اخبار الاردن
موقع كل يوم -الوقائع الإخبارية
نشر بتاريخ: ٢٥ حزيران ٢٠٢٥
الوقائع الاخبارية:قال رئيس الجمعية الفلكية الأردنية عمار السكجي، إن التقنيات الحديثة في مجالات الفيزياء والرصد الفضائي تُعيد رسم حدود القدرة على كشف الطائرات الشبحية والصواريخ الفرط صوتية، مشيرًا إلى أن التطورات في مجال 'الرادار الكمومي' تمثل تحولًا استراتيجيًا في فهم أنظمة الكشف والدفاع الجوي.
وأوضح السكجي، وهو فيزيائي نظري، أن الطائرات الشبحية تعتمد في تصميمها على مواد وأشكال تقلل من انعكاس الموجات الكهرومغناطيسية، ما يجعل رصدها عبر الرادارات التقليدية أو الأشعة تحت الحمراء أو الأجهزة البصرية والصوتية أمرًا بالغ الصعوبة، نظرًا لمقطعها العرضي الراداري المنخفض (RCS).
وأضاف أن قياس سرعات الأجسام الجوية والفضائية يتم باستخدام وحدة 'ماخ'، والتي تعادل سرعة الصوت عند مستوى سطح البحر (نحو 1225 كم/ساعة).
ولفت النظر إلى أن الصواريخ الفرط صوتية قد تصل سرعتها إلى 25 ماخ (أكثر من 30 ألف كم/ساعة)، حيث تمتلك روسيا صواريخ بسرعة 27 ماخ، تليها الصين بـ 25 ماخ، ثم الولايات المتحدة والهند بـ 24 ماخ، فيما تطور إيران صواريخ تصل إلى 15 ماخ.
وضرب مثالًا بصاروخ إيراني بسرعة 15 ماخ يمكنه الوصول إلى هدف في مواقع إسرائيلية خلال 6 إلى 8 دقائق فقط، بناءً على المسافة الجغرافية التي تتراوح بين 1800 و2300 كم.
وأكد السكجي أن الاعتماد على أنظمة الرادار التقليدية لم يعد كافيًا في ظل التوسع باستخدام الطائرات دون طيار والصواريخ الشبحية، مما يدفع باتجاه تطوير أنظمة كشف تتخطى قدرات الرادارات الكلاسيكية، مثل رادارات الفتحة الاصطناعية والرادارات الثنائية والمستمرة ذات التعديل الترددي. إلا أن فعالية هذه الأنظمة تبقى مرتبطة بخصائص الهدف، كالشكل والمادة ومدى امتصاصه للموجات.
وأشار السكجي إلى بروز تقنية 'الرادار الكمومي' التي تعتمد على ظواهر كمومية مثل التشابك الكمومي ومبدأ عدم التحديد لهايزنبرغ. وذكر أنه في عام 2015 نُشر بحث محوري في مجلة Physical Review Letters بعنوان Microwave Quantum Illumination، تناول إمكانية استخدام الإضاءة الكمومية لرصد الأجسام ذات الانعكاسية المنخفضة في بيئات ضوضائية.
وبيّن أن هذه التقنية تعتمد على توليد أزواج من الفوتونات المترابطة كموميًا، يُرسل أحدها إلى الهدف ويُحتفظ بالآخر كمرجع، لتُجرى مقارنة دقيقة بينهما عند الارتداد. ولفت إلى أن الميزة الأساسية في هذه التقنية أنها لا تتطلب بقاء الترابط الكمومي خلال الرحلة، بل تعتمد على الترابطات الإحصائية التي تبقى فعالة حتى في البيئات التي تفقد فيها الرادارات التقليدية كفاءتها.
وأضاف أن الرادارات الكمومية تتميز بقدرتها على كشف الأهداف الشبحية، ومقاومة التشويش والخداع الإلكتروني، والعمل بإشعاع منخفض يصعب كشفه، مع مرونة في التشغيل ضمن نطاقات تردد متعددة، من الميكروويف وحتى الضوء المرئي.
مع ذلك، أشار السكجي إلى وجود تحديات أمام التطبيق العملي، مثل الحاجة لتوليد فوتونات مترابطة بمعدلات عالية، وتطوير كواشف دقيقة، واستخدام ذاكرة كمومية لحفظ الفوتونات المرجعية، بالإضافة إلى ضرورة دمج هذه الأنظمة مع شبكات القيادة والسيطرة في الجيوش الحديثة، وهو ما يتطلب تعاونًا واسعًا بين المختبرات الفيزيائية والمؤسسات العسكرية.
ونوّه إلى أن عدة دول بدأت خطوات عملية في هذا المجال، حيث كشفت الصين في يونيو 2025، عبر شركة CETC، عن أول رادار كمومي قابل للبرمجة أثبت في تجاربه الأولية قدرته على كشف الأهداف الشبحية في بيئات إلكترونية معقدة. كما تعمل دول مثل كندا وألمانيا وفرنسا على نماذج متقدمة باستخدام موجات ميكروويفية كمومية، إلى جانب العديد من الأبحاث غير المنشورة.
وقال إن 'بينما تبقى ظاهرة دوبلر والرادارات الكلاسيكية أدوات أساسية في الدفاع الجوي، فإن المستقبل القريب يشير إلى مرحلة تكنولوجية جديدة يُعاد فيها تعريف مفاهيم الرؤية والردع، فمن يمتلك الرؤية الكمومية، يمتلك التفوق العملياتي. وفي سماء المستقبل، سيكون المنتصر هو من يرى قبل أن يُرى، ويضرب قبل أن يُكشف'.
وبين السكجي أن التكامل بين الذكاء الاصطناعي والحواسيب الكمومية يشكّل إضافة نوعية لأنظمة الرادارات الكمومية، حيث يُعدّ الذكاء الاصطناعي (AI) مكوّنًا أساسيًا في تعزيز دقة الرصد وسرعة اتخاذ القرار.
وأوضح أن تقنيات التعلم الآلي (Machine Learning) والتعلم العميق (Deep Learning) تُستخدم لتحليل ملايين الإشارات والأنماط في الزمن الحقيقي، لا سيما عند دمج منظومات الذكاء الاصطناعي مع الرادار الكمومي، بهدف التعرف على التهديدات المحتملة خلال أجزاء من الثانية، والتنبؤ بمسارات الأجسام الطائرة استنادًا إلى بيانات آنية.
وأضاف أن هذا التكامل يُعزز كذلك قدرات الدمج متعدد الحساسات (Sensor Fusion) بين الرادارات، والأقمار الصناعية، والطائرات، وأنظمة الهجمات المركبة.