اخبار الاردن
موقع كل يوم -صحيفة السوسنة الأردنية
نشر بتاريخ: ٦ أيار ٢٠٢٥
في عالم تزداد فيه الحاجة إلى الخبرات المتخصصة والتدريب عالي الجودة، تبرز مفارقة مقلقة في بعض منظمات المجتمع المدني التي تُعلن عن حاجتها لمدربين محترفين في مجالات دقيقة، مثل الحوكمة، مكافحة غسل الأموال، بناء القدرات، وغيرها. إلا أن ما يثير الدهشة هو أن لجان المقابلة التي تُكلف باختيار هؤلاء المدربين، في كثير من الأحيان، تفتقر للحد الأدنى من المعرفة بالمجال المطلوب، بل وحتى بأساسيات التدريب.
ليست المشكلة في حداثة سن أعضاء اللجان، بل في غياب التأهيل والتوجيه. ففي عدة تجارب ميدانية، لاحظت أن اللجنة تتكون من موظفين جدد ضمن فرق تنفيذ المشاريع، لا يملكون الخبرة الكافية لتقييم محتوى تدريبي أو فهم الفرق بين مدرب خبير وآخر يملك مجرد شهادة.
الأخطر من ذلك أن معايير الاختيار في بعض الحالات لا تستند إلى الكفاءة، بل إلى اعتبارات غير مهنية مثل المجاملات أو العلاقات الشخصية داخل المؤسسة. هذا النهج يضعف من جودة المخرجات التدريبية، ويهدر فرصًا حقيقية لبناء قدرات المؤسسات والمستفيدين على أسس صحيحة.
إن الاحتراف لا يبدأ من جودة التدريب فقط، بل من دقة اختيار المدرب، وهي عملية تبدأ بلجنة مقابلة واعية، مدركة للمجال، وقادرة على التمييز بين الخبرة الحقيقية والانطباعات الشكلية.
فعلى منظمات المجتمع المدني التي تسعى للتأثير الحقيقي أن تراجع آلياتها الداخلية، وتُعيد النظر في طريقة اختيار كوادرها وشركائها، لأن بناء المجتمعات يبدأ من احترام التخصص، والثقة بالخبرات، لا بتقليصها أو تهميشها