حقيبة أكاذيب حرب غزة

بقلم: ب. ميخائيل 2/4/2024

الحروب بطبيعتها هي مجالات يتم فيها إطلاق المشاعر. مسموح أن يتم فيها فعل كل ما هو محظور في الأوقات العادية: القتل، التدمير، السرقة، النهب، التنكيل، الإهانة، الحيونة والمشاغبة. لذلك فإنه من أجل تطهير أفعال الجنود فإن الطرفين المتقاتلين يمارسان منظومات دعاية دورها تبرير وإخفاء أي تدمير زائد أو قتل لا حاجة إليه أو قمع وحشي.

هكذا أيضا في حرب غزة. أيضا هنا تسعى منظومة الدعاية في إسرائيل إلى اختراع مبررات وحجج لكل الأفعال التي تم القيام بها. في أرجاء العالم النجاح ضئيل جدا. الزبائن لا يشترون. في إسرائيل النجاح كبير. هذا ليس غريبا. الجمهور في إسرائيل يتمتع بميزات تسهل جدا الأمر على رجل الدعاية: انعدام مطلق للوعي الذاتي، وغياب كل بقايا الذاكرة التاريخية.

هاكم مثال: رجل العلاقات العامة في الجيش الإسرائيلي مسرور دائما بالإبلاغ بأنه في مدرسة أو مستشفى أو مسجد أو حي سكني تم اكتشاف 'مخزن سلاح'. هذا دليل قاطع على وحشية العدو الحماسي، الذي يدنس المقدسات ويستغل المستشفيات ويخفي أدوات تدمير في بيوت المدنيين. ليخجل! لدينا هذا لم يكن ليحدث. لذلك فإنه من الجيد أننا قمنا بقصف المدارس والمستشفيات والمساجد والأحياء السكنية لهم.

نعم، لدينا لم يكن شيء كهذا. لدينا كان هناك 'مخابئ سلاح'. المخبأ هذا ليس 'مخزن سلاح'. 'المخبأ' هو جزء من التراث البطولي لحركاتنا السرية. لقد تم هناك إخفاء فقط سلاح طاهر كي نحارب به المحتل الأجنبي ومن يكرهوننا.

تقريبا 1500 مخبأ يهودي كان لدينا. لقد اخفيت في المدارس والكنس والمستشفيات (من بينها مستشفى هداسا) من تحت الخزانة المقدسة في بيت للايتام وفي مئات بيوت المدنيين وفي عشرات المنشآت والأماكن العامة. ولكن كيف يمكن المقارنة؟ هذا 'مخزن سلاح' دنس لهم. وهذا 'مخبأ' طاهر ونقي لنا. يا للخزي ويا للعار.

مثال آخر، الخدعة الاكثر نجاحا لمجموعة الدعاية في إسرائيل تبرر وحشية الجيش بذريعة أن حماس 'تختبئ وراء السكان المدنيين'. هذا فظيع حقا. هم فقط قادرون على القيام بمثل هذا العمل الدنيء.

مرة أخرى الجهل التاريخي يساعد في تسويق هذه الباستا الملونة. إسرائيل اليوم أيضا قريبة من أن تكون بطلة العالم في إرسال مواطنيها إلى جبهات من أجل أن تختفي وراءهم. كل أسطورة 'الاستيطان' بنيت على ذلك. كل قداسة 'المحراث والعنزة' كمحددة للحدود تستند إلى الاختفاء وراء المدنيين. هؤلاء يرسلون مع النساء والأطفال لتنفيذ مهمات احتلال وتهجير. وعندما يصابون، لا سمح الله، يتم خلق ذريعة مدهشة لارسال جيش محتل كي يبعد الحدود ويوسع المملكة. يصعب العثور على كولونيالي واحد لم يستعمل هذه الخدعة السيئة. الأوروبيون في أميركا الجنوبية والشمالية، الإنجليز في أستراليا، الهولنديون والفرنسيون في إفريقيا... دائما بنفس الطريقة: احتلال سريع، إحضار مدنيين من قبل المحتل، تدمير وطرد أو استعباد السكان الأصليين. 'مشروع الاستيطان' الخبيث يعلن بشكل صريح أن هذا هو هدف وجوده.

لذلك أنا أخاف أن تكون إسرائيل مخطئة تماما في اتهام الآخرين بالاختباء وراء المدنيين. ومن أجل العودة والحصول على أذن للتلويح بهذه الحجة فإنه من المناسب إخلاء أولا جميع المستوطنات التي تختبئ إسرائيل وراء سكانها وتخفي نواياها.

حتى الآن نحن لم نتحدث عن كذبة 'عدد المخربين الذين قتلوا' و'نحن لم نتعمد المس بالمدنيين' و 'حذرناهم كي يبتعدوا' قبل أن نقوم بقصفهم، ربما هذا سيكون في الحلقة القادمة.