اخبار الاردن
موقع كل يوم -زاد الاردن الاخباري
نشر بتاريخ: ١٢ تشرين الأول ٢٠٢٥
زاد الاردن الاخباري -
كتب : حسين الرواشدة - يدفع الأردن ثمن مواقفه السياسية تجاه القضية الفلسطينية على جبهتين: جبهة عقوق بعض الأبناء، وجبهة جحود بعض الأشقاء، ولكي لا تنطلي على اجيال الأردنيين الحاضرة والقادمة روايات الإفك والزيف التي تروجها بعض التيارات السياسية، ويتبناها انتهازيون من طبقة تقسيم الغنائم الوطنية، لابد أن نصارحهم بالحقيقة؛ الأردن البلد الوحيد في هذه الجغرافيا العربية الذي افتدى فلسطين بنفسه، وتحمل العقوق والجحود دون أن يتنازل عن مواقفه، أو يتوقف عن دعم أشقائه، دماء الشهداء تشهد على ذلك، وتضحيات الأردنيين ومواقفهم خلال العاملين المنصرفين مع أهلنا في غزة تدحض كل افتراء.
جردة الحسابات طويلة وعميقة، للتذكير -فقط - منذ أكثر من 70 عاماً وجد الأردن نفسه محاصراً بالنكران من قبل فصائل وتنظيمات رفعت شعار النضال والتحرر، حين طلبوا رد الوديعة رددناها، فرشقونا بحجارة اتهامات التخاذل، حين وضعنا ارضنا وبلادنا تحت تصرف المقاومة ضد المحتل تحولت اتجاهات البوصلة نحو عمّان، وكدنا نخسر الدولة، حين هبّت رياح السلام والتسويات ذهبنا معاً في وفد واحد، ثم اكتشفنا، متأخرين، أنهم أنجزوا المهمة وتركونا وحدنا، تجاوزنا المفاجأة لحماية سيادة بلدنا وحدودنا،ثم وقعنا «وادي عربة».
لا أريد أن افتح ذاكرة تاريخنا المزدحمة بالخيبات، أريد، فقط، أن أُذكّر العاقّين والجاحدين أن صفحة بلدنا بيضاء، وأن (يوسف الأردني) بريء من كيد إخوته، كما الذئب بريء من دمه المسفوح بسكاكين حقدهم عليه، أريد أن أُذكّرهم أننا لم نتاجر، كغيرنا، بفلسطين، ولم نردّ على الألسن التي تسللت للعبث بصورتنا وقيمنا ومواقفنا إلا بالحُسنى، كنا الأوفى والأنقى والأصدق، هذه طينة الأردنيين وثوابت قيادتهم، فتحوا بيوتهم لكل من طرق أبوابهم، وما اكثرهم، وتقاسموا معهم الرغيف، لا يوجد بلد في العالم أكثر من ثلث سكانه لاجئون إلا الأردن.
الآن، حان الوقت لكي نتصارح، لقد تغيرت المعادلات في هذه المنطقة، ما حدث بعد الحرب على غزة كشف الكثير من الوقائع، على مدى عامين «تقمصنا» غزة، وانشغلنا بتفاصيل مأساتها، الملك أول من واجه ترامب في البيت الأبيض ورفض التهجير، الدبلوماسية الأردنية هي التي قادت التصعيد لتأجيج الرفض الدولي ضد الإبادة التي قامت بها إسرائيل، وهي التي حاصرت الرواية الصهيونية وفككتها، وهي التي اخترقت جبهة العواصم الأوروبية التي دعمت الاحتلال، الأردن أول بلد فتح مجاله البري والجوي لإيصال المساعدات الإنسانية لأهلنا في غزة، الأردن تحدث بأعلى صوت حين صمت الآخرون، وتحرك بأقصى سرعة حين راهن البعض على «حكمة» الانتظار.
يريد البعض، ممن قفزوا فوق مركب غزة وحولوها إلى بازارات للتجارة السياسية، أو ممن وجد في الدماء البريئة فرصة للتطهر من أخطائهم ومواقفهم المغشوشة، أن يضعوا بلدنا أمام أسئلة غير بريئة، تشكك في جهوده، أو تتشمت بعدم حضوره على طاولة الهدنة، أو تسيء لمن دافعوا عن مواقفه، أو تنتقص من فاعلية مؤسساته، وتوازن خياراته، لهؤلاء أقول: الأردن يعرف تماماً أين يقف، ومتى يحضر، ولماذا يغيب، الدفاع عن مواقفه شرف، والالتفاف حول قيادته وجيشه واجب، والاستدارة نحو قضايا الأردنيين وهمومهم وطموحاتهم أصبحت هي الخيار الصحيح.