اخبار الاردن
موقع كل يوم -وكالة رم للأنباء
نشر بتاريخ: ٢٨ حزيران ٢٠٢٥
رم - في قلب معركة الوعي والحفاظ على هوية الأردن وأمنه واستقراره، تبرز المخدرات اليوم كأخطر التحديات الوجودية التي تهدد شبابنا ومجتمعنا. إنها ليست مجرد ظاهرة منحرفة أو مخالفة للقانون، بل سلاح قذر يقوض قيمنا ويفكك بنيتنا الاجتماعية والاقتصادية، عبر استهداف الفئة الأهم: شبابنا، عماد الحاضر وأمل المستقبل.
ما شهدناه من جرائم مرتبطة بالإدمان، كما في قضية 'شاب البيادر'، هو جرس إنذار للجميع: الخروج عن القانون ليس خياراً، ولن يجد له مكاناً في وطننا. فكل الثقة بجهازنا الأمني، الذي يخوض هذه المعركة على مدار الساعة، بشجاعة واحترافية، وبالقضاء الذي يشكل الضمانة للردع والعدل. إلا أن المواجهة الحقيقية تتطلب أكثر من ذلك: إنها معركة ضمير ومسؤولية وطنية جماعية.
لم يعد من المقبول النظر إلى آفة المخدرات كقضية أمنية فقط، بل كقضية سيادية تمس أمننا المجتمعي والوطني. في ظل حدود مضطربة وإقليم يعاني من النزاعات، يتحوّل الأردن إلى سد منيع في وجه تجارة مميتة، تموّل جماعات خارجة عن القانون وتضرب عمق الاستقرار. من هنا، تبرز أهمية التنسيق مع الأشقاء والأصدقاء، وتفعيل الاتفاقيات الأمنية والرقابية لمواجهة التهريب، خصوصاً عبر الحدود.
لكن الحرب الحقيقية تبدأ من الداخل: من أحيائنا ومدارسنا وجامعاتنا. فالمخدرات التي تغزو أسواقنا بأسعار زهيدة وأسماء مرعبة كـ'الكريستال' و'الكبتاجون'، تتربص بشباب الوطن، وتقدم لهم بوهم الهروب من الضغوطات الاقتصادية. وهنا، علينا أن نواجه الحقيقة بجرأة: فالوقاية تبدأ من التربية، ومن خطاب إعلامي مسؤول، ومن بيت يُصغي، ومدرسة تُرشد، ومجتمع لا يصمت.
ولذلك، فإن المعركة يجب أن تُدار بالوقاية والوعي أولا، والرقابة الذكية على سلاسل وشبكات الإمداد والتوزيع، سواء للمخدرات أوالادوية التي من الممكن اساءة استخدامها -بالقانون- والعلاج والتأهيل عبر مراكز صديقة تراعي الخصوصية وتُعيد دمج المتعافين في نسيج المجتمع، والردع بالقانون من خلال تشديد العقوبات على المهربين والمروجين والمتعاطين، وتعزيز التنسيق الأمني داخليا وخارجيا.
إن من يتعامل مع المخدرات أو يروجها، هو ليس ضحية بل أداة تهددنا جميعاً. ولن يكون له مكان بيننا. فمجتمعنا اليوم أكثر وعياً وصلابة، ولن يقبل بتكرار نماذج تسعى إلى تفكيكه من الداخل. الشباب الأردني ليس رقماً في معركة، بل السلاح الحقيقي فيها؛ بسواعدهم ووعيهم نكسب هذه الحرب.
فلنقف صفاً واحداً، شعباً وأمنًا، فكرًا وقانونًا، لنقول: لا مكان للمخدرات في أردننا، ولا مأوى لمن يخرج عن القانون.