اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ٣ كانون الأول ٢٠٢٥
لجان التظلّمات… حين تتعارض البيروقراطية مع القيم السياسية والثقافية للدولة
يعرف الأردنيون أن دولتهم تقوم على قيم سياسية وثقافية راسخة: العدالة، الشفافية، احترام الإنسان، وحفظ كرامة الموظف العام باعتباره حجر الأساس في عمليات البناء الوطني. هذه القيم التي يؤكد عليها جلالة الملك عبدالله الثاني باستمرار — خصوصاً في رؤيته للتحديث الشامل — تُعلي من شأن التشاركية والمهنية وتمكين الإنسان داخل مؤسسات الدولة.
ومع ذلك، تشير بعض المؤشرات إلى وجود فجوة بين هذه القيم وبين الممارسات العملية داخل بعض لجان التظلّمات؛ تلك اللجان التي يفترض أن تكون بيت العدالة المؤسسية، فإذا بها في بعض الحالات تعمل بآليات غير شفافة بشكل كاف، ما يؤثر على مستوى الثقة بين الموظف ومؤسسته.
إلى جانب ذلك، تلعب وحدات الرقابة الداخلية دوراً مهماً في ضبط الإجراءات، وتمتاز بارتباطها المباشر بالوزير، ما يمنحها تأثيراً كبيراً في مسار القضايا الإدارية. غير أن هذا الدور يتطلب أعلى درجات المهنية والوضوح، حفاظاً على الانسجام مع قيم الدولة ورؤيتها الإصلاحية.
ويلاحظ أن بعض الملفات التي تصل إلى لجان التظلّمات أو وحدات الرقابة تحتاج إلى تحسينات في التوثيق والإجراءات، لأنها قد تأتي وفق معطيات غير مكتملة أو صيغ تحتاج إلى تحسين وفق المعايير الإدارية المتبعة، مما يجعل القرارات الناتجة عنها موضع تساؤل من ناحية العدالة والمعايير.
فهناك ملفات لا تمثل أحياناً أساساً كافياً لإجراءات رسمية متقدمة، ومع ذلك تمرّ عبر لجان التظلّمات لتصدر عنها قرارات رسمية معتمدة من الإدارة العليا أحيانًا، وتحمل أحيانًا آثار بيروقراطية ثقيلة قد لا تتطابق دائمًا مع قيم العدالة والإصلاح.
كيف يمكن لدولة تتبنى مشروع تحديث سياسي وإداري طموح أن تسمح بأن تُستنزف طاقات مؤسساتها في قضايا من هذا النوع، بينما تدعو وثائق التحديث إلى تعزيز الأداء وتطوير الإدارة وتمكين الموظف؟ وكيف تمرّ مثل هذه القرارات دون مراجعة متعمقة، بينما تدعو الرؤية الملكية إلى المساءلة والشفافية والتشاركية في إدارة الشأن العام؟
في هذا السياق، تأتي الدعوة إلى دولة رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان بأن يولي وزراءه هذا الطرح اهتماماً لضمان مساءلة المسؤولين وتعزيز الثقة في آليات اتخاذ القرار.
إن ما يجري داخل لجان التظلّمات وما يُحال إلى وحدات الرقابة الداخلية، يوضح الحاجة إلى تقارير تقييمية دقيقة حول القرارات والإجراءات تُرفع بشكل دوري إلى دولة رئيس الوزراء، مع التركيز على وضوح الإجراءات وانسجامها مع القيم الوطنية الراسخة التي بُنيت عليها الدولة الأردنية.
إصلاح هذه المنظومة ليس مجرد تفصيل إداري، بل ضرورة وطنية لضمان أن تعكس القرارات داخل الوزارات قيم العدالة والروح الإصلاحية التي يؤمن بها الأردنيون. فالتحديث يبدأ من احترام الإنسان والقوانين، ومن ضمان أن تكون العدالة ممارسة يومية لا شعاراً عاماً.
لقد آن الأوان لمراجعة دقيقة تضع هذه الملفات على طاولة دولة الرئيس، وتنقل مؤسسات الدولة إلى مستوى يتناغم مع القيم السياسية والثقافية والرؤية الملكية السامية، ورؤية ولي العهد نحو أردن حديث وعادل.












































