الاردن في الاعلام الاسرائيلي

الاردن في الاعلام الاسرائيلي

جانتي نورالدين ابزاخ

تنويه : اي اسقاط على اي شخصية او مؤسسة ليس محض صدفة ابدا

احتواء الجماهير الغاضبة

بعد طوفان الاقصى وما تبعه من حرب بربرية على قطاع غزة كادت هزاتها الارتدادية ان تصيب المملكة عملت اجهزة الدولة التي تمتلك ذاكرة قوية وتجارب متراكمة على امتصاص رد الفعل الشعبي واحتواء الشارع .

منحت الدولة هوامش اضافية للتعبيرالجماهيري ، فتماهى الاردن الرسمي مع مزاج الراي العام خلال الربع الاول من الحرب وازال رقباء الاعلام الاقماع من طريقه .

لم تخرج الدولة الاردنية عن المعتاد فاتبعت ذات الطريقة كعادتها في التعامل مع الازمات والاحداث الكبيرة ، فوظفت الحاضنة الشعبية لدعم حراكها الدبلوماسي والتأكيد على ثوابتها الوطنية ومصالحها العليا ، فتبارى الساسة والاعلاميون في رفع سقف تصريحاتهم .

في مرحلة لاحقة من الازمة اعلنت الدولة الردة على الشارع واستبدالت ' الاحتواء ' بالتحييد ،خوفا من الانتقال الى ' ساحة الاردن ' بدلا من ' دولة الاردن ' . فاستقرار المملكة راس مالها الاغلى الذي لا يقبل المساومة .

تتمثل اعمدة الحكمة في السياسية الاردنية في القرب بين القيادة والشعب ، العلاقة الاردنية – الفلسطينية، حسن الجوارالاقليمي، وصورة الاردن الدولية ، ومن هذه الاعمدة تتحدد ركائز السياستين الداخلية والخارجية .

تحركت الدبلوماسية الاردنية من الموقف الثابت تجاه السلام وحل الصراع القائم على مبدا الارض مقابل السلام ( حل الدولتين ) ، فانطلق الاردن بقيادة جلالة الملك ليؤكد ان حل الدولتين السبيل الوحيد للسلام الدائم ، واستمع العالم لجلالته باعتباره صوت الواقعية السياسية والضميرالانساني في اقليم مجنون .

ولادة التقرير وموته

بعد شهر من اندلاع الحرب بادرت وزارة الاتصال الحكومي بالتعاون مع وكالة الانباء الاردنية باعداد تقرير بعنوان ' الاردن في الاعلام الاسرائيلي ' ، وشاء قدري الوظيفي انذاك ان اكون احد افراد فريق اعداده .

هاجم الاعلام الاسرائيلي موقف الاردن الصلب ، فبدأت ماكيناته الاعلامية ببث تقارير ممنهجة ضد الدولة الاردنية وقيادتها ومسؤوليها ، وعملت على تسريب ما تيسر من مواد اخبارية عن الدبلوماسية السرية .

(قال الملك في مذكراته 'احدى المشكلات مع الحكومات الاسرائيلية هي ان كل شيء مهما كان سريا ينتهي به مسربا الى تلك الجهة او تلك ) .

ضخم الاعلام الاسرائيلي الاحداث الصغيرة كسقوط شظايا مسيرة قرب منطقة حدودية والتركيز على عمليات تهريب حدودية و فضح تجار يعملون مع الكيان بشكل فردي والصاق التهم بالدولة الاردنية للتشكيك بمواقفها ، وغيرها الكثير من المواد الاعلامية التي تم رصدها على مدار ستة شهور وهي عمر تقرير ' الاردن في الاعلام الاسرائيلي ' .

تعرضت الدولة الاردنية الى حملة شرسة ، وهوجمت القيادة والشعب ، فكنا نقرأ حجم الحقد في تقاريرهم ومقالات كتابهم تجاه مواقف الاردن وكل ما هو اردني .

( احيانا يتبع الاعلام الاسرائيلي عادة شريرة حيث يطلق شائعات عبر طرف خارجي و بواسطة وكلاء عندما تميل الامور الى التهدئة مع الاردن ).

رصدنا في التقرير كل ما ينشر عن الاردن من تقارير واخبار وتغريدات ومواد متلفزة من خلال عمل منظم فتم تحديد الاهداف من صحف ومواقع اخبارية ومواقع تواصل اجتماعي ومراكز بحوث خاصة اليمنية المقربة من الائتلاف الحكومي، اضافة الى رصد اخبارهيئة البث بقنواتها المختلفة وعدد من المؤثرين البارزين .

وفرالتقرير مادة دسمة للمعنيين ، وكان يحرر بطريقة احترافية من خلال تقديم ملخص قبل سرد المواد وتضمن في بعض نسخه ملاحظات للمحرر( توضيح مصطلحات وربط احداث ) دون المساس بالمضمون .

تولت الوكالة اعداده من الغلاف الى الغلاف بحكم ما تمتلكه من خبرات في مجال رصد الاعلام العبري والترجمة والتحرير الاحترافي ، ولاعطاء كل ذي حق حقه فان الزميلين ايمن الحنيطي ويحيى مطالقة صاحبا الفضل الاكبر فهما من المطلعين على السياسة الاسرائيلية و يمتلكون خبرات طويلة في الاعلام العبري .

(اشيرهنا الى ان قسم التحرير العبري في الوكالة تم الاجهاز عليه دون مبرر قبل سنوات وذلك بدلا ان تستحدث المنظومة الاعلامية الاردنية اقساما للفارسي والتركي مثلا !!! ).

هدف التقرير الى تقديم ملخصات اعلامية مرة او مرتين في اليوم لمن يهمهم الامر للتصدي للشائعات والاخبار المسربة والهجمات الممنهجة وابقاء المعنيين الاعلاميين في حالة استعداد للرد ( ادارة الازمة اعلاميا ) ، والاهم ان التقرير كان يقدم مؤشرات يمكن الاستفادة منها في وضع الخطط الاعلامية ان وجدت مثل هذه الخطط طبعا .

لم يحظى التقرير باي تقدير، والغريب قمنا نحن الفريق الذي نعده باتخاذ قرار ايقافه من تلقاء انفسنا ، و انتظرنا استفسارا من الوزارة عن سبب عدم اصدار التقرير ولكن كما يقال بالعامية ' العوض بسلامتكم ' ، فلم يأبه حتى اصحاب الفكرة نفسها بذلك . مات التقرير وذهبت المبادرة الى الجحيم ، فأرض الحكومة مقبرة خصبة تتسع العديد من المبادرات .

( لا علم لدي ان استمرت الوزارة في اصدار التقرير ولكن اشك بذلك حيث كان التقرير يعد بخبرات الوكالة ويحمل اسم الوزارة من الناحية الشكلية فقط ) .

قطيعة بين الاعلام الرسمي والتاريخ

اهم سمة تميز الاعلام الاسرائيلي ، انه اعلام لا يتناول الحدث بمعزل عن الماضي ، فالاحداث مترابطة مستمرة فما حدث مستمر الى الان . اعلام يعمل بخبث احترافي وممنهج فلا يقدم مواده دون ربطها بسردية تاريخية سياسية او حتى دينية تخدم اهداف الكيان .

وسأترك الاعلام الاسرائيلي وشأنه وانتقل الى اعلامنا الاردني الذي يعمل بطريقة معاكسة تماما ، فاعلامنا غالبا ما يتناول الاحداث كانها تقع للمرة الاولى من ابسطها الى اعقدها ، فمثلا يتناول قدوم فصل الشتاء كانه يحل للمرة الاولى وكذلك شهر رمضان المبارك ونتائج التوجيهي والتوقيت وغيرها الكثير من الاحداث التي تقع في الاردن اعلاميا للمرة الاولى ، اما على مستوى الاحداث الكبيرة فالكارثة كبيرة بكبرها .

الاعلام الاردني والمحللون والمعلقون وكتاب مقالات الراي ( الا ما رحم ربي ) لا يربطون احداث اليوم بتسلسلها التاريخي ، وكأن الحدث السياسي وليد جديد ' مقطوع من شجرة التاريخ ' .

فعلى سبيل المثال يتناول الاعلام حل الدولتين كرد فعل للحرب الاخيرة متناسيا الامتداد التاريخي لهذا الطرح ، فجلالة الملك منذ بداية عهده ينادي بحل الدولتين باعتباره الحل الحاسم للصراع .

حراك الملك يأتي ضمن سياق تاريخي ونهج راسخ للسياسة الخارجية التي يقودها الملك شخصيا ، فهو يعمل باستمرارعلى تحريك العملية السلمية ووضع حل الدولتين في كل مناسبة امام قوى العالم الفاعلة ، مع تحذيره ان عدم السير في هذه الطريق سيعيد الامور الى نقطة الصفر.

(حل الدولة الواحدة كجنوب افريقيا مرفوض اسرائيليا ، كما ان الخيار الاردني مرفوض اردنيا وفلسطينيا وعربيا ودوليا ، واليمين الاسرائيلي لا يريد احلال السلام الدائم و يريد ابقاء الامور في اطارعملية سلمية لا اكثر ، ويثير الفوضى في الاراضي المحتلة وحجته دائما عدم وجود شريك فلسطيني ، فماذا عسى الاردن ان يفعل !!! وماذا عساه سيفعل سوى ما يفعله جلالة الملك ).

جلالة الملك عندما يتحرك خارجيا لا يبدأ من جديد وانما يؤكد ما كان ويبني عليه وهذا ما عجز اعلامنا عن ايصاله لشعبنا الاردني والعربي خاصة . للاسف اعلامنا لا يتحرك بوتيرة متسقة مع حراك الملك والدبلوماسية الاردنية .

فلماذا لا تعد تقارير سياسية تنشر اعلاميا توثق حراك جلالته الدبلوماسي منذ مؤتمر مونوبوليس ومرورا بتأثير جلالته على الرئيس الامريكي السابق اوباما لتبني حل الدولتين ولقاءاته المتعددة مع الرؤساء الامريكيين ومبعوثيهم ومساهمات الملك في توضيح قضية الشرق الاوسط لهم وتثقيفهم . نعم فالملك يقوم بتثقيف الادارات الامريكية وصناع القرار في الكونغرس والتاثيرعليهم لعدم تبني الرواية الاسرائيلية .... !!! وهنااك الكثير من مهام الاتصال السياسي الملكي الذي لا يتطرق اليها الاعلام .

( خلال الاسبوع الماضي وجه الملك دعوة الى بابا الفاتيكان لزيارة الاردن ، وتحدث الى محطة بي بي سي ، ولم نجد متابعات اعلامية سياسية عميقة لهذين الحدثين المهمين جدا ) .

الاعلام السياسي كاعلام متخصص

سطحية اتجاهات خطاب الاعلام السياسي الاردني وفرت المستنقع الخصب لكل من اراد التطاول على مواقفنا السياسية وعلى الدولة ، و مع ذلك لا اقلل كذلك من شأن التضليل العميق والتزييف الممنهج ولكن علينا اولا تعزيز مناعتنا الاعلامية واحكام السيطرة على خطابنا السياسي الاعلامي من خلال وضعه في سياقه التاريخي.

الاعلام الذي يهاجمنا من الخارج يعمل باحترافية بما يخدم مصالحه ويعيد قراءة التاريخ وتقدير المواقف وتشويهها تبعا لاغراضه ، ومن ناحيتنا علينا تعزيز امننا الاعلامي لا فقط بدعوات الحظر والحجب المثيرة للسخرية ، وانما بايصال رسالتنا بحرفية وذكاء متسلحين بدور الاردن التاريخي الموصول وحراكه الذي لم يتوقف يوما لحل القضية الفلسطينية واحلال السلام الدائم .

فما الذي يمنع من الحاق الاعلاميين من الصف الاول ومدراء الاعلام بدورات متقدمة في المعهد الدبلوماسي الاردني او غيره لاكسابهم البعد السياسي اللازم لتمكين اخبارهم وتقاريرهم وخطابهم الاعلامي !!!

ولماذا الى اليوم لا نعترف باهمية الاعلام السياسي كاعلام متخصص مثل الاعلام الرياضي او الاقتصادي او الرقمي ...!

(من الضروري في الازمات ان تعمل وسائل الاعلام الوطنية على اعداد تقارير ' تقديرموقف ' ، تزود من خلالها المتلقي برأي خبير وتوصيات مبنية على بحث علمي لتمكين المتلقي من ترشيد رايه بعيدا عن التحيز) .

من التبعية الى الشراكة

الامر الاخر الذي لا بد ان اشير اليه يتمثل في علاقة الحكومة بالاعلاميين ورجال الصحافة ، فالحكومات الاردنية تنظر الى الاعلام كاداة وليس كشريك في القرار والمسؤولية ، فالصحافة لم يطلق عليها عبثا (السلطة الرابعة ) !!!السلطة هي ببساطة شراكة لا املاءات .

علينا كمجتمع سياسي اعلامي اعادة تعريف العلاقة بين الحكومة والاعلام واعادتها الى مكانها الصحيح كسلطة حقيقية ، فالاعلامي شريك وليس تابع او مجرد مستخدم .

( لا تتحمل الحكومة وحدها مسؤولية اعادة تأطيرالعلاقة ، وانما على رجال الاعلام والصحافة انتزاع حقهم وتأكيد مكانتهم ) .

الاعلاميون في العالم يوجهون اصحاب القرار احيانا ولكن في الاردن الاعلاميون يتلقون تعليمات اصحاب الالقاب وينفذون ما يطلبون وينشرون لهم ما لذ وطاب من وجبات اخبارية خفيفة ، وهم مرتجفون وخائفون من رد فعل صاحب اللقب وغضبته وامساكه مكافاته عنهم ، فقلة هم اصحاب الالقاب ممن يعتبرون الاعلامي شريكا .

وللاسف فقد ترسخ في العقل الجمعي لدى الاعلاميين بان الاعلامي مجرد موظف وتابع ، فخرج الاعلام من دائرة الشراكة الى دائرة التبعية .

ولم يقف الامر عند هذا الحد فتطور الامر فاصبحت المهنة عند بعض الاعلاميين في مختلف مواقعهم الوظيفية التطبيل والتدليك لاصحاب الالقاب ، ووسيلة تقربهم زلفى اليهم لعلهم يحظون بالعطايا والمناصب واستدامتها .

دعوات الشفاء لاعلامنا الرسمي

قبل سنوات انشأت الحكومة وزارة للاتصال الحكومي وهذه المنشاة لم تقدم حتى الان ما يستوجب الثناء او حتى التقييم ( نسخة بائسة من وزارة الاعلام في زمن مضى ) ، فوثيقتها في الاعلام والسياسة التي يتزين بها موقعها الالكتروني انشائية ولم تحدث منذ سنوات، والى ذلك لم تتضمن استراتيجية واضحة لتنفيذها ( ربما يعملون على استحداث استراتيجية فلننتظر ونرى ما سيقدمون ).

ولكن ايضا لا ضير من تصفية هذا الجسدالاعلامي واستبداله بهيئة وطنية او مجلس وطني للاعلام او حتى شركة حكومية - خاصة مشتركة على غرار المتحدة المصرية او اي صيغة اخرى وما اكثرها .

اما مجالس ادارة المؤسسات الاعلامية وتفويض بعض الصلاحيات ونقلها من المستوى السياسي الى المستوى الاداري فهذه قصة مؤلمة اخرى وبحاجة الى اعادة نظر، وكساحر اتنبأ بالمستقبل فالتجربة تسير بخطى واثقة نحو الفشل .

يروقني ان اطلق على الاعلام الرسمي ( اعلام المفاجات) ، فكلما تراجع الى الوراء نتفاجأ بان في جعبته المزيد من الوراء.

الاعلام الرسمي يرقد على سرير الشفاء في حالة يرثى لها ( لندعو له بسرعة التعافي ) فالمؤسسات الاعلامية ذات اداء ضعيف ، و تعمل بادوات نمطية ، مؤسسات غير واثقة ومترددة ، والمحتوى الذي تقدمه متواضع و تخاطب الجميع بلغة واحدة ، فالاعلام الذي لا يحدد مستهدفيه والادوات التي سيخاطب بها كل فئة ينتهي به المطاف لا يخاطب احدا .

(ان قفز احد الان من مقعده معتقدا انه كريستيانو رونالدو الوطنية ليسدد وطنيات طائشة لا يسعني الا ان اقول له ... من انت يا غالي ).

المتلقي العنيد صناعة رسمية

خطاب الاعلام الرسمي فج و املاء رتيب على جمهور شاب ذكي متمكن تكنولوجيا ، فهذا الاعلام العتيق لم يستفد الى اليوم من التكنولوجيا (يكتفي بالتنظير باهميتها ) وما تتيحه من وسائط للوصول الى مختلف الفئات ، ولم يضع في اعتباره الفرصة السكانية فخاطب اجيال الالفية ( جيل زد ) بخطاب عتيق مهترئ . ولم يكلف نفسه عناء التجديد والتحديث الى اليوم ، وربما سيسعى جاهدا للمحافظة على تقاليده العريقة مع جيل ( بيتا ) . هذه النمطية في تقديم المحتوى والادوات اضعفت الاتصال والتلقي .

اوجد الاعلام الرسمي دون قصد ما يسمى بــ ( المتلقي العنيد ) الذي اصبح يرفض لاجل الرفض اي رواية تصدرعن الاعلام الرسمي وبذات الوقت يتبنى نفس الرواية ان صدرت من ' مؤثر سوشيلجي ' ، مما اشعل الجدل لدى الراي العام وهذا ليس لان الراي العام مقتنع برواية اخرى مضادة ولكن لعدم ثقته بالاعلام الرسمي الا ما يتعلق باخبار العطل الرسمية وما يشبهها .

خلال الحرب فشل الاعلام الرسمي في بناء رأي عام موحد صلب، فلم يبرز موقف الاردن كما يجب ، ما ادى الى ظهور راي عام مشوه متخبط وهش كان عرضة للاستقطاب السياسي والاغتصاب الفكري من وسائل اعلام مختلفة تمثل دولا و تنظيمات ايدولوجية .

ولا انكر بهذه الحالة على الدولة حقها في توجيه الاعلام فالديمقراطيات العريقة توجه اعلامها ، ولكن بذكاء و بصورة غير تقليدية ، فالاعلام قوة ناعمة وليس تعليمات واوامر ونواه . فالقوانين والانظمة تضبط بيئة الاعلام ولكن لا تستطيع التأثير على الرأي العام وتوجيهه .

يجدر بالذكر ان الموجه (بفتح الجيم ) احيانا يبالغ في طلب التوجيهات ربما لعدم درايته ومعرفته الكافية بسياسة و مواقف دولته وحكومته او لضعفه الادراكي وخلل في عقله ومستوى ذكائه او ربما لانه يطرب لعبارات الاستحسان . وهذه الظاهرة عامة في جميع المؤسسات الاعلامية وغيرها .

اعلامنا الوطني اكتفى باداوات تقليدية ولم يقدم محتوى يلبي احتياجات الجمهور ، واستخدم غالبا حناجر كلاسيكية متحجرة بحبل صوتي واحد ، واقلام حادة وكانها سلاح ابيض في معركة ضد الراي الاخر .

' الترقيع ' في زمن الوسائط المتعددة

اما اصحاب الالقاب انصحهم بتعيين مستشارين اعلاميين يكونون لهم بمثابة المرشد في الامور الاعلامية ، فيكفينا فضائح اعلامية غير مقصودة وكلمات غير مدروسة تخرج من هذا الفم او ذاك بحيث يصعب ' ترقيعها ' في عصر الوسائط المتعددة .

كما انصح اصحاب الالقاب غير المتمكنين بعدم الارتجال فلا يعيبك اخي صاحب اللقب ان تكتب ملاحظاتك فارخص قلم رصاص يقدم خدمات تقيك وتقينا وتقي الوطن شر زلات لسانك .

ونقابتنا الكريمة تقوم بجهود مشكورة ولكن من الحكمة زيادة مساحة مظلتها لا تقليصها وان تكون نقابة جامعة ، فلماذا لا تعدل قانونها و تستحدث شعبا لاحتواء كل من يعمل بالاعلام الجديد وبعضوية كاملة غير منقوصة ... كنقابة الفنانين !

الهروب من نفق الاعلام الرسمي المظلم

واستذكر ادراجا لاخي الصحفي صاحب القلم الفارق راكان السعايدة بعيد لقائه رئيس الوزراء الدكتور حسان جاء فيه ...

' أن الدول المتقدمة استثمرت في إعلامها كقوة ناعمة تخدم مصالحها الاستراتيجية، داعيًا الحكومة الأردنية إلى إعادة إنتاج الحالة الإعلامية من خلال تبني استراتيجيات وطنية شاملة، وتوفير حريات أوسع، ودعم مالي كافٍ، إلى جانب تطوير الكوادر الإعلامية ومنصاتها الرقمية ' .

أن الفرصة الحالية لتحديث الإعلام، التي أسس لها الدكتور حسّان، تعد فرصة نادرة يجب الاستثمار فيها لتحقيق إعلام وطني قوي ومرجعي يخدم الدولة الأردنية ومصالحها ' .

اشارك راكان تفاؤله فلم يفت الاوان بعد ، فعلى الارجح سيبدأ دولة الدكتور بملف الاعلام قريبا .

ربما اسعد ما كتبت البعض وازعج اخرين 'حابين بعد الحصة الخامسة يلاقوني عالترويحة ' ، وعلى الرغم من ذلك اضع مقترحات اراها مهمة للهروب من نفق الاعلام الرسمي المظلم الذي يلوح بنهايته ضوء قطار بخاري يسير باتجاهنا .

النظر الى الاعلام كمسار تحديث رابع ، اعتبار الصحفي ورجل الاعلام شريك في القرار لا مجرد مستخدم ، تاكيد اهمية الاعلام السياسي وتوفير دورات سياسية في المعهد الدبلوماسي خاصىة في العلاقات الدولية والنظم السياسية للدول المؤثرة ، العمل على انشاء مركزحكومي للدراسات الاعلامية والسياسية ،وضع استراتيجية اعلامية وطنية ( اجندة اعلامية وطنية ) بمشاركة الجميع وبلا استثناء . ( كاللجان الملكية التي اتسعت للجميع وسمعت من الجميع واخذت برأي الجميع لا كلجان الحكومة المبتورة )،

اعادة النظر في المفردات الاعلامية ، الانتقال من مرحلة التنظير التكنولوجي الى التطبيق العملي في المؤسسات الاعلامية الرسمية وشبه الرسمية ، البحث بجدية عن شركاء في القطاع الخاص ،اعادة هيكلة المؤسسات الاعلامية الرسمية ودمجها واعادة تنظيمها، الغاء وزارة الاتصال الحكومي والبحث عن صيغة تكون بمثابة مظلة جامعة للاعلام الوطني، العمل على ايجاد هيكل اداري ومالي خاص بالمؤسسات الاعلامية خارج اطار هيئة الخدمة والادارة العامة .

نحن جميعا الاردن ... من مختلف مشاربنا الفكرية وتوجهاتنا السياسية ومنابتنا ، قد تختلف زوايا نظرنا الى المصلحة العامة وتتباين اراؤنا في تقدير المواقف ، ولكن بمجموعنا نحن الاردن ...

فاين الاردن ( نحن ) في الاعلام الاردني .