اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ٢٧ أيلول ٢٠٢٥
الضمان الإجتماعي والدراسات الإكتوارية
د. ماجد الخواجا
علم الإكتوارية أو التخمينية Actuary، هو علم يتعامل مع الأثر المتوقع للمخاطر وعدم اليقين، ويتم فيه تطبيق أساليب رياضية وإحصائية وهو يشتهر في ارتباطه بعلوم حسابات التأمين، ويحدد حجم ونوع المخاطر التمويلية والتأمينية عن طريق الدراسات الرياضية والمالية بغرض تقييم الوضع والأداء المالي واحتمالات ومسارات ما يمكن أن تؤول إليه أوضاع الشركة/ المؤسسة مستقبلاً أو في القريب العاجل والمتوسط.
فيما يمكن تعريف الضمان الاجتماعي بأنه نظام تأميني تكافلي يهدف إلى حماية الأعضاء اجتماعياً واقتصادياً، بموجب قانون خاص يحدد وظائفه ومهامه ومصادر تمويله وكيفية التصرّف بتلك الأموال ضمن غطار تشريعي يبين الإلتزامات والحقوق بمعادلات متزذنة بين الطرفين.
تأسست مؤسسة الضمان الاجتماعي الأردني بإصدار أول قانون للضمان الاجتماعي عام 1978، وحمل اسم ( قانون مؤقت رقم 30 لسنة 1978). والذي صدر بعده قانون رقم 19 لسنة 2001، وقانون رقم 26 لسنة 2009، والقانون المؤقت رقم 7 لسنة 2010، والقانون رقم 1 لسنة 2014.
بلغ عديد المشتركين في الحماية والتأمين الاجتماعي مليون و 555 ألف مشترك حتى منتصف العام 2024، منهم ما يقرب 95 ألف مشترك اختياري. فيما التحق 34 الف مشترك اختياري جديد خلال عام 2024، ويلتحق سنوياً بالضمان ما يقرب من 100 ألف مشترك.
بلغ عديد الذين يتقاضون الحدّ الأدنى للأجور من المشمولين في الضمان الاجتماعي والبالغ 290 دينار حوالي 188 ألف متقاعد، من بينهم 67 ألف غير أردنيين، يشكّلون 26% من مجموع المشتركين الفعالين.
أعلى راتب تقاعدي في الضمان يصل إلى 22 ألف دينار شهرياً، وهناك 190 مشترك تصل مجموع رواتبهم التقاعدية سنوياً 11 مليون دينار. فيما هناك شريحة لا تحصل إلا على 125 دينار راتباً تقاعدياً. ووصل عدد من يتقاضون رواتب الشيخوخة إلى 106 آلاف متقاعد.
أرقام تدلل على حجم وخطورة وحساسية المهام الموكلة لهذه المؤسسة الوطنية، فهي أحد المحاور الرئيسة للسلم المجتمعي وتحقيق الحد الأدنى من الحاجات الإنسانية والمتمثلة في ضمان حياة ومعيشة كريمة تليق بإنسانية الإنسان وبما قدّمه من أعمال خلال مسيرة حياته.
وحيث أن المؤسسة ومنذ فترة لا بأس بها تعمل على إجراء دراسات إكتوارية لبيان واقع وتحديات ومآلات ومسارات المؤسسة المستقبلية، والتي ستظهر نتائجها قريباً، فإن التوقعات تشير إلى أن مدخرات وموجودات المؤسسة تقارب 18 مليار دينار أردني، وهو رقم غير مسبوق، ويتطلب حصافة ودراية في كيفية إدارة هذا الرقم المالي الضخم، والأمل معقود على المؤسسة بأن تستثمر تلك الأموال في مجالات وقطاعات ناجحة ومجدية اقتصادياً وعوائداً، فيما وحسب أحدث أرقام المؤسسة تظهر أنها حققت صافي دخل من المحافظ الاستثمارية نمواً بنسبة 16% للعام 2024، وبلغ 191 مليون دينار، وهو الأعلى في تاريخ صندوق استثمار أموال الضمان. ولا أعتقد أو يخامرني شكّ بحسن النوايا لدى المؤسسة في ضمان أموال الضمان وحسن إدارتها، حيث هناك أقوال بأن نتائج الدراسة الإكتوارية تشير إلى زيادة عدد الإشتراكات القابلة لتقاضي راتب تقاعدي، أو زيادة نسبة الاقتطاع من المشمولين في الضمان أو تقليل حجم الراتب التقاعدي، وفي جميع تلك الحالات فهي تمثّل نوعاً من التعدّي على حقوق المشتركين دون مشورتهم ناهيك عن موافقتهم.
إن الأصل في الأشياءأن يكون العقد شريعة المتعاقدين، ولا يحق لطرف من جانبه أن يقوم بالتعديل والتغيير في العقد بشكل غير منصف وينتقص من حقوق الطرف الآخر دون الحصول المسبق على قبول وموافقة صريحة ومعلنة منه.
إن المؤسسة التي تناوب عليها إدارات عديدة ومجالس إدارة مختلفة تبعاً لرئيس المجلس وهو وزير العمل، فقد تراوحت بين استثمارات فاشلة وخسارات متعاقبة عبر إكراهها للدخول في عمليات شراكة في مشاريع أثبتت عجزها وكانت تنتظر لحظة الإعلان عن سقوطها الأخير، فيتم إعادة الحياة والتنفّس لها من خلال دخول الضمان كشريك أو مشتري لكامل الأسهم. هناك حديث طويل عن عديد من الشركات والهيئات التي تشارك مؤسسة الضمان في نسبة من أسهمها، والتي تعاني من عجزٍ مقيمٍ لا أمل في الخروج منه.
مع كل ما سبق، فإن الأرقام التي تصدر عن المؤسسة مبشّرة وتمنح الطمأنينة بأن مدخراتها في نمو وتعافي مضطردين، لكن ثمة اقوال بأن المؤسسة في منتصف الطريق الذي سيصل بها إلى أن تتساوى الموجودات مع المطلوبات، وهذا سيحدث خلال عقد من الزمان. حينها ستكون المؤسسة في مواجهة وتحدٍّ صعب من أجل المحافظة وإثبات الحضور ومواصلة تحقيق الأهداف التي قامت لأجلها.