الحجز الإلكتروني عبر "جت" يفاقم معاناة الفلسطينيين

عمان – السوسنة - تتواصل شكاوى المواطنين الفلسطينيين العالقين في الأردن، بسبب أزمة متفاقمة في حجز تذاكر السفر إلى الضفة الغربية عبر جسر الملك حسين، في ظل اعتماد شركة 'جت' للحافلات آلية الحجز الإلكتروني المسبق الحصري، ما تسبب بانتظار مئات المسافرين لأيام وربما أسابيع، وتكبّدهم أعباء مالية ونفسية متزايدة.

وتحولت المنصة الإلكترونية التي أطلقتها 'جت' بالتنسيق مع وزارة الداخلية الأردنية، إلى مصدر لمعاناة الفلسطينيين، بعد أن باتت التذاكر تنفد خلال دقائق من فتح الحجوزات، فيما يتم إغلاق مواعيد السفر لأيام طويلة، بحسب شهادات نشرها مسافرون عبر مجموعات متخصصة على 'فيسبوك'.

سوق سوداء تبتز المسافرين

وما زاد الأزمة تعقيدًا هو ظهور ما وُصف بـ'السوق السوداء'، حيث قال مواطنون إن أفرادًا يقومون بحجز عشرات التذاكر عبر المنصة ثم بيعها بأسعار مضاعفة، وصلت إلى 50 دينارًا أردنيًا للتذكرة الواحدة، رغم أن السعر الرسمي لا يتجاوز 7 دنانير. وأفاد الطالب الفلسطيني بشار لصحيفة السوسنة أنه لم يتمكن حتى الآن من حجز تذكرته، مشيرًا إلى صعوبة بالغة في العملية، ومؤكدًا سماعه عن بيع التذاكر بشكل غير قانوني في السوق السوداء.

دعوات للتدخل الأردني والفلسطيني

وزارة الداخلية الفلسطينية أكدت في بيان رسمي أنها 'تتابع بالتنسيق مع الجانب الأردني شكاوى المواطنين حول بيع تذاكر السفر بأسعار مرتفعة من قبل جهات غير رسمية'، في حين أشارت وزارة الداخلية الأردنية إلى متابعتها للموضوع واتخاذ الإجراءات اللازمة، مشددة على أن القضية قيد المتابعة على أعلى المستويات ضمن إطار الشراكة والتعاون المشترك.

النائب الأردني محمد الظهراوي طالب، في رسالة وجهها لرئيس الوزراء، بإجراء زيارة ميدانية عاجلة إلى معبر الجسر، واصفًا ما يحدث بـ'معاناة يومية للمواطنين' نتيجة تنظيم آلية الحجز الحالية. ولفت الظهراوي إلى وجود 'استغلال واضح' من بعض العاملين في مكاتب خاصة، يبيعون التذاكر بأسعار تتراوح بين 3 إلى 50 دينارًا، واصفًا الوضع بـ'مافيا تتحكم بحركة السفر'، ومطالبًا بإجراءات عاجلة لحماية المواطنين، لا سيما من ذوي الدخل المحدود.

'جت' توضح موقفها... والمطالب تتصاعد

من جانبها، شددت شركة 'جت' على أن الحجز الرسمي يتم فقط عبر منصاتها الإلكترونية الرسمية، محذرة من التعامل مع أي جهات أو وسطاء غير معتمدين. وأكدت أن آلية الحجز الجديدة تهدف لتسهيل الإجراءات وتقليل الازدحامات، نافية وجود أي تغيير في أسعار التذاكر أو أوقات السفر.

لكن مواطنين يرون أن الحجز الإلكتروني الحصري لا يراعي ظروف الجميع، خصوصًا من لا يملكون الخبرة التقنية، مطالبين بربط الحجز برقم جواز السفر لمنع التلاعب، أو العودة إلى نظام الحجز اليومي المباشر، أو على الأقل فتح مواعيد الحجز بشكل يومي لتقليل فرص الاحتكار.

الضغط الإسرائيلي يزيد الطين بلّة

ويُعد معبر الكرامة (جسر الملك حسين) المنفذ البري الوحيد للفلسطينيين في الضفة الغربية نحو الأردن والعالم الخارجي، وقد شهد مؤخرًا ضغطًا متزايدًا، تزامنًا مع تقليص الجانب الإسرائيلي لساعات العمل، حيث يغلق المعبر عند الثانية ظهرًا يوميًا، ما عدا الجمعة (حتى الـ12 ظهرًا) والسبت (مغلق تمامًا)، وذلك منذ الهجوم الإسرائيلي على إيران في 12 حزيران الماضي.

هذه الإجراءات ضاعفت معاناة الفلسطينيين، الذين أصبحوا عالقين لأيام في الأردن، يتحملون خلالها نفقات إضافية للإقامة والمعيشة، إلى جانب الإرهاق النفسي والبدني.

تتفاقم أزمة السفر للفلسطينيين من الأردن إلى الضفة الغربية، في ظل غياب حلول جذرية وعادلة، ومع ازدياد الأصوات المطالبة بتدخل رسمي حاسم من الجانبين الأردني والفلسطيني، بات من الضروري إعادة النظر في آلية الحجز الحالية، وضمان سفر آمن ومنظّم وإنساني للفلسطينيين العائدين إلى وطنهم.