اخبار الاردن
موقع كل يوم -صحيفة السوسنة الأردنية
نشر بتاريخ: ٢٨ أيار ٢٠٢٥
في إطار اتّساع الحديث عن تعديل قانون نقابة الصحفيين، لمواكبة تطوّرات الصحافة الرقمية، ومعالجة الثغرات فيه، خطر في بالي تساؤل هو: هل قبول مَن يسمّون «مؤثري مواقع التواصل الاجتماعي» أعضاء في نقابة الصحفيين أمر صائب؟ أم الصائب محاربتهم وملاحقتهم قضائياً؟ وهل فعلاً أنهم يعملون على الهامش وغير «مؤثرين» كما يُشاع؟.
للإجابة عن هذه الاستفسارات، علينا أن نؤمن بحقائق مهمّة، أوّلها أن هناك شريحة واسعة من هؤلاء استطاعوا أن يؤثّروا فعلاً في المجتمع ويحقّقوا نسبة مشاهدات عالية جداً، عجزت عنها وسائل إعلام كبرى، لكن يبقى المعيار الأهم متعلقاً بجودة المحتوى ونوعيته لا بارتفاع أعداد المشاهدات، ولكن، ماذا لو كان المحتوى ذا جودة عالية ونسبة المشاهدات أيضاً مرتفعة؟.
كما نعلم؛ فكثير من المؤثرين على المنصات الاجتماعية مثل: فيسبوك، يوتيوب، إنستغرام، تيك توك، وغيرها، باتوا ينقلون الأخبار، ويؤثرون في الرأي العام، ويقدمون محتوى إعلامياً قد يتفوق أحياناً على المؤسّسات التقليدية، كما أن حرية التعبير وفقاً للمادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية تشمل الصحفي المهني وغير المهني، وكل من يساهم في إنتاج ونشر المعلومات، ويجب أن يحظى بالحماية من أيّ انتهاك أو تضييق.
فالفرق هنا ليس المنصة، بل الوظيفة الإعلامية، فمَن يستخدم إنستغرام أو فيسبوك أو تيك توك للتأثير والتوعية قد يكون أكثر صَحَفيّةً من موظف في صحيفة لا يمارس أي نقد أو تغطية حقيقية.
وبناء على ذلك؛ فإنني أرى، وأرجو ألّا أكون مخطئاً، أنّه يجب على نقابة الصحفيين التفكير جدياً بضمّ هذه الفئة التي لا يُستهان بها إلى الجسم الصحفي، ومواكبة التطوّر الرقمي وصحافة تطبيقات 'السوشل ميديا' التي باتت تنتشر في جميع أنحاء العالم، ولكنّ هذا الانضمام يجب أن يكون بضوابط مهمة أعرضها وفق الآتي:
- إعادة تعريف مفهوم الصحفي الوارد في المادتَين الثانية والثامنة من القانون، واقترح هنا تعريفاً قد يحقق الغاية المرجوة وفق الآتي: 'كل من يمارس نقل المعلومات أو إنتاج المحتوى الإخباري أو الرقابي أو التوعوي، الموجه للجمهور، عبر أيّ وسيلة إعلامية تقليدية أو رقمية، بما في ذلك المنصات الإلكترونية والتطبيقات الاجتماعية، شريطة أن يكون مسجلاً في سجل نقابة الصحفيين المزاولين'.
- يجب أن يكون المحتوى المقدم إخبارياً مهنياً يستند إلى مصادر حقيقية، وبجودة عالية.
- يجب أن يتمتع الشخص بمواصفات الصحفي، الواردة في القانون، منها مثلاً حسن السيرة والسلوك والشهادة الجامعية الأولى حداً أدنى ويخضع للتدريب.
- أن يزود النقابة، باسم المنصة التي يعمل فيها، ورابطها الإلكتروني.
- يعامل المحتوى المقدَّم، معاملة المحتوى الصحفي، وفق تعريف مستقل، حتى لا يخضع لقواعد تراخيص المطبوعة الصحفية، او المؤسسة الإعلامية، وإنما وفق نصوص قانونية أو تعليمات جديدة تراعي خصوصية المنصة أو الحساب.
- الالتزام بأخلاقيات العمل الإعلامي منها على سبيل المثال لا الحصر؛ عدم نشر أخبار كاذبة، احترام الخصوصية، عدم التحريض.
- النصّ على فئة عضوية جديدة 'إعلامي رقمي' أو 'صانع محتوى إعلامي'، على أن تشمل المؤثرين والمدونين والمشرفين على صفحات إخبارية على الإنترنت أو مواقع التواصل، تتوفر فيهم الشروط التي تحدثنا عنها.
ولضم فئة المؤثرين إلى نقابة الصحفيين فوائد منها:
- القضاء على صفحات وحسابات التواصل الاجتماعي التي لا تنطبق عليها الشروط وتبثّ أخباراً كاذبة ولا تتمتع بالمهنية.
- مواجهة مثيري الإشاعة والبلبلة في صفوف المجتمع، والقضاء على ظاهرة منتحلي المهنة.
- ضبط المشهد الإعلامي الرقمي وحمايته والعاملين فيه وتأطيره قانونياً بما ينسجم مع حرية التعبير.
- توسيع باقة العضوية في النقابة، بما يواكب التطوّر الإعلامي الرقمي، والخروج من دائرة الاتهام بالانغلاق والجمود.
- تحقيق نقاط على سلم الحريات الصحفية العالمية.
- توفير الدفاع القانوني في قضايا النشر، وتقديم التدريب والدعم الفني، ومنحهم الحقوق النقابية كافة.
- تحقيق دخل جديد للنقابة من خلال إلزامهم بدفع 1% من قيمة الإعلانات المتحقّقة على تلك المنصات.
المؤثرون اليوم على منصات التواصل الاجتماعي، واقع لا يمكن تجاهله، وجزء مهم من المشهد الإعلامي سواءً محلياً أو دولياً، وإقصاؤهم أو ملاحقتهم قضائياً هو الجري خارج الزمن، ورفض للتغير والتطوير، ويضر بحرية التعبير في المملكة، إلّا أن دمجهم في النقابة كما أسلفت يجب أن يكون بضوابط صارمة ومتابعة مسؤولة تحقق مصالح الجميع.