اخبار الاردن
موقع كل يوم -وكالة مدار الساعة الإخبارية
نشر بتاريخ: ٢٠ أيار ٢٠٢٥
عند الإعلان عن قانون جديد أو إطلاق استراتيجية وطنية، يتكرر السؤال في المجالس ووسائل التواصل الاجتماعي: هل سيلتزم الناس؟ وهل هذه القوانين فعّالة حقًا؟ وفي خضم هذا النقاش، يغفل الكثيرون أن السؤال الأهم قد لا يتعلق بجدوى القوانين بحد ذاتها، بل بمدى وعي المجتمع بها واستعداده لتنفيذها. فالقانون ليس مجرد نصوص قانونية، بل هو نتاج لشراكة وحاجة مجتمعية. تمثل القوانين اتفاقًا جماعيًا على نمط حياة معين، ولا يكتمل هذا الاتفاق إلا عندما يشعر المواطن بأنه جزء منه، ويفهم الأسباب والنتائج،ويشعربتأثيرهافي حياته اليومية.على سبيل المثال، قانون السير المعدل لعام 2023، الذي شدد العقوبات على المخالفات، قد ساهم جزئيًا في تقليص الحوادث، لكننا ما زلنا نشهد تجاوزات في الإشارات المرورية والسرعة واستخدام الهاتف في أثناء القيادة. فالعقوبة وحدها ليست كافية؛ ما ينقصنا هو ثقافة احترام الطريق والحياة، وهي ثقافة تُبنى ولا تُفرض. أما بالنسبة لقانون منع التدخين في الأماكن العامة التي صدر في عام 2008، فمَا زالت المقاهي والمكاتب وبعض المستشفيات تعاني من 'دُخَان اللامبالاة' بعد أكثر من 15 عامًا. فمًا السبب وراء ذلك؟ لا يزال الوعي المجتمعي بحاجة إلى مزيد من التطور ليصبح التدخين سلوكًا غير مقبول اجتماعيًا كما هو الحال قانونيًا. تشير التجارِب الدولية إلى أن القوانين التي تعتمد فقط على 'الردع' لا تحقق النجاح المطلوب ما لم تُرافقها حملات توعية شاملة، وتفاعل مجتمعي، وتغيير تدريجي في السلوك الجماعي. ومع ذلك، هناك أنموذجات إيجابية تبرز في هذا السياق، مثل حملة التطعيم ضد كورونا، التي انطلقت في ظل تحديات كبيرة ومخاوف وشائعات. بفضل الحملات لكن التوعية المدروسة، والشراكات بين وزارة الصحة ووسائل الإعلام والمجتمع المدني، ارتفعت نسب التطعيم بشكل ملحوظ، مما ساهم في تقليل الوَفِيَّات واستعادة الحياة الطبيعية.أما مشروع الباص السريع في عمّان، فرغم الاعتراضات في البداية، بدأ المواطنون يدركون الفوائد اليومية الناتجة عن تقليل الازدحام وتوفير الوقت. اليوم، أصبح الباص السريع خيارًا منطقيًا للعديد من المواطنين، وبدأت ثقافة النقل العام تتشكل. كما تمثل مبادرة الطاقة الشمسية في المنازل والمزارع وعيًا بيئيًا واقتصاديًا، حيث دعمتها الحكومة والتسهيلات البنكية، ونجح المجتمع في إدماجها بشكل فعّال.مع أنّ تحقيق بعض النجاحات، لا تزل هناك مجالات تحتاج إلى تعزيز الوعي المجتمعي بشكل عاجل. على سبيل المثال، ورغم وجود تشريعات قوية لحماية البيئة، لا يزال هناك انتشار لمكبات النفايات العشوائية، ومصانع تعمل بشكل غير قانوني، وممارسات زراعية تلوث البيئة. لا يكفي أن نشعر بالغضب تجاه التلوث؛ بل يجب علينا ربط سلوكيات الأفراد بمصير البيئة. مثال آخر هو الاستراتيجية الوطنية للتغير المناخي، التي لا تزل 'غامضة' بالنسبة للكثيرين، وتبدو كأنها نص علمي بعيد من حياة الناس اليومية. من الضروري ربط هذه الاستراتيجية بأمثلة ملموسة تتعلق بالمياه والزراعة والطاقة والصحة. ثم أن القوانين المتعلقة بالذوق العام والنظافة، مثل إلقاء النفايات من نوافذ السيارات أو الكتابة على الجدران، تظهر غياب حس المسؤولية، وليس ضعف القانون.أما عن المسؤولية، فقد نُحمّل الوزارات المعنية جزءًا منها، لكن الحقيقة هي أن الوعي المجتمعي لا يُبنى فقط في الاجتماعات الوزارية إنه عملية تراكمية تشارك فيها عدة جهات: المدرسة بغرس قيم احترام القانون والبيئة. و الإعلام عندما يقدم رسائله بلغة قريبة من الناس، بدلًا من الأسلوب الرسمي الجاف. اما الأسرة عندما تُعلم الطفل أن إلقاء النفايات لا يعتبر مجرد مخالفة، بل هو خيانة لمجتمعه. وأخيراالمواطن نفسه عندما يفهم أن القانون وُضع لحمايته، وليس لتقييده. ما بين الردع والإقناعنحتاج إلى قوانين، نعم. ونحتاج إلى تطبيق صارم، بالتأكيد. لكننا أيضًا نحتاج إلى بناء وعي جمعي يؤمن أن المصلحة العامة لا تتعارض مع حرية الفرد، بل تحميها. فحين يُصبح احترام القانون سلوكًا ذاتيًا لا خوفًا من شرطي أو مخالفة، عندها فقط، نكون قد انتقلنا من دولة قانون... إلى مجتمع قانون.
عند الإعلان عن قانون جديد أو إطلاق استراتيجية وطنية، يتكرر السؤال في المجالس ووسائل التواصل الاجتماعي: هل سيلتزم الناس؟ وهل هذه القوانين فعّالة حقًا؟ وفي خضم هذا النقاش، يغفل الكثيرون أن السؤال الأهم قد لا يتعلق بجدوى القوانين بحد ذاتها، بل بمدى وعي المجتمع بها واستعداده لتنفيذها. فالقانون ليس مجرد نصوص قانونية، بل هو نتاج لشراكة وحاجة مجتمعية. تمثل القوانين اتفاقًا جماعيًا على نمط حياة معين، ولا يكتمل هذا الاتفاق إلا عندما يشعر المواطن بأنه جزء منه، ويفهم الأسباب والنتائج،ويشعربتأثيرهافي حياته اليومية.على سبيل المثال، قانون السير المعدل لعام 2023، الذي شدد العقوبات على المخالفات، قد ساهم جزئيًا في تقليص الحوادث، لكننا ما زلنا نشهد تجاوزات في الإشارات المرورية والسرعة واستخدام الهاتف في أثناء القيادة. فالعقوبة وحدها ليست كافية؛ ما ينقصنا هو ثقافة احترام الطريق والحياة، وهي ثقافة تُبنى ولا تُفرض. أما بالنسبة لقانون منع التدخين في الأماكن العامة التي صدر في عام 2008، فمَا زالت المقاهي والمكاتب وبعض المستشفيات تعاني من 'دُخَان اللامبالاة' بعد أكثر من 15 عامًا. فمًا السبب وراء ذلك؟ لا يزال الوعي المجتمعي بحاجة إلى مزيد من التطور ليصبح التدخين سلوكًا غير مقبول اجتماعيًا كما هو الحال قانونيًا. تشير التجارِب الدولية إلى أن القوانين التي تعتمد فقط على 'الردع' لا تحقق النجاح المطلوب ما لم تُرافقها حملات توعية شاملة، وتفاعل مجتمعي، وتغيير تدريجي في السلوك الجماعي. ومع ذلك، هناك أنموذجات إيجابية تبرز في هذا السياق، مثل حملة التطعيم ضد كورونا، التي انطلقت في ظل تحديات كبيرة ومخاوف وشائعات. بفضل الحملات لكن التوعية المدروسة، والشراكات بين وزارة الصحة ووسائل الإعلام والمجتمع المدني، ارتفعت نسب التطعيم بشكل ملحوظ، مما ساهم في تقليل الوَفِيَّات واستعادة الحياة الطبيعية.أما مشروع الباص السريع في عمّان، فرغم الاعتراضات في البداية، بدأ المواطنون يدركون الفوائد اليومية الناتجة عن تقليل الازدحام وتوفير الوقت. اليوم، أصبح الباص السريع خيارًا منطقيًا للعديد من المواطنين، وبدأت ثقافة النقل العام تتشكل. كما تمثل مبادرة الطاقة الشمسية في المنازل والمزارع وعيًا بيئيًا واقتصاديًا، حيث دعمتها الحكومة والتسهيلات البنكية، ونجح المجتمع في إدماجها بشكل فعّال.مع أنّ تحقيق بعض النجاحات، لا تزل هناك مجالات تحتاج إلى تعزيز الوعي المجتمعي بشكل عاجل. على سبيل المثال، ورغم وجود تشريعات قوية لحماية البيئة، لا يزال هناك انتشار لمكبات النفايات العشوائية، ومصانع تعمل بشكل غير قانوني، وممارسات زراعية تلوث البيئة. لا يكفي أن نشعر بالغضب تجاه التلوث؛ بل يجب علينا ربط سلوكيات الأفراد بمصير البيئة. مثال آخر هو الاستراتيجية الوطنية للتغير المناخي، التي لا تزل 'غامضة' بالنسبة للكثيرين، وتبدو كأنها نص علمي بعيد من حياة الناس اليومية. من الضروري ربط هذه الاستراتيجية بأمثلة ملموسة تتعلق بالمياه والزراعة والطاقة والصحة. ثم أن القوانين المتعلقة بالذوق العام والنظافة، مثل إلقاء النفايات من نوافذ السيارات أو الكتابة على الجدران، تظهر غياب حس المسؤولية، وليس ضعف القانون.
أما عن المسؤولية، فقد نُحمّل الوزارات المعنية جزءًا منها، لكن الحقيقة هي أن الوعي المجتمعي لا يُبنى فقط في الاجتماعات الوزارية إنه عملية تراكمية تشارك فيها عدة جهات: المدرسة بغرس قيم احترام القانون والبيئة. و الإعلام عندما يقدم رسائله بلغة قريبة من الناس، بدلًا من الأسلوب الرسمي الجاف. اما الأسرة عندما تُعلم الطفل أن إلقاء النفايات لا يعتبر مجرد مخالفة، بل هو خيانة لمجتمعه. وأخيراالمواطن نفسه عندما يفهم أن القانون وُضع لحمايته، وليس لتقييده. ما بين الردع والإقناع
نحتاج إلى قوانين، نعم. ونحتاج إلى تطبيق صارم، بالتأكيد. لكننا أيضًا نحتاج إلى بناء وعي جمعي يؤمن أن المصلحة العامة لا تتعارض مع حرية الفرد، بل تحميها. فحين يُصبح احترام القانون سلوكًا ذاتيًا لا خوفًا من شرطي أو مخالفة، عندها فقط، نكون قد انتقلنا من دولة قانون... إلى مجتمع قانون.