اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ٢١ تموز ٢٠٢٥
الراحة التي لا تُمنَح… إلا بعد تعب
كتب وسام السعيد - كلما سعى الإنسان المعاصر إلى الراحة، وجد في طريقه مزيدًا من التعب. مفارقة نعيشها يوميًا دون أن ندركها: نركض خلف الراحة، فإذا بنا نُرهَق أكثر.
وكأن الحياة تُخبرنا بلغة خفية أن الراحة لا تُمنَح… بل تُنتزَع بعد كفاح.
في الزمن القديم، لم تكن الراحة هدفًا بحدّ ذاتها، بل نتيجة تلي التعب، وشعورًا طبيعيًا بعد الإنجاز.
كان الناس يرددون بفطرتهم:
'لا أطيب من لقمة على جوع، ولا أدفى من لبسة على عُري، ولا أريح من نومة على تعب.”
كلمات بسيطة، لكنها تلخّص فلسفة حياة كاملة: الراحة لا تُشترى، ولا تُستعجل… بل تُستحق.
الراحة ليست منتجًا جاهزًا يُباع، بل شعور عميق يُولد من رحم التعب.
لكننا اليوم نعيش في عالم يُسوّق للراحة وكأنها سلعة سهلة.
نقنع أنفسنا أننا نستحق الراحة، حتى لو لم نبذل جهدًا.
نريد النوم بلا تعب، والمتعة بلا جوع، والمكافأة دون إنجاز. وهنا تكمن المعضلة.
دعونا نكن صريحين… اللي بدو يرتاح وهو قاعد، مثل اللي بدو يضعّف وهو بياكل معمول!
الراحة مش كافية وقعدة 'إنستغرامية'… الراحة نومة تقيلة بعد تعب حقيقي، ولقمة لذيذة بعد صبر، وحضن دافي بعد برد.
والأجمل؟ أن هذا التعب، حين يكون نزيهًا وشريفًا، لا يُتعب الروح… بل يرويها. تعب الجسد يُريح القلب.
والشغل الصادق يجيب راحة بال.
نحتاج اليوم، في مؤسساتنا، ومدارسنا، وحتى بيوتنا، أن نعيد تعريف الراحة للأجيال الجديدة:
ليست غياب الجهد، بل ثمار الجهد. وليست نُزهة دائمة، بل استراحة مُقاتل بعد معركة.
فالراحة، في حقيقتها، ليست غاية نركض إليها… بل نعمة تأتي إلينا بعد أن نكون قد أدّينا ما علينا.
الراحة مش شي بندوّر عليه… الراحة هي اللي بتيجي بعد ما نعمل اللي علينا.
الراحة ليست هدفًا… بل نتيجة. نتيجة لتعبٍ شريف، وعملٍ نزيه، وصبرٍ جميل.