اخبار الاردن
موقع كل يوم -صحيفة السوسنة الأردنية
نشر بتاريخ: ١٦ حزيران ٢٠٢٥
برغم تأكيد وتكرار الرئيس ترامب ونتنياهو أن هدف الولايات المتحدة وإسرائيل النهائي هو منع إيران من امتلاك سلاح نووي ولكن يختلفان على الطريقة والأسلوب بين التصعيد والحرب مقابل المفاوضات التي يفضلها الرئيس ترامب. حتى لو امتلكت إيران السلاح النووي فلن تستخدمه ضد إسرائيل أو في المنطقة. قصفت الولايات المتحدة بالسلاح النووي نهاية الحرب العالمية الثانية قنبلتين نوويتين على هيروشيما وناكازاغي ـ لفرض واقع تفوقها. صار السلاح النووي يستخدم لاحقا لحماية أنظمة من السقوط، كحال كوريا الشمالية وسعي إيران لامتلاك سلاح نووي برغم تحريم فتوى المرشد لذلك.
لكن إسرائيل تجرأت بشن عملية «الأسد المتوثب» واستهداف منشآت إيران النووية والعسكرية والصاروخية والاستخباراتية والقيادة والتحكم واغتيال 20 من كبار القيادات العسكرية و6 خبراء نوويين من الصف الأول، بهدف كسر هيبة إيران وقدرتها على الردع، وإلحاق ضربات هي الأكبر والأخطر والأكثر كلفة على النظام منذ الحرب العراقية-الإيرانية قبل 40 عاما متجاوزة ضرب منشآت إيران النووية إلى إضعاف النظام والتحريض الشعبي ضده. لذلك تستمر إسرائيل بقصف إيران بلا رادع!!
واعترفت إيران بمقتل العشرات وإصابة المئات في هجمات اليوم الأول، وتدمير قدرات إيران الصاروخية والقيادة والتحكم ومراكز الصواريخ. وهذا يُضعف مكانة وسمعة وقدرة إيران التي بذلت جهوداً جبارة وبكلفة كبيرة وعقوبات خلال 40 عاما لتحقيقها، لتتمكن إسرائيل بتدميرها بهجمات وبدعم وتنسيق أمني واستخباراتي أمريكي!
وكان ملفتا انقلاب الأوضاع خلال أيام، وخاصة تصويت مجلس الحكام التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية يدين خرق إيران لالتزامها بالاتفاقيات مع الوكالة. وكان جزءا من التضليل والخداع الأمريكي ـ تأكيد الرئيس ترامب بمكالمته مع نتنياهو أنه يفضل منح المفاوضات فرصة والتحضير لجولة سادسة في سلطنة عمان!!
وتعمدت إدارة ترامب إظهار خلافات وتباين بين موقف إدارة ترامب وصقور إدارته، يطالبون بصفر تخصيب لإيران ـ وضغوط نتنياهو لشن حرب على إيران. ويبقى سقف الموقف الإيراني في مفاوضات الاتفاق النووي يتلخص بمطالب إيرانية واضحة: مع إصرار إيران على وجوب تضمن الاتفاق النووي رفع العقوبات على إيران وحق إيران الاستمرار بتخصيب اليورانيوم بنسب منخفضة برقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية لبناء الثقة. وهو ما يرفضه نتنياهو ويطالب بإنهاء تفكيك برنامج إيران النووي والمنشآت النووية بالكامل. وهو ما ترفضه إيران كلياً! لذلك طلب الرئيس ترامب من الرئيس الروسي بوتين لعب دور في مفاوضات النووي الإيراني. وكان ذلك جزءا من الخداع والتضليل المشترك!! ما أعطى إسرائيل بغطاء أمريكي مبررا للتصعيد ضد إيران ليُترجم فجر الجمعة الماضي بشن العملية النوعية الاستباقية.
حقق نتنياهو حلما راوده منذ إدارة الرئيس بوش الابن قبل عقدين من الزمن. مع علم ترامب أن نتنياهو لن ينجح بتدمير منشآت إيران النووية دون مشاركة أو قيادة أمريكية للعملية العسكرية. لأن إسرائيل لا تملك مقاتلات-(B-2)الشبح ـ التي يمكنها حمل قنابل GBU-57مدمرة لتحصينات أعماق سحيقة. وكان مدير عام وكالة الطاقة الذرية أشار أن منشآت إيران النووية تقع على عمق 800 متر تحت الأرض ومحمية بدفاعات جوية متطورة. كما أن نجاح إيران بعملية استخباراتية بالاستيلاء على وثائق بالغة السرية داخل إسرائيل يضع بحوزة إيران معلومات بالغة الأهمية تعزز موقف إيران الردعي ويكشف امتلاك إيران سلاحا نوويا تقدره بعض المصادر الموثوقة ب100 رأس نووي. كما يضع مواقع منشآت إسرائيل النووية في مرمى الصواريخ الإيرانية بشكل أكثر دقة. وضمن عملية الخداع والتضليل الأمريكية ـ نُقل أن الرئيس ترامب رفض عملية عسكرية طالما أن المفاوضات مستمرة.
وللتذكير نتنياهو حرّض ضد الاتفاق النووي في عهد الرئيس أوباما عام 2015 بخطابه في الكونغرس. وحرّض ترامب على الانسحاب من الاتفاق النووي، لتنسحب إدارة ترامب من الاتفاق النووي وتفرض أقسى العقوبات على إيران في مايو 2018.
كما ترنح تحالف ائتلاف حكومة نتنياهو الهشة، بعد طلب رؤساء المعارضة وأحزاب الحريدية الدينية رفضا لتجنيد أتباعهم، بحل الكنيست ما سيستدعي إجراء انتخابات برلمانية مبكرة خلال 90 يوماً، سيخسرها نتنياهو حسب استطلاعات الرأي.
ويخشى نتنياهو مع مسؤولين أن «عدم تحقيق الانتصار في غزة على حماس لن يكون هناك شيء نترشح عليه في الانتخابات القادمة».
وملفت تأكيد ترامب عدم المشاركة في العملية العسكرية باستثناء منح ترامب الضوء الأخضر والتنسيق قبل شن عملية باغتيال وتصفية الصف الأول من قيادات الحرس الثوري ورئيس أركان القوات المسلحة وعلماء نوويين وضرب مفاعل نطنز للتخصيب النووي. وذلك كان بالتنسيق واطلاع الولايات المتحدة مسبقاً.
الرد الإيراني الانتقامي بالمسيرات والصواريخ في اليوم الأول وإلحاق أضرار كبيرة في تل أبيب يشير لتصعيد المواجهة ضمن خطوط حمراء. وعدم مشاركة حلفاء إيران، لترميم الردع الإيراني.
أعلن نتنياهو في كلمة ألقاها مساء الجمعة مع استمرار عملية «الأسد المتوثب» أنه لا يعرف مدة العملية العسكرية، وقد تمتد لأيام من الغارات والضربات. وأن العملية تشكل نقطة تحول تاريخية في إنهاء المحور الإيراني. و«استهدفنا جزءا مهما من قياداتهم».
وأشارت شبكة CNN إلى أن الاستخبارات الأمريكية تدرك هدف إسرائيل البعيد المدى: هو إسقاط النظام الإيراني بالانقلاب الداخلي عليه.. ولذلك يحرّض نتنياهو في آخر كلمه ألقاها، فيما تستمر الضربات الإسرائيلية بلا توقف على إيران: مخاطباً الإيرانيين كما خاطب قبلهم اللبنانيين ـ عارضاً: «إذا عملنا بطريقة صحيحة يمكن أن نصل إلى تغيير كبير في إيران!»
وهدف نتنياهو واضح بإقناع ترامب والشعب الإيراني بأن استراتيجية إسرائيل وحتى ترامب الذي صرح(تعرضت إيران لضربة مدمرة وغير واضح أنه لا يزال لديها برنامج نووي)!! أن العملية العسكرية-ستعزز فرص إضعاف النظام بتصفية قياداته والمؤسسة الحاكمة وإحداث انتفاضات شعبية وصولا لإسقاط النظام الإيراني. وهذا ضرب من الخيال!