اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ١٠ تشرين الثاني ٢٠٢٥
خطاب وزير الداخلية: هل تتحوّل الكفاءات الأردنية إلى 'صادرات بشرية'؟ #عاجل
محرر الشؤون المحلية - في خطوةٍ أثارت استغراب المراقبين، دعا وزير الداخلية مازن الفراية دول أوروبا إلى فتح قنوات هجرة قانونية للعمالة الأردنية الماهرة في قطاعات مثل تكنولوجيا المعلومات والصحة، وذلك خلال مشاركته في مؤتمر فيينا للهجرة.
تصريح الوزير بدا للوهلة الأولى منسجمًا مع الخطاب الأوروبي حول 'الهجرة الآمنة والمنظمة'، لكنه في المضمون حمل أبعادًا تتجاوز حدود المنصة الدبلوماسية إلى عمق السياسة الوطنية في إدارة الموارد البشرية.
*** دعوة الفراية إلى هجرة الكفاءات.. خلط في الاختصاص أم رؤية اقتصادية؟
فمن حيث المبدأ، قد يبدو تشجيع الهجرة المنظمة مخرجًا مؤقتًا لتخفيف الضغط عن سوق العمل المحلي المرتفع البطالة، وربما مصدرًا إضافيًا للتحويلات المالية التي تدعم الاقتصاد،ولكن، ما يُثير القلق هو أن الدعوة استهدفت العمالة الماهرة تحديدًا، أي تلك الفئة التي تمثّل عماد مشاريع التحول الرقمي والرعاية الصحية والتنمية المستدامة.
إن تشجيع هجرة العمالة الوطنية الماهرة، لا سيما في ظل العجز عن استبقائها، يعني عمليًا نزيفًا للعقول والكفاءات التي يعاني الأردن أصلًا من هجراتها السابقة، ويعني، تفريغ الدولة من الكفاءات الوطنية القادرة على بناء مستقبل الدولة.
*** وزير الداخلية وملف الهجرة: انزياح في الدور أم خلل في الرؤية؟
ثم إن التصريح، من زاوية مؤسسية، يُثير تساؤلات حول الاختصاص: فهل من مهام وزارة الداخلية التحدث باسم الدولة في قضايا الهجرة الاقتصادية وتصدير الكفاءات؟
سيما وأن وزارة الداخلية مسؤولة عن أمن الحدود وتنظيم اللجوء والإقامة، بينما إدارة ملف القوى البشرية والتوظيف الخارجي تقع في نطاق وزارات العمل والتخطيط والخارجية! وبالتالي، فإن الدعوة الصادرة عن وزير الداخلية تعكس تداخلًا في الأدوار الحكومية وغياب تنسيق واضح في الخطاب الرسمي.
*** عندما تدعو وزارة الداخلية إلى تصدير الكفاءات الوطنية!
سياسيًا، قد تُفهم الدعوة أوروبيًا على أنها إشارة إيجابية من دولة مستقرة تسعى لفتح قنوات قانونية للهجرة، لكن داخليًا تبدو وكأنها اعتراف صريح بعجز الحكومة عن خلق بيئة جاذبة للكفاءات، ما يُضعف الثقة بخطط 'التحديث الاقتصادي' ويكرّس فكرة أن الحل خارج الحدود لا داخلها.
إن الهجرة المنظمة للكفاءات ليست خيارًا أمنيًا بل سياسة اقتصادية وتنموية بامتياز، يجب أن تُبنى على استراتيجية وطنية متكاملة تُحدّد من يُهاجر، ولماذا، وبأي شروط، وكيف يستفيد الوطن من عودته أو من تحويلاته؟
أما أن تصدر مثل هذه الدعوات من منبر وزارة الداخلية، فذلك يشير إلى خلل في ترتيب الأولويات الحكومية، ويستدعي إعادة النظر في آلية تنسيق الخطاب الرسمي، حفاظًا على صورة الدولة ومصالحها الاستراتيجية في الداخل والخارج.












































