اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ٦ تشرين الثاني ٢٠٢٥
الكراهية حين تُدان بالكلمات وتُمارس بالأفعال
كتب زياد فرحان المجالي -
في خطابها أمام قمة 'عالم شاب واحد'، قالت الملكة رانيا عبارة شديدة الصدق والعمق: 'الكراهية تتسلل مجددًا إلى أسس مجتمعنا العالمي تحت أسماء مختلفة... والاستهانة بها باعتبارها مجرد كلام هو تجاهل لكيف بدأت كل إبادة جماعية: بالكلمات.'
جملة تحمل في ظاهرها تحذيرًا إنسانيًا، لكنها في عمقها تفضح مأزق العالم الذي يتحدث عن الأخلاق وهو يشارك في صناعتها على المقاس.
فالعالم الذي يبكي على خطاب الكراهية هو نفسه الذي يغضّ الطرف عن حروب تُشنّ باسم 'الردع”، وحصارات تُفرض باسم 'الأمن”، وصمتٍ دولي على مجازر تُبرَّر بأنها 'حق الدفاع عن النفس”.
الكراهية ليست فقط في الكلمات التي تُقال، بل في الأفعال التي تُكرَّر، في الازدواجية التي ترفع شعار التسامح في المؤتمرات وتُوقّع صفقات السلاح في الغرف المغلقة.
الملكة رانيا أعادت التذكير بأن 'كل إبادة بدأت بالكلمات”، لكن العالم الذي يُصفّق للعبارة يتناسى أن ما يجري في غزة اليوم بدأ هو الآخر بالكلمة: حين أُشيطن الفلسطيني، وصُوّر الضحية كجاني، وتحوّلت اللغة الإعلامية إلى أداة قتلٍ رمزية تمهّد للقتل الحقيقي.
الخطاب في جوهره صرخة ضد النفاق الدولي، وإن لم يُسمِّه مباشرة. فالعالم الذي يُدير ظهره للمعاناة، ويقيس الدماء بخرائط المصالح، لا يختلف كثيرًا عن أولئك الذين يزرعون بذور الكراهية علنًا.
الفرق الوحيد هو أن الأول يتقن لغة الإنسانية، بينما الثاني يعلن عداوته بصراحة.
ولعل القيمة المعنوية في خطاب الملكة ليست في تكرار التحذير من الكراهية، بل في تذكير النخب الغربية بأن السكوت على الكراهية هو شراكة في الإبادة، وأن الكلمات التي تُقال من على المنصات لن تغيّر شيئًا ما لم تتبعها مواقف صادقة في الميدان.
في النهاية، يبقى السؤال الأخلاقي معلّقًا:
هل ما زال العالم يملك شجاعة مواجهة الكراهية حين تأتي من الأقوياء؟
أم أن 'الكلمات الجميلة” صارت غطاءً جديدًا لنظامٍ عالمي يمارس القبح تحت مسميات التسامح؟












































