اخبار الاردن
موقع كل يوم -صحيفة السوسنة الأردنية
نشر بتاريخ: ٢٨ أيار ٢٠٢٥
لدى لقاء جلالة الملك عبدالله الثاني رئيسي المجلس القضائي والمحكمة العليا الشرعية - كلاّ على حدة - وذلك في قصر الحسينية ، وتسلمه نسخة من التقرير السنوي عن أوضاع المحاكم النظامية والشرعية والقضاء الإداري والنيابة العامة للعام الماضي -2024- ميلادية أكد جلالته على ضرورة المضي قدماً في تسريع وتيرة إجراءات البت في القضايا والفصل في المنازعات الواردة إليها، وتطبيق القانون بحزم وشفافية، وتحقيق العدالة بين جميع المواطنين - على حد سواء - دون تمييز أو محاباة، وإصدار الأحكام القضائية العادلة والنزيهة طبقاً للقوانين السارية، فتقضي في كل منها بحسب ظروفها وملابساتها، فيأخذ كل ذي حق حقه، وينال المذنب الجزاء العادل، وبذلك يسود العدل المجتمع ككل، الأمر الذي يجذر ثقة المواطن بأجهزة ومؤسسات الدولة وسلطاتها الثلاث والتي تعمل بتناغم مع بعضها البعض.
ونظرا لإدراك جلالته لأهمية الدور الريادي والذي تضطلع به السلطة القضائية في توطيد أركان دولة القانون والمؤسسات، وترسيخ قواعد الحكم العدل الرشيد، فقد كان تدعيم وتعزيز استقلال الجهاز القضائي في موضع الصدارة بأجندة أولويات جلالة الملك عبدالله الثاني، فقد شكل جلالته في عام 2000- ميلادية - لجنة ملكية لتطوير الجهاز القضائي، وذلك بهدف توفير الأطر التشريعية والمؤسسية التي تضمن صون استقلالية القضاء ورفع كفاءته وتمتين حصانته، وبما في ذلك تحسين أوضاع القضاة والأهتمام بشؤونهم، وتمكينهم من القيام بواجباتهم على أكمل وجه، وذلك من خلال إيفادهم إلى البعثات الخارجية، وإشراكهم الدوري في المؤتمرات والندوات المتخصصة، وذلك لكي يتمكنوا من التعامل مع مستجدات قضايا الألفية الجديدة ، وسمة هذا العصر الحداثي المعولم ، والذي يتميز بالمتغيرات المتسارعة وتعدد اشكال الجريمة وأساليبها يوماً بعد يوم ، وذلك ضماناً لحماية حقوق المواطنين وممتلكاتهم، وترسيخاً لقيم العدالة، وتعزيزاً للثقة بسلطات الدولة وأجهزتها ومؤسساتها المختلفة.
ومن منطلق إيمان جلالة الملك عبدالله الثاني الراسخ بأن العدل هو أساس الملك، وهو الركيزة الأساسية في بناء الدولة المدنية العصرية الحديثة ، فقد كان جلالته دوماً يضع تطوير الجهاز القضائي وبناء قدراته في موضع الصدارة بأجندة أولوياته. وتحقيقاً لهذه الغاية المنشودة، فقد عهد جلالته في عام 2016- ميلادية -إلى دولة زيد الرفاعي برئاسة لجنة ملكية لتطوير القضاء وتعزيز سيادة القانون، وذلك بهدف وضع استراتيجية شاملة لمعالجة التحديات التي تواجهه، وتوفير بيئة عصرية للجهاز القضائي وأجهزته المساندة، وتطوير أدوات العمل وأساليبه بصورة نوعية.
ليس هذا فحسب، وإنما دعا جلالة الملك عبدالله الثاني إلى تحديث التشريعات والإجراءات الكفيلة بالأرتقاء بعملية التقاضي وإنفاذ الأحكام القضائية، وتمكين أنظمة الرقابة والتفتيش القضائي من القيام بدورها دون عراقيل أو ضغوطات، والإستفادة من أفضل الممارسات والتجارب العالمية، وبالتالي تعزيز قدرته على العمل ضمن منظومة متكاملة مع باقي سلطات الدولة وأجهزتها المعنية بترسيخ سيادة القانون.
وغني عن البيان أن الحرية الشخصية مصونة ومكفولة بمقتضى احكام المادة السابعة من الدستور الأردني، والتي نصت أن كل اعتداء على الحقوق والحريات العامة، أو حرمة الحياة الخاصة للأردنيين جريمة يعاقب عليها القانون، وكذلك المادة الثامنة من الدستور والتي نصت- أيضاً - على أن كل من يقبض عليه أو يوقف أو يحبس أو تقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامتة الإنسانية، ولا يجوز تعذيبه بأي شكل من الأشكال، أو إيذاؤه بدنيا أو معنويا، كما لا يجوز حجزه إلا في الأماكن التي تجيزها القوانين، وأن كل قول يصدر عن أي شخص في أفادة تحت وطأة التعذيب أو التهديد لا يعتد بها، هذا فضلاً عما يفرضه قانون أصول المحاكمات الجزائية من حقوق للمتهم وضمانات تلزم بالأصل العام وهو قرينة البراءة، وأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، وأن له الحق أن يحاكم محاكمة عادلة ومنصفه، تراعى فيها كل حقوق المتهم ودفوعه ، ناهيك عن الضمانات الإجرائية التي يكون فيها للنيابة العامة حق تفتيش السجون ، والتحقق من حسن معاملة المسجون، وبما يحفظ كرامة الإنسان وذلك وفقاً لمواد نصوص الدستور واحكام قانون العقوبات الجزائية، وأن تستمع وتحقق في شكوى تقدم إليها.
ومن المعلوم أن نصوص المواد 97-102 من الدستور الأردني تنص على أن القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، ويتم تعين قضاة المحاكم النظامية والشرعية والإدارية وعزلهم أو أحالتهم على التقاعد استناداً إلى إرادة ملكية سامية وفق أحكام القوانين السارية، وأن المحاكم - على اختلاف أنواعها ودرجاتها - مشرعة أبوابها للجميع ، ومصونة من التدخل في شؤونها، وأن جلسات المحاكمة ينبغي أن تكون علانية، إلا فيما ارتأت المحكمة أن تكون المحاكمة سرية وذلك مراعاة للنظام العام، أو للمحافظة على الآداب العامة ، وأخيراً تمارس المحاكم النظامية في المملكة حق القضاء على جميع الأشخاص في جميع المواد المدنية أو الجزائية بما فيها حق الدعاوى التي تقيمها الحكومة أو تقام عليها.
وبقي استكمالاً لموضوعنا هذا القول بأن توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني منذ سنوات وسنوات بتطوير القضاء الشرعي ، وذلك من خلال أنشاء مكاتب الإصلاح والوساطة والتوفيق الأسري ، قد أثمرت - في العام الماضي - عن إعادة تسعة آلاف أسرة إلى حياتهم الطبيعية ، وتحويل مسار تسعة وثلاثين حالة من الخصومة القضائية إلى الأتفاقات الرضائية وهذا انجاز يشار إليه بالبنان.