اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ٩ تشرين الأول ٢٠٢٥
كفى مجاملات للماضي.. حان وقت التغيير
الكابتن اسامة شقمان
بقلم: مواطن أردني لا يعرف الوزير، لكنه يعرف أن الأردن يستحق الأفضل
كثر الحديث في الأيام الأخيرة عن مبادرة وزير الداخلية مازن الفراية، حول تنظيم بيوت العزاء، وتخفيف المهور، وترؤس الجاهات، فانهالت الانتقادات وكأن الرجل اقترف جرمًا حين تجرأ على الاقتراب من 'المحرمات الاجتماعية”.
لكنني أقولها بوضوح: أؤيد الوزير ١٠٠٪، وأقف خلف هذه المبادرة قلبًا وقالبًا، لا لأنني من المصفقين أو الباحثين عن رضا أحد، بل لأن الوقت فعلاً حان لنراجع أنفسنا ونغيّر ما عفا عليه الزمن من عادات تستهلكنا بلا فائدة.
من السهل جدًا أن تصمت، وأن تترك الأمور كما هي، وأن تقول 'هذه عادات الناس”.
لكن الوزير لم يختر الصمت، اختار المواجهة — وهذا وحده يستحق الاحترام.
حين يتحدث وزير الداخلية عن تنظيم الجاهات وبيوت العزاء، فهو لا يضيع وقته، بل يضع إصبعه على جرح اجتماعي عميق.
نحن مجتمع يعيش تناقضًا: نشتكي من الغلاء، ثم ننفق في الأعراس والعزائم أضعاف ما نملك!
نتحدث عن التكافل، ثم نحول المناسبات إلى مظاهر استعراض طبقي!
فهل من الخطأ أن نعيد الأمور إلى عقلها واتزانها؟
من قال إن هذه التقاليد مقدسة؟
هل كان أجدادنا يذبحون العشرات من الذبائح في العزاء؟
هل كانوا يغلقون الطرقات لاستقبال جاهات من مئات الأشخاص؟
كلا، كانوا أبسط، أصدق، وأكثر عقلًا.
العادات الجميلة تبقى لأنها تخدم المجتمع، أما تلك التي تُرهق الناس وتزرع الفوارق فمكانها الطبيعي التغيير.
وما يفعله الوزير الفراية اليوم هو بالضبط هذا: تصحيح المسار قبل أن ينكسر المجتمع من الداخل.
من الأمن العام إلى الأمن الاجتماعي
من يظن أن الأمن يقتصر على الدوريات والحدود لم يفهم معنى الدولة.
الأمن الاجتماعي هو الأساس، لأن الانقسام الطبقي والتفاخر المظهري والتكلف في المناسبات كلها تؤدي في النهاية إلى الغضب والاحتقان.
الوزير اليوم لا يفرض على الناس رأيًا، بل يقدّم رؤية: أن نحيا ببساطة وكرامة، وأن نعيد للإنسان قيمته قبل الوليمة والسيارة والخيمة.
هل هذا يزعج البعض؟ ربما، لأن الحقيقة دائمًا تُزعج من اعتاد المظاهر.
من يطالب الوزير بأن يبدأ بـ'الدوار الرابع والمسؤولين”، لا يدرك أن الرسالة وصلت للجميع بالفعل.
المبادرة ليست موجهة للمواطن البسيط بقدر ما هي موجهة لكل من بالغ في الاستعراض والرياء الاجتماعي.
فحين تتوقف القيادات والوجهاء عن التفاخر، سيتوقف الناس تلقائيًا.
ولذلك، فهذه المبادرة يجب أن تُفهم على أنها نقطة انطلاق نحو ثقافة جديدة — ثقافة احترام الإنسان دون مظهر، وتقدير الحدث دون إسراف.
ختامًا..أنا لا أعرف الوزير شخصيًا، لكني أعرف الفرق بين من يتكلم لمصلحته ومن يعمل لمصلحة وطنه.
وما فعله مازن الفراية خطوة جريئة من مسؤول لا يريد أن يكون ديكورًا في المنصب، بل رجل دولة يرى الصورة كاملة.
كفانا جلد الذات.
كفانا دفاعًا عن عادات أرهقتنا باسم 'الأصالة”.
فالأصالة ليست في الوليمة، بل في القيم.
وليكن هذا المقال شهادة واضحة: من يهاجم الوزير اليوم، إنما يهاجم التغيير الذي نحتاجه جميعًا.