اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ١٧ تموز ٢٠٢٥
'السويداء'.. وجهابذة التحليل!
كتب: كمال ميرزا
لو كنتُ محللاً جهبذاً ممن تستضيفهم بترف فضائيّات فائض السيولة لقلتُ عمّا يجري حاليّاً في سوريّة:
'نتنياهو' يحاول التملّص، والتخفيف من وطأة الضغوطات التي يتعرّض لها من أجل تقديم تنازلات تخدم الترتيبات التي يضمرها الأسياد الأمريكيّون لغزّة على حسابه الشخصيّ هو وعصابة حربه.. وذلك من خلال محاولته هو وعصابته إرباك الترتيبات التي يضمرها ذات الأسياد الأمريكيّين لسوريّة!
المخطّط العام واحد والصورة الأكبر واحدة (هيمنة، سلب، تقسيم، تفتيت، طائفيّة، عنصريّة.. الخ)، ولكن يحدث أحياناً أن تقوم كلاب المصالح المسعورة بالتنابح والتناهش وعقر بعضها البعض في خضم تنافسها المحموم ضمن إطار المخطّط العام الواحد!
مجرد قولي مثل هذا الكلام بهذه الصيغة سيضمن لي أن أبدو جهبذاً سواء كان تحليلي صواباً أم لا، وسواء اقتنع المتلقّي بكلامي واستوعب أبعاده أم لا!
لكن ما يعنيني شخصيّاً هنا مسألة واحدة أساسيّة بعيداً عن اللهاث وراء التفاصيل والمجريات والالتهاء بها:
في جميع الأحوال، 'مجاهدو البترو-دولار' و'ثوّار الناتو' و'فاتحو الباب العالي' لا دية لهم!
ومَن رضي أن يكون 'أداة' في الأولى.. لا يستطيع أن يعتب أو يعترض إذا بقي أداة في التالية!
ومَن رضي أن يكون 'ورقة' في الأولى (على حساب دينه ووطنه وقوميّته).. لا يستطيع أن يعتب إذا بقي ورقة في التالية، سواء ورقة تُلعَب، أو ورقة تُحجَب، أو ببساطة ورقة تُحرَق!
مرّة أخرى، أمثال هؤلاء لا دية لهم!
الخيار الوحيد أمام هؤلاء 'المجاهدين' والثوّار' و'الفاتحين' المزعومين لكي نستطيع أن نلتمس لهم عذراً ما..
ولكي نستطيع اعتبار تواطؤهم مع الغريب لتدمير دولتهم ووحدتها وسيادتها ومقدّراتها وقدراتها العسكريّة ضرباً من الغباء مثلاً..
واعتبار الطعنة الخسيسة في التوقيت الخسيس التي وجّهوها إلى غزّة وطوفانها وجبهات إسنادها ضرباً من سوء التقدير..
واعتبار سكوتهم الخانع لغاية الآن تجاه العدو ومحاولتهم استرضاءه وخطب ودّه بأي ثمن ضرباً من التُقية (مع أنّهم يُكفّرون التُقية وأهلها)..
الخيار الوحيد إزاء كلّ هذا هو أن يعترفوا بذنبهم صراحةً، ويعلنوا توبتهم على الملأ، ولا تأخذهم العزّة بالأثم، ولا يتمادوا في الغيّ والباطل، وأن يعلنوا نفيرهم المقدّس ضدّ العدو الصهيو-أمريكيّ (كما سبق لهم أن أعلنوه ضدّ مَن يخالفونه من أبناء دينهم وجلدتهم)، وأن يضعوا أيديهم في أيدي المقاومة ومحورها وسائر مكوّنات 'الأمّة' ضدّ العدو العَقَديّ والوجوديّ المشترك الذي يتهدّد الجميع!
هل يمكن لأمثال هؤلاء أن يفعلوا ذلك؟ أتمنى.. ولكن ظنّي الشخصيّ هيهات!
وحتى لو فعلوه، هل يمكن للمقاومة أن تثق بأمثال هؤلاء وتأمن جانبهم؟
أيضاً هيهات!
لقد باع هؤلاء كلّ شيء وسجّلوه 'طابو' باسم الأجنبيّ والغريب لكي يحظوا بالاعتراف والدعم، ولكنّهم لغبائهم لم يدركوا أنّهم بمجرد أن 'طجّوا حوافرهم' على العقود فقد انتهت مهمّتم، ولم تعد لهم عازة، وأصبحوا عبئاً ثقيلاً لا بدّ من التخلّص منه والإتيان بوجوه جديدة بصفحات ناصعة تصلح لاستقبال المزيد!