اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ٢٣ تشرين الأول ٢٠٢٥
اعتقال الطبيبة الفلسطينية رحمة العدوان يفتح جدلاً حول حرية التعبير في بريطانيا
أثار اعتقال الطبيبة البريطانية الفلسطينية رحمة العدوان، العاملة في هيئة الخدمات الصحية البريطانية، صباح الاثنين 21 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، موجة من الغضب والجدل في الأوساط الحقوقية والإعلامية، بعد توجيه تهم إليها تتعلق بالتحريض على الكراهية وإساءة استخدام شبكة الاتصالات العامة، وذلك قبل أيام فقط من جلسة محاكمتها أمام هيئة الممارسين الطبيين البريطانية.
ووصف ناشطون الخطوة بأنها محاولة لتكميم الأصوات المؤيدة لفلسطين، واستخدام مقلق للقوانين البريطانية لخدمة أجندات سياسية مؤيدة لإسرائيل.
خلفية القضية
تعد رحمة العدوان من أبرز الوجوه الفلسطينية الشابة العاملة في القطاع الصحي البريطاني. وقد أحيلت قضيتها سابقاً إلى المجلس الطبي العام بسبب منشورات على منصة 'إكس' عبّرت فيها عن تضامنها مع الشعب الفلسطيني عقب أحداث السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، وانتقدت السياسات الإسرائيلية، ما أثار اتهامات بمعاداة السامية.
ورغم أن الهيئة الطبية البريطانية قررت سابقاً عدم تعليق عملها، معتبرة أن استمرارها في مهنتها لا يضر بثقة الجمهور، أعادت الشرطة البريطانية فتح الملف بعد مشاركتها في فعاليات مؤيدة لفلسطين وخطابات علنية تدعو إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
ظروف الاعتقال
وفقاً لشهود عيان، داهمت الشرطة البريطانية منزل العدوان في جنوب 'غلوسترشير' فجراً، واقتادتها دون إشعار مسبق. وجاء توقيفها قبل ثلاثة أيام فقط من جلستها المهنية، ما أثار شكوكاً حول الدوافع الحقيقية للتوقيت، إذ اعتبر ناشطون أن الهدف كان حرمانها من فرصة الدفاع عن نفسها.
وفي مقطع مصور أثناء اعتقالها، ظهرت العدوان وهي تقول لرجال الشرطة: 'أنتم تفعلون هذا لإرضاء اللوبي الإسرائيلي قبل محاكمتي'.
ردود الأفعال
أحدثت عملية الاعتقال ردود فعل غاضبة داخل بريطانيا وخارجها. وبهذا الصدد، قال الناشط الناشط الأكاديمي البريطاني ديفيد ميلر في منشور على حسابه في منصة 'إكس': 'اعتقال الدكتورة رحمة محاولة فاضحة لتجريم التضامن مع فلسطين وحماية كيان عنصري من المساءلة.'
ووصف الإعلامي البريطاني زلور رحمن ما حدث بأنه 'وصمة عار على العدالة البريطانية، وإن القوانين تُستخدم لتكميم مناصري فلسطين بينما يُسمح بالتحريض ضدهم بحرية'.
وانتشرت حملة إلكترونية واسعة تحت وسم ': #FreeDrRahmeh'، شارك فيها آلاف المستخدمين والناشطين الحقوقيين، مطالبين بالإفراج الفوري عنها ومنددين بالتمييز الممنهج ضد الفلسطينيين في بريطانيا.
من جانبها، دافعت منظمة حملة مناهضة معاداة السامية عن إجراءات الشرطة، معتبرة أن منشورات العدوان احتوت عبارات مسيئة لليهود، وهو ما رفضه مؤيدوها مؤكدين أن ما نشرته يدخل في نطاق التعبير السياسي المشروع.
كما علّق وزير الصحة البريطاني ويس ستريتينغ على القضية قائلاً إنه فقد الثقة في أداء المجلس الطبي العام وهيئة الممارسين الطبيين، مضيفاً أنه يجب دراسة إمكانية تعليق تراخيص الأطباء المتورطين في قضايا مماثلة، ما اعتبره ناشطون تدخلاً سياسياً سافراً في قضية حقوقية بحتة.
الإفراج عنها
وفي مساء الثلاثاء 22 تشرين الأول/أكتوبر 2025، أعلن الناشط ديفيد ميلر في تدوينة له على منصة 'إكس' أن العدوان أُفرج عنها، ونشر مقطعاً مصوراً يظهرها وهي تعانق مجموعة من الداعمين أمام أحد المباني الحكومية في لندن.
وقد أعادت العدوان نشر تدوينة ميلر على حسابها الرسمي، مؤكدة في أول تعليق لها أن ما حدث لن يثنيها عن مواصلة الدفاع عن الحق الفلسطيني.
وبحسب مصادر مقربة من عائلتها، جرى الإفراج عنها بكفالة مشروطة مع استمرار التحقيق بانتظار مثولها أمام هيئة الممارسين الطبيين خلال الأيام المقبلة.
دلالات أوسع
يرى مراقبون أن اعتقال العدوان أعاد إلى الواجهة النقاش حول ازدواجية معايير حرية التعبير في بريطانيا، خاصة حين يتعلق الأمر بانتقاد إسرائيل أو التضامن مع الفلسطينيين. كما اعتبر محللون أن توقيفها قبل موعد المحاكمة يمثل دليلاً على تسييس القضاء والمؤسسات المهنية وتحويلها إلى أدوات ضغط على الناشطين المؤيدين لفلسطين داخل المجتمع البريطاني.
وأشار ناشطون إلى أن الإفراج السريع عنها بعد يوم واحد فقط من توقيفها يؤكد أن السلطات خضعت لضغط جماهيري وحقوقي كبير، ما يجعل القضية مثالاً جديداً على الصراع بين خطاب حرية التعبير وواقع الرقابة الانتقائية.
وتجسد قضية رحمة العدوان نموذجاً واضحاً للثمن الذي يدفعه الفلسطينيون ومن يقفون إلى جانبهم في الغرب، حيث تُمارس حرية التعبير بمعايير مزدوجة تخدم المصالح السياسية أكثر مما تخدم العدالة. وبينما اعتبر مؤيدوها الإفراج عنها انتصاراً للحق، فإن القضية ما زالت مفتوحة، لتذكّر بأن معركة الكلمة لا تقل شرفاً ولا خطراًعنمعركةالأرض.












































