لندن في أدب فرجينيا وولف

كم أحب التسكع في لندن – السيدة دالاواي

في رواياتها ومقالاتها ويومياتها بطبيعتها المعقدة والعميقة والآسرة، تعيش فرجيينا وولف انتباهها الخاص نحو مدينتها لندن، ذلك الانتباه الذي يتأرجح بين حرية مترددة ومحفوفة بالممنوعات الفكتوريّة، ورغبة في الانطلاق نحو عالم كان رحب جديداً عليها، وبمعية أشقائها، أن تؤسسه على وفق هواها المتسامح، والمنفلت أحياناً. فبعد وفاة والدها السير ليزلي ستيفن، انتقلت هي وإخوتها من منزل العائلة في كنسينغتون إلى منزل في بلومزبري، وهي منطقة تقع في قلب لندن. بدأ الأشقاء في استضافة التجمعات غير الرسمية لأصدقائهم، ما أدى في النهاية إلى تشكيل المجموعة الأهم في تاريخ الأدب الإنكليزي: مجموعة بلومزبري وحدث ذلك تحديداً عام 1904. من بين الأعضاء الرئيسيين في المجموعة كانت شقيقتها الرسامة فانيسا بيل، والروائي إي إم فورستر، والاقتصادي جون ماينارد كينز، والناقد الفني كلايف بيل، والكاتب والناشر ليونارد وولف (زوج فرجينيا فيما بعد). اتحد أعضاء المجموعة من خلال إيمانهم المشترك بأهمية الفن والأدب والحرية الفكرية، فضلاً عن معارضتهم للأعراف الأخلاقية والاجتماعية الفيكتورية.

قبل ذلك بسنوات قليلة، كانت العمة تحذر فرجينيا من الخروج بعد الظهر إلى الأماكن العامة، لأن ذلك لا يناسب سمعة فتاة من الطبقة المتوسطة، فالأماكن العامة هي من حصة الرجال فقط، وللمرأة مجالها الخاص: المنزل.

وهذه هي الفاصلة الذي لم تمت فيها الأخلاق الفكتورية تماماً، ولم تكن تقاليد الحداثة قد ولدت بعد. من هناك تكون فرجينيا وولف، بحد ذاتها، ظاهرة مفصلية بين زمنين، وتصبح بطلاتها (السيدة دالاواي على سبيل المثال) مثالاً لدخول المرأة في الحيز العام، والتحرك فيه بروح جديدة لم يألفها العالم القديم الذي يتوارى ببطء.

مع حركة (السيدة دالاواي) تبرز المدينة، ولندن تحديداً كخلفية للأحداث تعمل على تشكيل مزاج هذه المرأة الأرستقراطية، وتملي عليها شروط حركتها وطريقة وعيها لعالمها الجديد، حيث الطائرات تكتب الإعلانات على صفحة السماء في ذلك اليوم البديع من شهر يوليو، وتعلن (بغ بن) حلول منتصف النهار، بينما يتوقع أن تكون الملكة قد خرجت للتسوق وسط زحام المدينة، التي تضج بعرباتها وشاحناتها وحافلاتها المكشوفة على هواء المدينة. لماذا صممت الحافلات بطابقين؟ ولماذا ظهرت في لندن تحديداً؟ هل كان على سكان هذه المدينة أن يتعرفوا على التبدلات المتسارعة في نمط عمارتهم وتنظيم أحيائهم السكنية والتجارية وهم يجلسون في الطابق العلوي من مركبة تشق طريقها في شارع بوند وأكسفورد وفكتوريا وريجنت ستريت؟!

هكذا قدر لأبطال فرجينا وولف أن ينهمكوا داخل مدينتهم وكأنهم يرتدونها كمعطف، على حد تعبير باشلار. ففي السيدة دالاواي، والليل والنهار، وأورلاندو، وإلى المنارة والأمواج، تلعب لندن دور المحرك الخفي للأحداث. يعيش داخلها أبطال الروايات دون ملاحظة تدفق الزمن، فهم في غالب الأمر مستسلمون لتيار الوعي الذي اختارته المؤلفة أسلوباً لأعمالها الروائية.

2 / 6

بعد تأثرها بعمل جيمس جويس (يوليسيس) كما أقرت ضمنياً بذلك، ونحن نعرف أن التداعي الحر لا يعترف بخطية الزمن وتطوره. لذلك، يعيشون الماضي والحاضر في لا زمنية لا منطقية متداخلة.

في هذه البيئة المحفزة، ازدهرت كتابات فيرجينيا وولف حين جربت أشكالًا جديدة من السرد، ودفعت حدود الرواية، كنوع أدبي، إلى تخوم جديدة تلعب الفضاءات العامة فيها دوراً محورياً يكشف عن روح مدينة الحداثة بالكثير من الجرأة والقليل من الحياء والتردد.

السيدة دالاواي: التنقل في شوارع المتاهة

في «السيدة دالاوي» تقدم وولف لندن على أنها أكثر من مجرد مكان للأحداث، بل شبكة معقدة تربط شخصيات الرواية. تصبح المدينة نفسها كائنًا حيويًا وضاجاً، حيث تعكس شوارعها المفعمة بالطاقة ومناظرها المتطورة باستمرار الحالات العاطفية لسكانها. إن الوقت الذي قضته وولف مع مجموعة بلومزبري، المتجذرة في قلب المدينة وهوسهم بتبدلات الحياة اليومية وإيقاعها المتغير من خلال تسكعهم المتواصل في دروبها، عمّق من ارتباطها بالبيئة الحضرية. ففي هذه الرواية، تلتقط وولف بوضوح الشوارع النابضة بالحياة في لندن بعد الحرب العالمية الأولى، حيث بطلتها كلاريسا دالاوي، تقضي يومها في المرور من خلال شوارع المدينة استعداداً للسهرة المسائية التي تقيمها لنخبة من وجوه المجتمع المخملي. فمن خلال عيون هذه البطلة وتدفق ثرثرتها الداخلية، ينغمس القارئ في أجواء المدينة الديناميكية. تأخذ لندن شكل حياة خاصة بها، لها طابع مميز يؤثر على سيكولوجية سكانها حيث تعكس الرواية إحساس المدينة المستمر بالخسارة والصدمة في أعقاب الحرب العالمية الأولى: «كان لديها إحساس دائم، وهي تراقب سيارات الأجرة بالخروج، بعيدًا عن البحر وحيدة؛ كانت تشعر دائمًا أنه كان من الخطير جدًا أن تعيش يومًا ما».

من خلال شخصية سبتيموس وارين سميث، وهو جندي تطارده شياطين ما بعد الحرب، تسلط وولف الضوء على الأعباء العاطفية التي يحملها الناجون من الحرب. يؤكد زوال سبتيموس المأساوي بشكل مؤثر على الاغتراب واليأس الذي يعاني منه الكثير في المشهد الحضري سريع التغير: «شوارع لندن لها خريطتها، لكن شغفنا بها يبقى مجهولاً. ماذا ستقابل إذا انعطفت في هذه الزاوية؟».

تلتقط وولف الطاقة وعدم القدرة على التنبؤ في الشوارع، وتصور المدينة على أنها مساحة ديناميكية ومتغيرة باستمرار. يتجسد فيها الإحساس بالإمكانية والإثارة اللذين ارتبطت بهما وولف مع لندن، حتى عندما اعترفت بالتحديات التي تواجهها: «كونك عشت في وستمنستر – كم سنة الآن؟ أكثر من عشرين عاماً – يشعر المرء حتى في خضم حركة المرور، أو الاستيقاظ في الليل، كانت كلاريسا إيجابية، أو صمتاً خاصاً، أو جدية. وقفة لا توصف. تشويق (ولكن قد يكون هذا هو قلبها، الذي تأثر، كما قالوا: بالإنفلونزا) قبل أن تضرب ساعة بيغ بن. هناك! بها ازدهرت. أولاً تحذير، موسيقى. ثم الساعة، لا رجعة فيه. دوائر الرصاص تذوب في الهواء. مثل هؤلاء الحمقى، كما اعتقدت، نعبر شارع فيكتوريا».

3 / 6

تجتاز شخصيات «السيدة دالاوي» شوارع لندن الشبيهة بالمتاهة، وتواجه باستمرار طيفًا واسعًا من التجارب البشرية. تعكس جودة المدينة التي تشبه المتاهة الاضطراب الداخلي لشخصياتها، ما يولد إحساسًا بالغموض والارتباك. هذا الموضوع مؤثر بشكل خاص عند التفكير في استكشاف وولف لمرور الوقت والطبيعة غير الثابتة للوجود.

«قالت كلاريسا في نفسها وهي تعبر شارع فكتوريا: ما نحن إلا مغفلون، ذلك أن الله وحده يعلم لماذا يحب المرء الدنيا هكذا، كيف يراها المرء هكذا… إنهن يحببن الحياة.. في التبختر والتشرد والتخبط، في الزعيق والصخب، والعربات والسيارات والحافلات والشاحنات وحملة الإعلانات على الصدور والظهور وهم يجرجرون أقدامهم ويتمايلون، والفرق النحاسية والأرغن اليدوي الدوار.. والنشيد الغريب العالي لطائرة ما فوق الرؤوس».

إلى المنارة: تجاور الحياة الحضرية والريفية

في «إلى المنارة» تتعمق وولف في تعقيدات الإدراك البشري والذاتية. على الرغم من أن الرواية تدور أحداثها في الغالب في منزل عائلة رامزي الصيفي في جزيرة سكاي الخلابة في إسكتلندا، فإن المدينة تأتي معها لتلعب دورًا مهمًا في تشكيل أفكار الشخصيات وعواطفها؛ إذ نعثر هنا على تأثير الحياة الحديثة على العلاقات الإنسانية ونمو الوعي الفردي. تقارن وولف التطور الفكري والفني الذي ترعاه المدينة مع الحنين المثالي للريف. ففي حين تجسد المدينة التقدم والابتكار، تثير البيئة الريفية التوق إلى حقبة ماضية.

هذا التناقض بين الحياة الحضرية والريفية بمثابة لوحة تحاول وولف من خلالها أن تستكشف تأثيرات الحداثة على الروابط البشرية وإدراك الذات، ما يكشف عن الفجوة العميقة بين القديم والجديد: «يبدو أن المدينة والمنزل والناس يندمجون بعضهم في بعض، كما لو كانوا جميعًا ليسوا أكثر من سلسلة من الدوائر متحدة المركز.»

فهي هنا تستكشف الأعراف والتوقعات الاجتماعية للطبقات العليا في لندن، وتصور المدينة كمكان للتسلسل الهرمي الصارم والأعراف الاجتماعية. يعكس ذلك الإحساس برهاب الأماكن المغلقة والفخ الذي يعاني منه العديد من شخصياتها، حيث يكافحون من أجل التحرر من قيود أدوارهم الاجتماعية.

الليل والنهار: الصفاء وسط المدينة

في الليل والنهار، يتبنى تصور وولف للندن نغمة مختلفة؛ فبدلاً من المدينة النابضة بالحياة التي صورتها في السيدة دالاواي، نتعرف على جانب أكثر هدوءًا واستبطانًا للحياة الحضرية. تسعى بطلة الرواية، كاثرين هيلبيري، كثيرًا إلى الراحة في الشوارع الهادئة المقفرة. قد يتأثر هذا التصوير بسعي وولف الشخصي للوحدة والاستبطان وسط الحياة الصاخبة لمجموعة بلومزبري.

4 / 6

تصوير وولف للندن في «الليل والنهار» غني بالتفاصيل ومثير للذكريات؛ تصف المدينة بجمالها وعيوبها، وتلتقط حيوية وطاقة الحياة الحضرية بالإضافة إلى عزلتها وعزلها. في جميع أنحاء الرواية، تأخذ وولف القارئ في جولة في شوارع لندن وأحيائها، من المناطق التجارية الصاخبة إلى المناطق السكنية الهادئ: «البيوت، والشوارع، والناس مثل الظلال الملقاة على سطح بحيرة عملاقة تحت الأرض، وفقط عندما يكون السطح هائجًا، كما هو الحال في النهار، تظهر ضلالهم الهائلة»، فهنا يتضح الشعور بعدم الثبات وعدم الاستقرار الذي يتخلل الرواية، حيث يتم تصوير المدينة على أنها كيان متغير ومتحول باستمرار.

من أكثر السمات اللافتة للنظر في تصوير وولف للندن اهتمامها بالفصول المتغيرة: «لندن نفسها تجذبني على الدوام وتحفزني وتمنحني مسرحية وقصة وقصيدة، بدون أي مشكلة، باستثناء تحريك ساقي في الشوارع». فهذه هي طاقة وإثارة الحياة الحضرية، حيث توفر المدينة إلهامًا وتحفيزًا لا نهاية لهما لشخصيات الرواية. تصور وولف أيضًا لندن على أنها مدينة تمر بمرحلة انتقالية، حيث يتم هدم المباني والأحياء القديمة لإفساح المجال للتطورات الجديدة: «هناك شيء ما في لندن يبدو أنه يجعل قلوب الناس تنبض بشكل أسرع»، لنشهد الكثافة العاطفية لحياة المدينة، وانجراف الشخصيات في الوتيرة المحمومة والنشاط المستمر للبيئة الحضرية.

استخدام وولف للمدينة كإطار في «الليل والنهار» يعمل على التأكيد على الموضوعات المركزية للرواية المتمثلة في الهوية والحرية والبحث عن المعنى في عالم سريع التغير: «يبدو أن المدينة تخلت عن لباسها اليومي، وارتداء ملابس الحفلات، وكأنها خرجت إلى الهواء البارد في الضواحي للتنزه في الحديقة على سفح التل». هذا الإحساس بالتحول والتجديد الذي تعيشه المدينة في جميع أنحاء الرواية، حيث تتخلص من جلدها القديم وتبرز في مظهر جديد، إنما يشير إلى الانهماك المزمن بالمدينة ومراقبة تبدلاتها المتواصلة.

أورلاندو: خلود المدينة وتحولات البطل/ـة

في أورلاندو، تروي وولف قصة شاب نبيل يدعى أورلاندو، يعيش لقرون ويغير جنسه بشكل غامض في منتصف الطريق خلال الرواية. تقدم رحلة بطل/ـة الرواية عبر الزمان والمكان منظورًا فريدًا للمدينة حيث تتطور وتتحول على مر السنين. تعد لندن مركزًا في حياة أورلاندو، حيث إنها المكان الذي يختبر فيه أحداثًا مهمة ويلتقي بالعديد من الشخصيات التاريخية. يكشف تصوير الرواية للمدينة تبدلاتها الجوهرية على مر القرون؛ فعلى مدار تلك القرون يدعو أورلاندو القارئ في رحلة عبر حياة بطل غامض يجتاز فترات ومدناً تاريخية مختلفة. تسلط الرواية الضوء على قدرة المدينة على التحول وقدرة الفرد على التكيف استجابة لمرور الوقت.

5 / 6

تكشف تجارب أورلاندو في مدن مثل لندن، العصر الإليزابيثي والقسطنطينية، العلاقة المعقدة بين المدينة والفرد، فضلاً عن تأثير الأحداث التاريخية على التنمية الحضرية.

يقول أورلاندو: «لندن كانت قد بدأت تضيء نفسها في وقت الغسق. أزيز الأنوار الكهربائية وخشنة في الطرق الرئيسية، ومصابيح الغاز في الشوارع الجانبية تلمع من الذهب الكناري أو الأخضر».

نكون هنا على موعد مع مدينة تمر بمرحلة انتقالية، عالقة بين الماضي والمستقبل. ويعكس الاقتباس أعلاه الإحساس بالتغير التكنولوجي والابتكار الذي كان يجتاح المدينة، حيث احتضنت أشكالًا جديدة من الإضاءة ووسائط النقل.

الأمواج: المدينة المجزأة والفرد

تؤرخ رواية «الأمواج» الحياة الداخلية لستة شخصيات وهم يتأملون تجاربهم وذكرياتهم على مدار حياتهم. وفي حين أن الرواية لا تحدث حصريًا في مدينة، فإن المدينة بمثابة استعارة رئيسية للصراعات والرغبات الداخلية للشخصيات. ففي هذه الرواية، تظهر المدينة كاستعارة للتجزئة والتغيير السريع للحياة الحديثة. بالتركيز على الحياة الداخلية للشخصيات، تتناول المؤلفة تأثير المدينة على الفرد، مع التركيز على العزلة والانفصال التي تعيشها البيئة الحضرية الحديثة، حيث يمكن أن تكون العلاقات الشخصية عابرة وسطحية. تصبح المدينة رمزاً للطبيعة العابرة والمجهولة التي تميز الحالة الحديثة.

في جميع أنحاء الرواية، تستخدم وولف المدينة كرمز لشوق الشخصيات إلى التواصل والانتماء. يقول برنارد، وهو أحد أبطال الرواية: «رأيت مدينة تعج بالحياة، وبدا لي أنني يمكن أن أكون جزءًا منها، وأن أجد مكاني فيها». تستخدم وولف أيضًا المدينة كاستعارة لإحساس الشخصيات بالغربة والانفصال. وتقول جيني، وهي بطلة أخرى في هذه الرواية: «مشيت في شوارع المدينة، لكنني شعرت وكأنني أسير بمفردي».

أحد أقوى جوانب تصوير وولف للمدينة في «الأمواج» هو استخدامها للغة الحسية لالتقاط نسيج وإيقاعات المدينة: «سمعت صوت المدينة، زئير الزحام، رعشة الترام، ثرثرة الناس».

يعمل استخدام وولف للمدينة كاستعارة في «الأمواج» على التأكيد على الموضوعات المركزية للرواية المتمثلة في الهوية واكتشاف الذات والبحث عن المعنى في الحياة. ومن خلال أوصافها الحية للمدينة، تدعو القارئ إلى الانخراط في هذه المواضيع والتفكير في تجاربهم الخاصة في الحياة الحضرية.

كما تلاحظ إحدى الشخصيات: «المدينة هي مكان لكل من الاحتمال والعزلة، والأمر متروك لنا للعثور على مكاننا فيها». يعتبر تصوير وولف للمدينة في «الأمواج» واقعيًا ورمزيًا في آن واحد، ويدعو القارئ إلى الانخراط في موضوعات الهوية واكتشاف الذات.

بشكل عام، تعزز هذه الرواية فكرة أن المدينة هي بمثابة استعارة للصراعات والرغبات الداخلية للشخصيات.

6 / 6

تقدم أعمال وولف رؤية معقدة ومتعددة الأوجه للندن كمنطقة حضرية حديثة، وتستكشف سياقاتها الاجتماعية والثقافية والتاريخية بحساسية ودقة. من خلال كتاباتها، تواصل هذه الروائية العظيمة تحدي وإلهام القراء للتفكير بعمق في المدن التي يعيشون فيها، والتفكير في الطرق التي تشكل بها الحياة الحضرية تجاربنا وتصوراتنا للعالم. من هنا، تكون روايات فرجينيا وولف الخمس، التي تم التطرق إليها، تعكس استكشاف المدينة والحياة الحديثة الحياة الشخصية للمؤلفة وتجاربها داخل مجموعة بلومزبري، حيث تظهر هذه الأعمال الرائدة كيف ساعدت لقاءات وولف في تشكيل أساليبها السردية المبتكرة ومقارباتها الفريدة لموضوع المدينة والحياة الحديثة.

بينما تختلف الروايات في تعاملها مع هذا الموضوع، فإنها تقدم بشكل جماعي وجهات نظر ثاقبة لا يمكن إلا أن يتوفر من خلالها القارئ على حس عاطفي تجاه المكان بوصفه حاضنة مؤثرة في تشكل الذوات وطريقة رؤيتهم لمعنى حيواتهم وسبل التعبير عنها.