال ما يزال يحتجز 107 مرضى محاصرين داخل مجمع 'الشفاء' في ظروف غير إنسانية، دون ماء ودواء وطعام وكهرباء.

وأوضح أن من بين المحتجزين 30 مريضا مُقعدا، وقرابة 60 من الطواقم الطبية، فيما لا يزال يمنع كل محاولات إجلاء هؤلاء المرضى من خلال المؤسسات الدولية، ما يضع حياتهم على المحك، وفي خطر محدق.

وأدان المكتب بأشد العبارات عملية اقتحام جيش الاحتلال لمجمع 'الشفاء' الطبي، وقال إنها تمثل 'جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية'، منددا بالصمت الدولي تجاه هذه الجريمة، وبإمعان الاحتلال في قتل وتجويع وتعذيب من هم داخل وفي محيط المجمع.

وحمل الإدارة الأميركية والمجتمع الدولي وبعض دول أوروبا والاحتلال المسؤولية الكاملة نتيجة المشاركة والانخراط في جريمة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي ينفذها جيش الاحتلال.

كما حملهم مسؤولية التماهي مع سياسات الاحتلال الوحشية بحق الشعب الفلسطيني، وبشكل خارق وفظيع ضد القانون الدولي وضد القانون الدولي الإنساني، وخاصة مواقفهم الداعمة لـ “سياسة تجويع” المدنيين والأطفال والنساء.

وطالب كل المنظمات الدولية والدول العربية والإسلامية وكل دول العالم الحر بـ 'الخروج من مربع الصمت والتنديد، إلى مربع اتخاذ المواقف العملية والإجراءات الحقيقية والفعل الميداني، لوقف حرب الإبادة الجماعية، ووقف اقتحام المستشفيات ووقف تدمير القطاع الصحي'.

ولا يزال جيش الاحتلال يحاصر مجمع 'الشفاء'، وينفذ عملية عسكرية هي الأعنف ضد مناطق غرب غزة، منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر الماضي.

وبعد أيام قليلة من حصار المجمع، الذي كان الأكبر في قطاع غزة، قام بمحاصرة مشفى 'الأمل'، و 'مجمع ناصر الطبي' في مدينة خان يونس، بعد أن عاد إليهم من جديد، في إطار عمليته العسكرية البرية التي ينفذها منذ أكثر من ثلاثة أشهر ونصف في مدينة خان يونس جنوبي القطاع.

وقد أجبر جيش الاحتلال الطواقم الطبية والمرضى في مشفى 'الأمل' على إخلائه، رغم وجود حالات مرضية خطيرة، فيما لا يزال يحاصر 'مجمع ناصر'، ويمنع دخول الدواء للمرضى.

جدير ذكره أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر عبرت عن قلقها، بسبب عمليات جيش الاحتلال في مستشفى 'الأمل'، و'مجمع ناصر الطبي' ومستشفى 'الشفاء'، وطالبت باتخاذ كافة الإجراءات لحماية الطواقم الطبية والمدنيين داخل المستشفيات وتجنيبهم التعرض لإصابات.

وأكدت أنه منذ بدء الحرب واصل موظفو ومتطوعو جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني تقديم الخدمات الطبية الطارئة للأهالي في غزة، وسط مستويات عالية وغير مقبولة من الخسائر، بما في ذلك مقتل 15 فردا من زملائهم وإلحاق أضرار بالمرافق الحيوية، مثل مستشفيات الأمل والقدس، وبسيارات الإسعاف.

وفي السياق، أكد مدير مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة، أن مشفاه بات الوحيد المتاح للحالات الحرجة، لافتا إلى أن هذا المشفى يعمل في ظروف قاسية للغاية، كما أن الحالات الموجودة تحتاج لعلاج متقدم لا يتوفر لديهم، ولكنهم يواصلون عملهم رغم شح الإمكانيات والأدوية.