اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ١٣ أب ٢٠٢٥
الكوليرا في السودان وجوع غزة مأساة إنسانية تحت وطأة صمت دولي
خلود العجارمه
ما بين الكوليرا التي تفتك بالسودان وغزة التي تموت جوعًا يسود صمت مرعب ومؤلم صمت يلف العالم الغائب عما يحدث في السودان حيث تنتشر الكوليرا بلا رادع وفي غزة التي تعاني الجوع تحت وطأة حرب شرسة بين الخراب الذي يعصف بالسودان والنيران التي تلتهم غزة يقف العالم مكتوف الأيدي كأن الدم الذي يراق هناك أقل قيمة وكأن الأرواح التي تفقد كل يوم لا تستحق حتى كلمة عزاء في السودان بلغت المأساة ذروتها فالحرب ليست وحدها التي تفتك بالشعب بل المجاعة تحاصر البيوت وتسرق الحياة من أفواه الأطفال قبل أن تكتمل ضحكاتهم الكوليرا تضرب القرى والمدن بلا رحمة بأكثر من أربعة آلاف حالة مؤكدة وما زاد الأمر سوءًا انهيار النظام الصحي تحت ثقل الكارثة والناس يبحثون عن جرعة ماء نظيف كمن يبحث عن معجزة الناجون من الرصاص يواجهون جوعًا ينهش الجسد ومرضًا يفتك بالضعفاء وغيابًا كاملاً لأي دعم إنساني كاف صور الأطفال الهزلاء والنساء اللاتي يحملن أطفالهن إلى المقابر قبل أن يبلغوا عامهم الأول لا تحرك الضمائر بقدر ما تحركها الأخبار التافهة والأرقام الباردة التي تلاحقنا في كل زاوية لا تصف حجم الألم الذي يعتصر القلوب فقد تحولت القرى إلى مقابر مفتوحة والمستشفيات إلى ساحات انتظار للرحيل في غزة المشهد ليس أفضل فالحرب لا تهدأ والبيوت تتحول إلى ركام والحصار يمنع الدواء والغذاء جعل الحياة هناك صراعًا يوميًا من أجل البقاء أطفال غزة ينامون على أصوات القصف ويستيقظون على جوع مؤلم بينما العالم يكتفي بعبارات الشجب التي تذوب مع أول ضوء شمس غياب الدعم الدولي وانعدام فرص النجاة جعل أهل غزة يعيشون كأنهم محاصرون بين الموت بالجوع أو الموت بالقصف مشاهد الأطفال الذين يبحثون عن لقمة أو قطرة ماء وسط الركام أصبحت صورة مأساوية متكررة لا تلين لها القلوب ما يحدث في السودان ربما أخطر مما يجري في غزة لكن الجرحين ينزفان معًا في جسد الأمة والجريمة مشتركة موت بطيء أمام أعين العالم وصمت دولي يشرعن المأساة إن كان هناك من يستحق أن تكتب لأجله البيانات وتقام له المؤتمرات وتتحرك له الضمائر فهم هؤلاء الذين يقفون في الصف الأخير من الحياة يواجهون الجوع والمرض والحرب في وقت واحد ولا يجدون يد تمتد إليهم إلا لالتقاط صورة إنسانية العالم اليوم أمام امتحان أخلاقي وواجب تاريخي لا يمكن تجاوزه أو المضي قدمًا دون محاسبته فالجوع لا دين له والمرض لا يعرف حدودًا والحرب لا تفرق بين طفل وشيخ وإنسانية بلا فعل ليست سوى كلمة فارغة ما نحتاجه اليوم هو صوت يعلو فوق كل المصالح الضيقة وصور توثق الألم الحقيقي ومبادرات تضع الإنسان في قلب أولوياتها لا مجاملات أو مواقف شكلية بل تحرك حقيقي يوقف نزيف الدم وينقذ الأرواح قبل فوات الأوان لأن زمن الصمت قد ولّى وحان وقت الفعل الحقيقي والضمير الحي.