السكوتر الكهربائي .. واقع جديد يفرض نفسه في شوارع العقبة

زاد الاردن الاخباري -

بات مشهد 'السكوتر' الكهربائي في العقبة مألوفا وجزءا من المشهد اليومي الذي يميز المدينة الساحلية، حيث يستخدمه العاملون في القطاعات المختلفة والسياح على حد سواء كوسيلة تنقل سريعة واقتصادية تواكب روح الحداثة والحركة في المدينة.

ورغم أن السكوتر يمثل وسيلة صديقة للبيئة وسريعة واقتصادية، إلا أن غياب التنظيم والرقابة جعله خطرا متحركا يهدد سلامة السائقين والمشاة والمركبات، خصوصا في مناطق تعد 'عمياء' من الناحية المرورية، أي تفتقر إلى الرؤية الواضحة أو الإشارات التحذيرية اللازمة، لا سيما أنها تنتشر على نحو لافت ويقود الأطفال بعضها، في وقت تشهد فيه العقبة حركة سير نشطة، مما يجعل مرور 'السكوترات' فيها مغامرة محفوفة بالمخاطر.

وينتشر في العقبة أكثر من 1500 'سكوتر' كهربائي يستخدمها ويقودها عمال وسياح ومواطنون من مختلف الأعمار، بالإضافة إلى الأطفال دون سن 18 سنة.

ويؤكد مواطنون وسائقو مركبات أن 'السكوتر' الكهربائي أصبح سريع الانتشار في مناطق العقبة وبين الأحياء والشوارع الرئيسية، ويقوده مواطنون وشبان يحملون هواتفهم لتوثيق تجربتهم، وآخرون من العاملين في المطاعم والمحلات يستخدمونه كوسيلة نقل سريعة بين منازلهم وأماكن عملهم، لا سيما الأطفال الذين لا يعرفون قانون السير، خصوصا على التقاطعات الرئيسية والإشارات الضوئية، حيث يتحركون بين المركبات ويسيرون بعكس الاتجاه أو على الأرصفة، أو بسرعات تتجاوز الحدود الآمنة، ما يثير قلق السائقين والمشاة على حد سواء.

ويقول المواطن محمد الكباريتي 'إن السكوتر الكهربائي ظاهرة جميلة ومريحة، لكنها خرجت عن السيطرة، ذلك أن كثيرا من سائقي السكوتر، خصوصا من هم دون سن 18 عاما، لا يلتزمون بمسار محدد، ولا يرتدون الخوذة أو أدوات الحماية، والأسوأ أنهم يقودون في أماكن لا تصلح للسير مثل الدواوير والتقاطعات والإشارات الضوئية والازدحامات المرورية، مما يسبب حوادث يومية صغيرة لا يتم توثيقها'.

وسيلة رزق لعاملي التوصيل

أما السائق محمود الرواشدة، الذي يعمل في توصيل الطلبات عبر 'سكوتر' كهربائي، فيشير إلى 'أن أغلب الحوادث تقع في الأماكن التي تكون فيها الرؤية ضعيفة أو الطريق غير مهيأ'، مستذكرا أنه 'في إحدى المرات، انزلق السكوتر بسبب حفرة صغيرة على الشارع قرب الإشارة الضوئية، وانتهى الأمر بإصابة طفيفة في ساقه'.

ويضيف 'أن السكوتر بالنسبة إلينا وسيلة رزق نعمل عليها منذ الصباح ولساعات متأخرة من الليل، لكن في غياب التنظيم أصبح هناك خلط بين السائقين الذين لديهم ترخيص والذين لا يملكون أي التزام، وهذا يؤثر على سمعة الجميع، لا سيما أن هناك سكوترات كهربائية يقودها أطفال ومراهقون'.

وأشار صاحب محل تأجير 'سكوترات' إلى 'أن الطلب على السكوتر ارتفع بشكل كبير خلال العامين الماضيين'، مؤكدا في الوقت ذاته، أنه 'يتم تأجير السكوتر بعد شرح بسيط عن طريقة الاستخدام، لكن لا توجد تعليمات واضحة من الجهات الرسمية حول مناطق السير المسموح بها في العقبة، وأحيانا يأخذه المستأجر ويسير فيه على الطرق الرئيسية، وهذا خطر جدا، خصوصا في الليل'.

وأوضح 'أن بعض المحلات تلتزم بوضع خوذة وتأمين بسيط للمستأجر، لكن هناك محلات أخرى تعمل من دون ترخيص كاف، وتسمح حتى للأطفال أو لمن لا يجيدون القيادة بالاستئجار'.

ويرى السائح جورج الكسا 'أن السكوتر تجربة ممتعة، خصوصا في العقبة، لكنها تحتاج إلى تنظيم أكثر وطرق آمنة'، مبينا أنه 'استخدم السكوتر خلال زيارته للعقبة في الصيف الماضي عند المساء على الكورنيش، لكنه واجه لحظات خوف عند تقاطع الطرق، لأن السيارات لا تشاهد في أغلب الأحيان السكوتر في منتصف الشارع'.

وأكد كذلك 'أن السياح لا يعرفون القوانين الخاصة بالسكوتر، والمشكلة أنه لا توجد إشارات أو مسارات خاصة، وهنا تحدث فوضى قد تتسبب بحادث سير'.

ويتزامن انتشار 'السكوتر' الكهربائي مع تفاقم أزمة السير في العقبة، خصوصا في أوقات الذروة نهاية الأسبوع والمواسم السياحية، ومع تزايد أعداد المركبات وغياب المواقف المنظمة، أصبحت الشوارع أكثر ازدحاما، ما يجعل من 'السكوتر' خيارا منطقيا للبعض، لكنه خطر محتمل في ظل هذه الفوضى.

إنشاء مسارات خاصة

وبحسب سائق التاكسي ناصر الحويطات، فإنه 'في بعض الأحيان أثناء القيادة، يفاجئك ظهور سكوتر كهربائي من الجهة اليمنى أو بين المركبات بشكل مفاجئ، وقد تعرضت أكثر من مرة لمواقف اضطررت فيها للتوقف فجأة لتفادي الاصطدام'، مطالبا بـ'وضع قوانين واضحة ومنظمة لاستخدام السكوترات الكهربائية، مشابهة لما هو معمول به في تنظيم حركة الدراجات، لضمان سلامة السائقين والمشاة على حد سواء'.

ويقترح المواطن عادل الطراونة مجموعة من التوصيات التي يرى أنها ستسهم في الحد من المخاطر وتحسين تجربة التنقل، ومنها 'إنشاء مسارات خاصة للسكوترات على طول الشوارع السياحية، لا سيما الكورنيش ووسط المدينة، لتفادي التداخل مع حركة المركبات والمشاة، وإلزام محلات التأجير بتوفير خوذ حماية وتأمين للمستأجرين، مع تحديد عمر أدنى لاستخدام السكوتر لضمان السلامة، وإطلاق حملات توعية مرورية تستهدف السائقين والسياح لتعريفهم بقواعد السير المحلية وأماكن استخدام السكوتر المسموح بها'.

كما يقترح الطراونة 'تفعيل الرقابة الميدانية على استخدام السكوتر في المناطق الخطرة أو الممنوعة، وتحديدا تلك التي تشهد ازدحاما أو ضعفا في البنية التحتية، وتشجيع الاستثمار المنظم في قطاع النقل الكهربائي الخفيف ضمن رؤية العقبة الذكية والمستدامة، بما يضمن التوازن بين التطور والسلامة'.

ويرى المواطن محمد الدردساوي 'أن السكوتر ليس مشكلة بحد ذاته، لكن غياب التشريعات والتنظيم يجعل من استخدامه تهديدا للسلامة العامة'، مشيرا إلى أنه 'في مدن أخرى هناك مسارات مخصصة وإشارات واضحة للسكوترات، ما يجعل التنقل آمنا'، ومطالبا في الوقت ذاته، بـ'أن تطبق العقبة نموذجا مشابها لتحقيق التوازن بين التطور والسلامة'.

من جهتها، أكدت اختصاصية الطفولة وتوجيه السلوك ناريمان عريقات 'أن أي وسيلة نشتريها لأبنائنا، ومنها السكوتر الكهربائي، يجب أن ترافقها معرفة واضحة بقواعد الاستخدام وآدابه، إلى جانب إدراك عواقب سوء الاستخدام'، مشيرة إلى 'أن القوانين لا تقتصر على الجهاز نفسه، بل تشمل طريقة استخدامه والغرض منه ومراعاة الآخرين أثناء القيادة، خاصة الأطفال وكبار السن'.

تنظيم وقت استخدام 'السكوتر'

وشددت على 'أهمية دور الأهالي في توعية الأبناء وتنظيم وقت استخدام السكوتر، وتقديم النصائح حول مخاطره عند استخدامه بشكل عشوائي'، مضيفة 'أنه رغم أن السكوتر الكهربائي وسيلة متطورة واقتصادية وصديقة للبيئة، إلا أن متابعته من قبل الأهل ضرورة لضمان الاستخدام الآمن والواعي'.

وأوضحت عريقات 'أنه في حال قرر ولي الأمر شراء السكوتر لطفله، يجب أن تكون قيادته تحت إشراف مباشر وفي أماكن آمنة، مثل ساحات المنازل أو الحدائق المخصصة وفي أوقات محددة، نظرا لخطورة الطرق العامة'، مؤكدة 'أنه لا يوجد حتى الآن نظام ترخيص أو ضرائب للسكوتر الكهربائي، ما يجعل استخدامه على الطرق العامة غير قانوني'، معربة عن أملها بأن تنظر الجهات المختصة في هذا الملف بأسرع وقت.

وردا على استفسارات قال مصدر رسمي إنه تم عقد اجتماعات عدة في دار المحافظة، وتم اتخاذ مجموعة من الإجراءات بشأن السكوترات، من أبرزها أنه في حال تم ضبط أي منها وكان سائقها أقل من العمر القانوني، سيتم استدعاء ولي الأمر واتخاذ الإجراء اللازم.

وأضاف المصدر بعدما طلب عدم ذكر اسمه 'إذا كان السائق من البالغين ومخالفا لقوانين الاستخدام، يتم تحويله مباشرة إلى الحاكم الإداري لضبط السكوتر'.

وسبق أن عقد اجتماع في وزارة الداخلية برئاسة وزير الداخلية مازن الفراية، وكانت إحدى التوصيات التأكيد على منع استخدام هذه الأجهزة الكهربائية 'السكوترات' بأشكالها كافة، والتي عرفت خلال الاجتماع بأنها أجهزة ذات عجلتين تعمل بمحرك كهربائي أو بمحرك قابل للشحن يقاد بمقود أو من دونه، حيث تم التأكيد على منع تأجيرها إلا باتباع الإجراءات اللازمة وتدريب مستخدميها، وإلزامهم بارتداء متطلبات السلامة العامة مثل الخوذة وغيرها، وأن يكون الاستخدام في ساحات وأماكن مخصصة عامة بعيدا عن الطرقات، حفاظا على سلامة المواطنين وسلامة مستخدميها.