اخبار الاردن
موقع كل يوم -وكالة مدار الساعة الإخبارية
نشر بتاريخ: ٦ أيار ٢٠٢٥
في كل دورة لمجلس النواب، نشاهد التوتر والصراخ، مثيرةً تساؤلاتٍ مشروعة حول طبيعة العمل البرلماني وأداء ممثلي الشعب. فهل تحوّل المجلس إلى مسرح للجدال؟ وأين ذهبت هيبته؟ 'أقعد... اطلع بره... أنا بدير الجلسة'.. عبارات باتت مألوفة في افتتاح كل دورة جديدة لمجلس النواب، حتى قبل أن تُرفع الجلسة الأولى، تسقط هيبة القبة، وتتسرب خيبة الأمل من جديد إلى قلوب الأردنيين. مشهدٌ لا يُبشر بولادة دورة برلمانية تحمل ما ينتظره الناس من عمل جاد، بل يوحي بمسرحية اعتاد عليها الشارع، حفظ حواراتها ومشاجراتها ومواقف الانسحاب منها.منذ تأسيس البرلمان الأردني، علّق المواطنون آمالًا كبيرة على هذه المؤسسة لتكون صوتهم الحقيقي، ومرآة تطلعاتهم، ومراقبا صارما على أداء الحكومات. لكن الواقع، وللأسف، لا يزال يُظهر مجلسا يُشغل نفسه بخلافات شخصية، وصراخ، واستعراضات تُبثّ مباشرة على الهواء، في وقت يلهث فيه الناس خلف لقمة العيش، والتعليم، والرعاية الصحية، وحلول البطالة.البرلمان ليس حلبة مصارعة، ولا ساحة لتسجيل المواقف أو كسب الإعجابات. هو منصة تشريعية ورقابية، تتطلب من أعضائها الهدوء والحكمة والاحترام المتبادل. لكن ما نراه اليوم تحت القبة يعكس عجزا واضًا في فهم الدور النيابي، ويؤسس لحال من الفوضى تنسف المعنى الحقيقي للديمقراطية، وتُفقد الناس ثقتهم بمؤسسة يُفترض أنها الأقرب إليهم.المشكلة لم تعد فقط في سلوك بعض النواب، بل في غياب الإجراءات الرادعة والانضباط البرلماني. كم من جلسة تعطلت أو أُجلت بسبب مشادة أو انسحاب؟ وكم من قانون مرّ بدون نقاش حقيقي لأنه طُرح في أجواء مشحونة بالصراخ والاتهامات؟ أين رئاسة المجلس من فرض هيبة الجلسات واحترام النظام الداخلي؟الناخب الأردني لم يمنح صوته لنائب كي يراه يتشاجر أو يصرخ على الهواء. من اختاره المواطن، عليه أن يعي أن تمثيل الناس ليس امتيازا بل أمانة، وأن مكانه تحت القبة ليس مسرحا للشهرة، بل مسؤولية وطنية تتطلب التواضع والانضباط والجدية. وعندما يغيب هذا الوعي، يصبح البرلمان عبئا لا أداة إصلاح.في المقابل، تقع على الناخب أيضا مسؤولية كبيرة. فاختيار النائب لا يجب أن يكون بناءً على عصبية عشائرية، أو شعبية سطحية، بل على أساس الكفاءة والوعي السياسي والقدرة على التشريع والمساءلة. إن أَردنا برلمانًا يشرّفنا، علينا أن نحسن اختيار من يُمثلنا.اليوم، أكثر من أي وقت مضى، نحن بحاجة إلى مراجعة شاملة لطريقة أداء مجلس النواب، وإلى تدريب أعضائه على أصول الحوار البرلماني، وثقافة الاختلاف المحترم. كما أن للإعلام والمجتمع المدني دورا مهما في رصد الخلل، وفضحه، والمطالبة بتصحيحه بدون مواربة.استعادة هيبة البرلمان لا تكون بالشعارات، بل تبدأ من احترام الجلسة، واحترام الناس، وتقديم المصلحة العامة على أي خلاف. نحتاج إلى مجلس يُشبه الناس، لا يُخجلهم. مجلس يناقش القوانين بجدية، لا يمررها وسط الضجيج. مجلس يُعلي صوت الوطن، لا صوت الميكروفونات.فمجلس النواب ليس مسرحا.. بل هو منبر الوطن، صوت الشعب، وعنوان كرامة الدولة.
في كل دورة لمجلس النواب، نشاهد التوتر والصراخ، مثيرةً تساؤلاتٍ مشروعة حول طبيعة العمل البرلماني وأداء ممثلي الشعب. فهل تحوّل المجلس إلى مسرح للجدال؟ وأين ذهبت هيبته؟
'أقعد... اطلع بره... أنا بدير الجلسة'.. عبارات باتت مألوفة في افتتاح كل دورة جديدة لمجلس النواب، حتى قبل أن تُرفع الجلسة الأولى، تسقط هيبة القبة، وتتسرب خيبة الأمل من جديد إلى قلوب الأردنيين. مشهدٌ لا يُبشر بولادة دورة برلمانية تحمل ما ينتظره الناس من عمل جاد، بل يوحي بمسرحية اعتاد عليها الشارع، حفظ حواراتها ومشاجراتها ومواقف الانسحاب منها.
منذ تأسيس البرلمان الأردني، علّق المواطنون آمالًا كبيرة على هذه المؤسسة لتكون صوتهم الحقيقي، ومرآة تطلعاتهم، ومراقبا صارما على أداء الحكومات. لكن الواقع، وللأسف، لا يزال يُظهر مجلسا يُشغل نفسه بخلافات شخصية، وصراخ، واستعراضات تُبثّ مباشرة على الهواء، في وقت يلهث فيه الناس خلف لقمة العيش، والتعليم، والرعاية الصحية، وحلول البطالة.
البرلمان ليس حلبة مصارعة، ولا ساحة لتسجيل المواقف أو كسب الإعجابات. هو منصة تشريعية ورقابية، تتطلب من أعضائها الهدوء والحكمة والاحترام المتبادل. لكن ما نراه اليوم تحت القبة يعكس عجزا واضًا في فهم الدور النيابي، ويؤسس لحال من الفوضى تنسف المعنى الحقيقي للديمقراطية، وتُفقد الناس ثقتهم بمؤسسة يُفترض أنها الأقرب إليهم.
المشكلة لم تعد فقط في سلوك بعض النواب، بل في غياب الإجراءات الرادعة والانضباط البرلماني. كم من جلسة تعطلت أو أُجلت بسبب مشادة أو انسحاب؟ وكم من قانون مرّ بدون نقاش حقيقي لأنه طُرح في أجواء مشحونة بالصراخ والاتهامات؟ أين رئاسة المجلس من فرض هيبة الجلسات واحترام النظام الداخلي؟
الناخب الأردني لم يمنح صوته لنائب كي يراه يتشاجر أو يصرخ على الهواء. من اختاره المواطن، عليه أن يعي أن تمثيل الناس ليس امتيازا بل أمانة، وأن مكانه تحت القبة ليس مسرحا للشهرة، بل مسؤولية وطنية تتطلب التواضع والانضباط والجدية. وعندما يغيب هذا الوعي، يصبح البرلمان عبئا لا أداة إصلاح.
في المقابل، تقع على الناخب أيضا مسؤولية كبيرة. فاختيار النائب لا يجب أن يكون بناءً على عصبية عشائرية، أو شعبية سطحية، بل على أساس الكفاءة والوعي السياسي والقدرة على التشريع والمساءلة. إن أَردنا برلمانًا يشرّفنا، علينا أن نحسن اختيار من يُمثلنا.
اليوم، أكثر من أي وقت مضى، نحن بحاجة إلى مراجعة شاملة لطريقة أداء مجلس النواب، وإلى تدريب أعضائه على أصول الحوار البرلماني، وثقافة الاختلاف المحترم. كما أن للإعلام والمجتمع المدني دورا مهما في رصد الخلل، وفضحه، والمطالبة بتصحيحه بدون مواربة.
استعادة هيبة البرلمان لا تكون بالشعارات، بل تبدأ من احترام الجلسة، واحترام الناس، وتقديم المصلحة العامة على أي خلاف. نحتاج إلى مجلس يُشبه الناس، لا يُخجلهم. مجلس يناقش القوانين بجدية، لا يمررها وسط الضجيج. مجلس يُعلي صوت الوطن، لا صوت الميكروفونات.
فمجلس النواب ليس مسرحا.. بل هو منبر الوطن، صوت الشعب، وعنوان كرامة الدولة.