اخبار الاردن
موقع كل يوم -زاد الاردن الاخباري
نشر بتاريخ: ٨ تشرين الثاني ٢٠٢٥
زاد الاردن الاخباري -
موافقة مجلس الوزراء على اتفاقية التمويل المشترك لمشروع الناقل الوطني، ليست مجرد إعلان رسمي، بل هي إعلان دخول المشروع إلى مرحلة الحسم والتنفيذ الفعلين، وتجسيد للرؤية الملكية بجعل الأمن المائي ركيزة الأمن الوطني، وتأكيد قدرة الدولة على تحويل التحديات البيئية إلى فرص تنموية مستدامة، ضمن مسار متكامل من الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع الدولي.
وتأتي الموافقة على اتفاقية التمويل المشترك لمشروع تحلية ونقل المياه من العقبة إلى عمّان (الناقل الوطني)، كأحد أهم المنعطفات في مسار المشروع المائي الأكبر في تاريخ المملكة، والذي يشكّل ركيزة أساسية في إستراتيجية الأمن المائي الوطني طويلة الأمد. وهي أيضا لا تمثل مجرد خطوة إجرائية في ملف التمويل، بل تتوج جهودا ممتدة لإغلاق الجانب المالي وتأمين الموارد اللازمة، لبدء التنفيذ الفعلي في المرحلة المقبلة.
فعبر هذه الاتفاقية، التي تجمع وزارتي المياه والري، والتخطيط والتعاون الدولي، مع مجموعة مانحين، يقترب المشروع من تحقيق 'الغلق المالي الكامل”، وهو الشرط الحاسم الذي يفتح الباب أمام إطلاق الأعمال الإنشائية في السنوات الأربع المقبلة.
وتبرز أهمية هذه الخطوة، في كونها تترجم عمليا ما ورد في كتاب التكليف السامي للحكومة لعام 2024، والذي حدّد 'الناقل الوطني” كأولوية وطنية قصوى وخيار إستراتيجي، يضمن استدامة الموارد المائية في ظل التحديات المناخية وتزايد الطلب على المياه.
وفي هذا السياق، أكد الأمين العام الأسبق لوزارة المياه إياد الدحيات، في تصريحات لـ”الغد”، أن إنجاز المشروع، أولوية قصوى ضمن برنامج عمل الحكومة التنفيذي، كما ورد في كتاب التكليف السامي للعام 2024، بوصفه الخيار الإستراتيجي طويل الأمد الذي يعزز استدامة الموارد المائية في المملكة، ويزيد حصة الفرد من المياه ويحسن جودة الحياة، بما ينسجم مع مستهدفات النمو الاقتصادي في رؤية التحديث الاقتصادي، والتوجيهات الملكية المستمرة التي تضع الأمن المائي في صدارة أولويات الدولة.
خطوة مفصلية
وأشار الدحيات إلى أن موافقة مجلس الوزراء على الاتفاقية المبرمة بين وزارتي التخطيط والتعاون الدولي والمياه والري من جهة، ومجموعة المانحين من جهة أخرى، خطوة مفصلية نحو الوصول للغلق المالي الكامل للمشروع، بما يمكّن شركة مشروع الناقل الوطني من استكمال إجراءات الحصول على التمويل الاستثماري النهائي من البنوك التجارية العالمية المتعددة.
وقال:”إن هذه الخطوة هي استكمال لما جرى في وقت سابق من العام الحالي، من توقيع وثيقة الأحكام والشروط، لترتيب قرض تجمع بنكي مع بنك الإسكان، بما يضمن تأمين التمويل اللازم لبدء التنفيذ الفعلي للأعمال الإنشائية في السنوات الأربع المقبلة، وتحقيق الهدف الأسمى المتمثل بتعزيز أمننا المائي”.
ورأى الأمين العام الأسبق لـ”المياه”، أن أهمية الاتفاقية، لا تقتصر على التمويل حسب، بل تتجلى بوضع إطار إداري ومالي موحد لإدارة مساهمة الحكومة في المشروع، وفق نموذج مؤسسي يتبنى أفضل الممارسات بإدارة المشاريع والمشتريات وضبط الحسابات والتقارير.
إخضاع الصرف للمراقبة
وأشار إلى دور هذه المنهجية الجديدة في المساهمة بتوحيد تعليمات وإجراءات العمل وآليات الرصد والتقييم والإبلاغ للدول المانحة والمؤسسات الدولية، بما يضمن دقة التقارير وتفادي تكرار الإبلاغ المتعدد، مع إخضاع الصرف لمراقبة حكومية دقيقة حسب برنامج العمل ونسب الإنجاز الميداني.
وبين الدحيات، أن الاتفاقية ستنعكس إيجابا على الكلفة النهائية للمياه المنتجة من المشروع، إذ يتوقع بأن تسهم بخفض سعر المتر المكعب ليكون قريبا من الكلفة الحالية لمصادر المياه التقليدية، ما يعزز الجدوى الاقتصادية للمشروع، ويؤكد تنافسيته مقارنة بمشاريع السدود التي تتأثر بتقلبات الهطول المطري.
وأوضح أن كلفة الكهرباء، تمثل نحو 35 % من سعر المتر المكعب بسبب احتياجات الضخ والطاقة اللازمة لتحلية المياه ونقلها عبر مسافة تتجاوز 438 كلم، مع فرق ارتفاع يقارب ألف متر طولي، وهو ما يتطلب تخطيطا فنيا محكما لضمان استدامة التشغيل بكفاءة عالية.
وقال: 'يتوقع بأن تسهم هذه الاتفاقية بتخفيض سعر المتر المكعب من المياه الناتجة من المشروع المنفّذ بالشراكة مع القطاع الخاص، وأن يكون قريبا من معدّل الكلفة الحالية الكاملة للمتر المكعب الناتج عن تطوير مصادر المياه وإيصالها للمواطنين، وأن تكون كلفته الرأسمالية بالنسبة لكميات المياه التي سيوفرها، منافسة، بالمقارنة مع مشاريع السدود، والتي تتأثر بتذبذب الهطول المطري السنوي”.
وأضاف، 'ستشكّل كلفة كهرباء ضخ المياه 35 % من سعر المتر المكعب من مشروع الناقل الوطني، نتيجة احتياجاته من الطاقة الكهربائية التي ستوفرها شركتا توزيع الكهرباء والكهرباء الوطنية، سواء من محطة تحلية المياه، أو نتيجة ضخ المياه المحلاّة عبر خط مياه الناقل ومحطات الضخ، بمسافة نقل تزيد على 438 كلم وفرق ارتفاع يصل لـ1000 متر طولي”.
وشدد الدحيات، على أن الأثر الاجتماعي والاقتصادي للمشروع، سيكون ملموسا على حياة المواطنين، إذ ستؤدي زيادة كميات التزويد المائي لتخفيف الأعباء المالية عن الأسر التي تعتمد على شراء مياه الصهاريج بأسعار مرتفعة، تتجاوز 3 دنانير/ م3، بخاصة في فصل الصيف الذي يشهد تراجعا في التزويد الأسبوعي.
كما لفت إلى أن المشروع سيخفض من اعتماد المواطنين على الحلول المؤقتة، ويوفر خدمة مياه مستقرة ومنتظمة، تسهم بتحسين مستوى المعيشة وجودة الخدمات العامة. مؤكدا أهمية إشراك القطاع الخاص بتنفيذ المشروع، باعتباره يعكس توجها إستراتيجيا مدروسا، يعزز الكفاءة والشفافية خلال مراحل التمويل والتنفيذ والتشغيل والصيانة.
استدامة البنية التحتية
وأوضح الدحيات، أن القطاع الخاص سيتمكن من إدارة المشروع لمدة 26 سنة عقدية، وضمان تشغيله لـ25 سنة إضافية دون أعباء رأسمالية أو صيانة رئيسة بعد تسليمه للحكومة، ما يضمن استدامة البنية التحتية واستمرار الخدمات دون انقطاع.
وأضاف أنه سيسهم بتحقيق فوائد اقتصادية مباشرة وغير مباشرة وطنيا، إذ سيؤدي لتقليص العجز المائي في مختلف القطاعات، ودعم النمو الاقتصادي وخلق بيئة جاذبة للاستثمار، وتوفير فرص عمل تقدر بـ10 آلاف فرصة في مرحلة التنفيذ.
كما سيسهم بتطوير مهارات الكوادر الأردنية، وتوطين تكنولوجيا التحلية ونقل المعرفة الحديثة في إدارة المشاريع الكبرى.
وخلص الدحيات، إلى أن 'الناقل الوطني” لا يمثل مجرد مشروع بنية تحتية، بل هو مشروع وطني إستراتيجي، يعيد صياغة معادلة الأمن المائي في الأردن، ضمن رؤية تنموية شاملة، ويجسد قدرة الدولة على تحويل تحديات ندرة المياه إلى فرصة للاستدامة والنمو، عبر شراكة متكاملة بين الحكومة والقطاع الخاص والداعمين الدوليين.
وكان مجلس الوزراء وافق الأربعاء الماضي، على اتفاقية التمويل المشترك لمشروع تحلية ونقل المياه من العقبة إلى عمان (الناقل الوطني) بين الحكومة ممثلة بوزارتي المياه والتخطيط ومجموعة مانحين.
وتشكل هذه الاتفاقية محطة رئيسة لاستدامة تلبية احتياجات السكان من مياه الشرب، والجزء المهم من موضوع الغلق المالي للمشروع للوصول لتأمين كامل التمويل لتنفيذ هذا المشروع الإستراتيجي، الذي يهدف لتحلية ونقل 300 م3 مياه سنويا من العقبة إلى عمان.- الغد












































