اخبار الاردن
موقع كل يوم -صحيفة السوسنة الأردنية
نشر بتاريخ: ٢٢ أب ٢٠٢٥
ها هي غزة يا أبناء هذا العالم تساق إلى المجاعة كما تساق النوق العطشى إلى بئر جافة.
الأمم المتحدة أعلنتها اليوم صراحة: مجاعة رسمية في غزة، وتجويع إسرائيلي متعمد، وقتل يتسلل ببطء كالسـم في دماء الأطفال والمسنين والمرضى.
يموتون كل يوم ليس لأن الرصاص اخترق صدورهم، بل لأن الخبز لم يجد طريقه إلى أفواههم، والماء حبس عن شفاههم، والدواء صار أمنية تتداول في أحلام المحتضرين.
في المخيمات الممزقة لا يعلو سوى صدى بطون خاوية، وعيون تحدق في السماء كما لو كانت تسأل: أما لهذا الليل من فجر؟
الطفل الذي كان بالأمس يركض وراء طائر صغير، صار اليوم طيفا يعد أنفاسه الأخيرة.
الجدة التي كانت تحيك الكوفيات، أصبحت تعد أسماء أحفادها الذين ذبلوا أمامها، واحدا تلو الآخر، كأزهار عطشى في صيف بلا ماء.
يا أبناء هذا الكوكب،
أما آن للضمير العالمي أن ينهض من سباته؟
أما آن للمجتمع الدولي أن يمسك بلجام الوحش الذي ينهش لحم الغزيين في وضح النهار وتحت ضوء كاميرات العالم؟
هي ليست أزمة غذاء. إنه قرار سياسي مسموم، مبرمج بدقة كي يركع مدينة ويطفئ روحا ويحـول البشر إلى هياكل عظمية تمشي بين الأنقاض.
تصرخ غزة اليوم:
أنا جائعة يا عالم
أنا أنزف ببطء، كل دقيقة طفل يسقط، وكل ساعة شيخ يغادر، وكل فجر أم تنام إلى جوار رضيعها الميت.
فهل سيكتفي العالم كعادته بالشجب والشعارات على المنابر؟
أم أن الوقت قد حان ليرى الحقيقة: أن التجويع هنا ليس عارضا، بل سلاح حرب ممنهج، ووسيلة قتل أبرد من الرصاص، وأبطأ من القنابل، لكنه أفتك.