كولومبيا تستدعي سفيرها لدى واشنطن والسبب .. ؟

أعلنت كولومبيا، الاثنين، عن استدعاء سفيرها لدى الولايات المتحدة للتشاور، في خطوة تعكس أزمة دبلوماسية متفاقمة بين البلدين الحليفين تاريخياً.

ويأتي هذا القرار رداً مباشراً على إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عن إنهاء المساعدات الأمريكية لبوغوتا، وذلك في إطار خلاف حاد وشخصي مع نظيره الكولومبي غوستافو بيترو.

شهدت العلاقات بين واشنطن وبوغوتا تدهوراً سريعاً وغير مسبوق خلال الأسابيع القليلة الماضية، وتحديداً منذ زيارة الرئيس الكولومبي اليساري، غوستافو بيترو، إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وخلال الزيارة، وجه بيترو انتقادات حادة للسياسة الخارجية الأمريكية، وشارك في مظاهرة ضد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، دعا خلالها إلى تشكيل جيش دولي للدفاع عن الفلسطينيين.

وبلغ التوتر ذروته عندما أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية إلغاء تأشيرة الرئيس بيترو أثناء وجوده في نيويورك، متهمة إياه بـ'أفعال تحريضية' و'حث الجنود الأمريكيين على عصيان الأوامر'، وهو ما نفاه بيترو واعتبره محاولة لإسكاته.

وتتزامن هذه الأزمة الدبلوماسية مع عمليات عسكرية أمريكية مثيرة للجدل في منطقة الكاريبي.

فمنذ شهر سبتمبر/أيلول الماضي، أمر الرئيس ترمب بشن أكثر من خمس ضربات عسكرية استهدفت قوارب زعمت الإدارة أنها تنقل المخدرات من فنزويلا وكولومبيا إلى الولايات المتحدة، مما أسفر عن مقتل 27 شخصاً.

وقد أثارت هذه الضربات قلقاً بالغاً في الكونغرس الأمريكي، حيث طالب مشرعون من الحزبين بإجابات حول الأساس القانوني لهذه العمليات، ودقة المعلومات الاستخبارية المستخدمة، واحتمالية قتل مواطنين أمريكيين، لكن الإدارة الأمريكية رفضت تقديم تفاصيل وافية.

ويُعتقد أن هذه العمليات العسكرية، التي وصفها ترمب بأنها جزء من 'نزاع مسلح' مع عصابات المخدرات، قد ساهمت بشكل كبير في تأجيج غضب الرئيس بيترو، المعروف بمواقفه المنتقدة لـ'الحرب على المخدرات' التي تقودها الولايات المتحدة ودعوته لتبني مقاربات بديلة.

في خطوة تصعيدية جديدة، أعلن الرئيس ترمب عن قراره بإنهاء المساعدات الأمريكية المقدمة لكولومبيا، والتي تُعد عنصراً أساسياً في العلاقة الثنائية تاريخياً، خاصة في مجالات مكافحة المخدرات والتنمية.

ورداً على هذا القرار، أعلنت وزارة الخارجية الكولومببية في بيان مقتضب، الاثنين، أن السفير دانييل غارسيا بينا قد عاد بالفعل إلى بوغوتا للتشاور.

وأضاف البيان أن حكومة الرئيس بيترو ستصدر مواقف أخرى وتوضيحات إضافية خلال الساعات القادمة لتحديد الخطوات التالية في هذه الأزمة.

يمثل هذا التطور انهياراً شبه كامل للعلاقة بين الولايات المتحدة وكولومبيا، وهما دولتان طالما اعتبرتا حليفين استراتيجيين في أمريكا اللاتينية.

إن قرار قطع المساعدات واستدعاء السفير يشير إلى أن الخلاف بين الرئيسين ترمب وبيترو قد تجاوز حدود الخطاب السياسي ليتحول إلى أزمة دبلوماسية مفتوحة.

وتضع هذه الأزمة إدارة ترمب أمام تحدٍ جديد في علاقاتها مع دول أمريكا اللاتينية، خاصة وأن بيترو يمثل تياراً يسارياً متنامياً في المنطقة ينتقد السياسات الأمريكية.

كما تثير تساؤلات حول مستقبل التعاون الثنائي في ملفات حيوية مثل مكافحة تهريب المخدرات والهجرة غير الشرعية.

وبهذا، تدخل العلاقات الأمريكية الكولومبية نفقاً مظلماً وغير مسبوق.

ويرتبط المسار العام للأحداث الآن بالمواقف التي ستعلنها حكومة بيترو، ومدى استعداد الطرفين لتقديم تنازلات أو البحث عن وساطات لاحتواء الأزمة، قبل أن تتسبب في تداعيات أوسع على استقرار المنطقة وعلاقات واشنطن بحلفائها التقليديين في أمريكا اللاتينية.