اخبار الاردن
موقع كل يوم -وكالة رم للأنباء
نشر بتاريخ: ١٩ حزيران ٢٠٢٥
رم - بقلم: د. محمد نصرالله فرج
وسط مشهد إقليمي بالغ التعقيد، جاء اختبار صاروخ سجيل الباليستي من قبل إيران ليشكل تحولا استراتيجيا لافتا، ورسالة ردع صارخة في وجه الولايات المتحدة وإسرائيل، في توقيت يحمل دلالات عسكرية وسياسية عميقة. سجيل صاروخ أرض -أرض بعيد المدى، يصل مداه إلى نحو 2000 كيلومتر، ويعتمد على الوقود الصلب، ما يمنحه سرعة عالية في الإطلاق ويقلل زمن الاستعداد. تصميمه ثنائي المراحل ودقته المحسنة يجعلان منه أحد أبرز عناصر القوة الصاروخية الإيرانية، ووصفته بأنه بمثابة نقلة نوعية في سباق التسلح الإقليمي. وأهمية الصاروخ لا تكمن فقط في قدراته التقنية، بل في كونه صناعة محلية بالكامل، الأمر الذي يعزز قدرة إيران على تطوير ترسانتها بعيدا عن الضغوط والعقوبات الخارجية. وتشير معطيات استخباراتية إلى إمكانية تطويره لحمل رؤوس غير تقليدية، ما يفاقم المخاوف الدولية ويزيد من تعقيد المعادلة الأمنية في المنطقة. الاختبار لم يأت في فراغ. فقد تزامن مع ضربات صاروخية دقيقة استهدفت عمق الأراضي الإسرائيلية، طالت مواقع عسكرية ومراكز قيادة حيوية، وأحدثت أضرارا فادحة في البنية التحتية وشللا جزئيا في أنظمة القيادة والاتصال. وللمرة الأولى، ترغم إسرائيل على الاعتراف بضعف منظومتها الدفاعية أمام صواريخ عالية الدقة قادرة على المراوغة والتخفي.
الهجوم الإيراني مثّل لحظة فارقة؛ فهو لم يكن استعراضا للقوة، بل تنفيذا فعليا لعقيدة الردع، وإشارة واضحة على أن طهران قررت تجاوز مرحلة التحذيرات اللفظية نحو العمل العسكري المحسوب، ومن اللافت أيضا أن الحرس الثوري الإيراني، رغم الضربة القاسية التي تلقاها باغتيال عدد من قياداته في وقت سابق، تمكن من استعادة توازنه بسرعة والرد بهجوم منسق عالي الدقة، ما يعكس مرونة عالية في القيادة والسيطرة، واستعدادا لمواجهة طويلة الأمد، الرسالة الإيرانية
باتت أكثر وضوحا من أي وقت مضى ، من يمتلك الدقة والقدرة والجرأة، يفرض معادلاته على الأرض. ومع دخول سجيل إلى مسرح العمليات، تبدو المنطقة على أعتاب مرحلة جديدة، قد تعيد رسم موازين القوى وتغير قواعد الاشتباك التقليدية في الشرق الأوسط.