اخبار الاردن
موقع كل يوم -وكالة مدار الساعة الإخبارية
نشر بتاريخ: ٢٧ نيسان ٢٠٢٥
في خضم التغيرات الهيكلية التي تشهدها الساحة السياسية الأردنية اليوم، نواجه لحظة فارقة تفرض علينا أن نعيد النظر في جوهر الأحزاب السياسية التي كانت، ولا تزال، جزءًا من طموحاتنا الديمقراطية. هذه اللحظة تتطلب منا أن نوقف التمنيات ونتعامل مع الواقع بكل واقعية وموضوعية. نحن أمام اختبار حقيقي لا يتعلق بوجود الأحزاب أو مجرد تعدد أسمائها، بل بتأثيرها العميق في مسار الوطن.نقف على مفترق طرق بين ما هو ممكن وما هو مستحب، بين شباب يطالبون بحزب يعبر عن طموحاتهم وأفكارهم، وبين مؤسسات وطنية بحاجة إلى مشروع سياسي يبلور تطلعاتهم بشكل حقيقي. ما نحتاجه اليوم ليس مجرد تأطير حزبي شكلي، بل إعادة بناء الحاضنة الفكرية والسياسية التي من خلالها يمكن للانتماء أن يتحول إلى مشروع بناء حقيقي يُضفي قيمة على وطن يحاول الحفاظ على توازناته الدقيقة في ظل تحديات داخلية وخارجية معقدة.لقد آن الأوان للانتقال من ترف التأسيس إلى اشتراطات البقاء واستحقاقات الديمومة. الحديث عن 'غربلة' داخل البيت الحزبي لم يعد ترفًا فكريًا أو ظرفيًا، بل أضحى ضرورة وجودية ومطلبًا استراتيجيًا، إذ أن الدولة الأردنية، بكل ثقلها السيادي وتاريخها العميق، لم تعد تحتمل رفاهية التجريب أو مغامرات الخطأ السياسي.من هنا، فإن الأحزاب التي تلوح بشعارات الانتشار والتمثيل، مطالبة أولًا بالانطلاق من الداخل: من نقاء الصفوف، وصدق المنتسبين مع المبادئ قبل المكاسب الزائلة. إن معيار نجاح الحزب ليس في عدد المنتسبين، بل في عمق الانتماء، ووضوح الرؤية، وصدق الالتزام بالثوابت الوطنية العليا.اليوم، يقف البيت الحزبي الأردني، بكل مكوناته وتياراته، أمام استحقاق مصيري يتطلب عملية جراحية دقيقة تبدأ بغربلة الأفكار قبل تصفية الأسماء، مرورًا بإجراء مراجعات حقيقية للبرامج قبل التفكير بفتح باب العضوية، وانتهاءً بإعادة صياغة المشروع الوطني على نحو يجعل منه نقطة التقاء جامعة لا ساحة استقطاب أو انقسام داخلي. في هذا الإطار، ينبغي على الأحزاب أن تطرح رؤية شاملة حول كيفية تفاعلها مع التحديات الكبرى التي تواجهها الدولة الأردنية، مثل الأزمة الاقتصادية، القضايا الاجتماعية، ومسائل الأمن الوطني. فالمشروع الوطني لا يمكن أن يتحقق ما لم يكن لديه القدرة على مواكبة التحولات الجيلية ومتطلبات العصر الحديث.اليوم، نحن أمام استحقاق يتطلب منا رؤية استشرافية واضحة للمستقبل. كيف يمكن أن تبدو الأحزاب في المستقبل؟ هل ستظل الأحزاب قائمة على الهويات التقليدية؟ أم ستبدأ في تقديم حلول مبتكرة للتحديات الوطنية؟ يجب أن تكون الأحزاب قادرة على خلق شراكات حقيقية بين القوى السياسية والمجتمع المدني، بما يمكنها من تحقيق أهدافها الوطنية والعمل معًا لإيجاد حلول مستدامة للبلاد.البقاء سيكون حتمًا لأولئك الذين يدركون أن شرعية التأسيس ليست صكوكًا أبدية، وأن الانصهار في الفكرة الوطنية الجامعة لم يعد خيارًا تطوعيًا، بل ضرورة تفرضها قواعد الحياة السياسية الجديدة. التحدي اليوم ليس في تأسيس مزيد من الأحزاب الورقية، بل في القدرة على إنضاج حزب حقيقي، حزب دولة بمفهومها الشامل: دولة القانون، دولة المواطنة، ودولة المؤسسات الراسخة.لا يمكننا تجاهل الدور الحيوي للشباب في إعادة تشكيل الحياة السياسية الأردنية. إذا كانت الأحزاب ترغب في أن تكون حقيقة فاعلة، يجب أن تستوعب طموحات الشباب وتمنحهم الفرصة لبناء الأحزاب من الداخل. الشباب ليسوا فقط مصدر الطاقة السياسية، بل هم أيضًا المحرك الرئيسي لتجديد الخطاب السياسي وجعل الأحزاب أكثر تفاعلًا مع احتياجات المواطنين. إن الأحزاب بحاجة إلى تحقيق التوازن بين القديم والجديد، وبين ما هو تقليدي وما هو مبتكر.السؤال الجوهري: أي الأحزاب ستبقى؟الرهان على الإصلاح السياسي الجاد لا يحتمل القفز على هذه التساؤلات الحاسمة. أي الأحزاب ستبقى راسخة في وجدان الدولة؟ وأيها سيتلاشى في ذاكرة التجربة العابرة؟ هذه أسئلة تتطلب منا جميعًا إعادة التفكير في المعايير التي نتبناها لنجاح الأحزاب، مع التركيز على القدرة على بناء قوى سياسية ناضجة فكريًا، أخلاقيًا، وسياسيًا. الأحزاب الوطنية المتماسكة، الناضجة فكريًا وأخلاقيًا، ستكون القادرة على تحمل مسؤولية بناء مستقبل أفضل للبلاد، وستظل قادرة على التحدث بلغة الدولة والارتقاء بأهدافها السياسية بعيدًا عن الاعتبارات الحزبية الضيقة.الغد السياسي في الأردن يحتاج إلى أحزاب وطنية متماسكة، تعمل من أجل بناء دولة المؤسسات وتحقيق طموحات الشعب الأردني. في هذا السياق، ليس لدينا رفاهية التفاهات أو كثرة عددية جوفاء. ما نحتاجه اليوم هو إخلاص نوعي عميق، يترجم إلى بناء مؤسسات حزبية حقيقية وفعّالة.
في خضم التغيرات الهيكلية التي تشهدها الساحة السياسية الأردنية اليوم، نواجه لحظة فارقة تفرض علينا أن نعيد النظر في جوهر الأحزاب السياسية التي كانت، ولا تزال، جزءًا من طموحاتنا الديمقراطية. هذه اللحظة تتطلب منا أن نوقف التمنيات ونتعامل مع الواقع بكل واقعية وموضوعية. نحن أمام اختبار حقيقي لا يتعلق بوجود الأحزاب أو مجرد تعدد أسمائها، بل بتأثيرها العميق في مسار الوطن.
نقف على مفترق طرق بين ما هو ممكن وما هو مستحب، بين شباب يطالبون بحزب يعبر عن طموحاتهم وأفكارهم، وبين مؤسسات وطنية بحاجة إلى مشروع سياسي يبلور تطلعاتهم بشكل حقيقي. ما نحتاجه اليوم ليس مجرد تأطير حزبي شكلي، بل إعادة بناء الحاضنة الفكرية والسياسية التي من خلالها يمكن للانتماء أن يتحول إلى مشروع بناء حقيقي يُضفي قيمة على وطن يحاول الحفاظ على توازناته الدقيقة في ظل تحديات داخلية وخارجية معقدة.
لقد آن الأوان للانتقال من ترف التأسيس إلى اشتراطات البقاء واستحقاقات الديمومة. الحديث عن 'غربلة' داخل البيت الحزبي لم يعد ترفًا فكريًا أو ظرفيًا، بل أضحى ضرورة وجودية ومطلبًا استراتيجيًا، إذ أن الدولة الأردنية، بكل ثقلها السيادي وتاريخها العميق، لم تعد تحتمل رفاهية التجريب أو مغامرات الخطأ السياسي.
من هنا، فإن الأحزاب التي تلوح بشعارات الانتشار والتمثيل، مطالبة أولًا بالانطلاق من الداخل: من نقاء الصفوف، وصدق المنتسبين مع المبادئ قبل المكاسب الزائلة. إن معيار نجاح الحزب ليس في عدد المنتسبين، بل في عمق الانتماء، ووضوح الرؤية، وصدق الالتزام بالثوابت الوطنية العليا.
اليوم، يقف البيت الحزبي الأردني، بكل مكوناته وتياراته، أمام استحقاق مصيري يتطلب عملية جراحية دقيقة تبدأ بغربلة الأفكار قبل تصفية الأسماء، مرورًا بإجراء مراجعات حقيقية للبرامج قبل التفكير بفتح باب العضوية، وانتهاءً بإعادة صياغة المشروع الوطني على نحو يجعل منه نقطة التقاء جامعة لا ساحة استقطاب أو انقسام داخلي. في هذا الإطار، ينبغي على الأحزاب أن تطرح رؤية شاملة حول كيفية تفاعلها مع التحديات الكبرى التي تواجهها الدولة الأردنية، مثل الأزمة الاقتصادية، القضايا الاجتماعية، ومسائل الأمن الوطني. فالمشروع الوطني لا يمكن أن يتحقق ما لم يكن لديه القدرة على مواكبة التحولات الجيلية ومتطلبات العصر الحديث.
اليوم، نحن أمام استحقاق يتطلب منا رؤية استشرافية واضحة للمستقبل. كيف يمكن أن تبدو الأحزاب في المستقبل؟ هل ستظل الأحزاب قائمة على الهويات التقليدية؟ أم ستبدأ في تقديم حلول مبتكرة للتحديات الوطنية؟ يجب أن تكون الأحزاب قادرة على خلق شراكات حقيقية بين القوى السياسية والمجتمع المدني، بما يمكنها من تحقيق أهدافها الوطنية والعمل معًا لإيجاد حلول مستدامة للبلاد.
البقاء سيكون حتمًا لأولئك الذين يدركون أن شرعية التأسيس ليست صكوكًا أبدية، وأن الانصهار في الفكرة الوطنية الجامعة لم يعد خيارًا تطوعيًا، بل ضرورة تفرضها قواعد الحياة السياسية الجديدة. التحدي اليوم ليس في تأسيس مزيد من الأحزاب الورقية، بل في القدرة على إنضاج حزب حقيقي، حزب دولة بمفهومها الشامل: دولة القانون، دولة المواطنة، ودولة المؤسسات الراسخة.
لا يمكننا تجاهل الدور الحيوي للشباب في إعادة تشكيل الحياة السياسية الأردنية. إذا كانت الأحزاب ترغب في أن تكون حقيقة فاعلة، يجب أن تستوعب طموحات الشباب وتمنحهم الفرصة لبناء الأحزاب من الداخل. الشباب ليسوا فقط مصدر الطاقة السياسية، بل هم أيضًا المحرك الرئيسي لتجديد الخطاب السياسي وجعل الأحزاب أكثر تفاعلًا مع احتياجات المواطنين. إن الأحزاب بحاجة إلى تحقيق التوازن بين القديم والجديد، وبين ما هو تقليدي وما هو مبتكر.
السؤال الجوهري: أي الأحزاب ستبقى؟
الرهان على الإصلاح السياسي الجاد لا يحتمل القفز على هذه التساؤلات الحاسمة. أي الأحزاب ستبقى راسخة في وجدان الدولة؟ وأيها سيتلاشى في ذاكرة التجربة العابرة؟ هذه أسئلة تتطلب منا جميعًا إعادة التفكير في المعايير التي نتبناها لنجاح الأحزاب، مع التركيز على القدرة على بناء قوى سياسية ناضجة فكريًا، أخلاقيًا، وسياسيًا. الأحزاب الوطنية المتماسكة، الناضجة فكريًا وأخلاقيًا، ستكون القادرة على تحمل مسؤولية بناء مستقبل أفضل للبلاد، وستظل قادرة على التحدث بلغة الدولة والارتقاء بأهدافها السياسية بعيدًا عن الاعتبارات الحزبية الضيقة.
الغد السياسي في الأردن يحتاج إلى أحزاب وطنية متماسكة، تعمل من أجل بناء دولة المؤسسات وتحقيق طموحات الشعب الأردني. في هذا السياق، ليس لدينا رفاهية التفاهات أو كثرة عددية جوفاء. ما نحتاجه اليوم هو إخلاص نوعي عميق، يترجم إلى بناء مؤسسات حزبية حقيقية وفعّالة.