جدل حول دقة أرقام "العنف الأسري"

عمان- أثارت أرقام حالات العنف الأسري للعام 2023 التي أوردها الفريق الوطني لحماية الأسرة من العنف في تقريره السنوي، تساؤلات جوهرية حول مستوى التنسيق المؤسسي، بين الجهات ذات العلاقة في رصد وإدارة الحالات وتصنيفها دون أن تخضع لعامل التكرار في أكثر من 58 ألف حالة جمعها الفريق من كل جهة، و'لزوم استكمال ربط كل المؤسسات بنظام 'الأتمتة' لرصد حالات العنف الأسري.

الفريق الذي يحرص على إعداد تقريره السنوي بشكل منتظم ويعمل تحت مظلة المجلس الوطني لشؤون الأسرة، شدد في ملخصه التنفيذي الذي نشرته 'الغد' الخميس الماضي، على أن ما تضمنه التقرير من أرقام وإحصاءات 'لا يمكن أن تصنف كإحصاءات وطنية معتمدة'، إنما تعكس مؤشرات أو قراءات أولية تساهم في عملية بناء القرارات والتدخلات المستقبلية، وهو ما انسحب أيضا على الأرقام المدرجة للعام الذي سبقه. 

وأحدث 'عامل التكرار' الجدل في هذه الأرقام التي اعتبرها البعض 'مرتفعة'، حيث قال الأمين العام للمجلس د. محمد المقدادي، بأن السبب الرئيسي في ارتفاع الأرقام وتصنيفها ضمن التقرير كمؤشرات، كان لتزويد الجهات المعنية الفريق الوطني بالبيانات والإحصاءات، دون الأخذ بعين الاعتبار عامل التكرار فيما إذا كانت الحالات ذاتها قد طلبت الخدمة أكثر من مرة عبر المؤسسات المختلفة أم لا، حيث تم تضمينها جميعا في العدد المرصود 58 ألف حالة.'

ونوه المقدادي بالقول هنا' الأرقام  الواردة لإدارة حماية الأسرة كجهة معنية بالتبليغ وفقا لقانون الحماية من العنف الأسري، وهي19 ألف حالة تقريبا العام الماضي، وهي الرقم الرسمي الذي يمكن التعويل عليه، وهذا يعني أن يكون العمل في المرحلة المقبلة على ربط كل المؤسسات المعنية بتقديم الخدمة لحالات العنف الأسري مربوطة بنظام الأتمتة، للحصول على قاعدة بيانات أدق، وتوضيح فيما اذا كانت الحالات قد تكررت وتلقت عدة خدمات في أكثر من مؤسسة أم لا'.

وأكد في حديث 'للغد'، بأن 'هذا التكرار' يدفع اليوم بضرورة الاستعجال والحاجة الملّحة للتوسع في 'نظام الأتمتة' وربط كل المؤسسات به، ليتسنى للفريق الاعتماد والوثوق بالأرقام والإحصاءات كمرجع أساسي لرسم السياسات والإستراتيجيات والخطط المستقبلية لمواجهة هذا العنف. 

ودخل نظام الأتمتة في مرحلة تجريبة بداية العام الماضي، ولمدة 6 أشهر في أماكن تقديم الخدمة التابعة للمؤسسات الشريكة والمتمثلة بـإدارة حماية الأسرة والأحداث، وزارات التنمية الاجتماعية والتربية والتعليم والصحة ومؤسسة نهر الأردن في منطقة شرق عمان فقط.

وفي السياق، يعتبر التقرير السنوي في الوقت ذاته، الوثيقة المؤسسية الوحيدة التي تتوسع في عرض الأرقام المسجّلة، لدى المؤسسات المختلفة التي تبلغ 15 مؤسسة وجهة، وتصنيفها تبعا للفئات العمرية والجنس ومصدر العنف، حيث عمل الفريق الوطني وفقا للمقدادي،  خلا إعداد التقرير على منهجية متعددة المسارات اشتملت على مراجعة الوثائق المتعلقة بنظام وتعليمات الفريق الوطني ومحاضر الاجتماعات والتقارير الربعية الصادرة عن الفريق، وكذلك تحليل البيانات والإحصاءات الواردة. 

والجهات التي تزود الفريق بإحصاءات العنف الأسري، هي وزارات الصحة، التربية والتعليم، التنمية الاجتماعية، الداخلية، وإدارة حماية الأسرة وجمعية إنقاذ الطفل، معهد العناية بصحة الأسرة والمركز الوطني للطب الشرعي، ومركز التوعية والإرشاد الأسري في الزرقاء، والمركز الوطني لحقوق الإنسان، واللجنة الوطنية لشؤون المرأة، والصندوق الهاشمي للتنمية البشرية، واتحاد المرأة ومؤسسة نهر الأردن، إضافة لمعهد تضامن النساء الأردني.

ويظهر تقرير الفريق الوطني الذي عقد 6 اجتماعات خلال العام 2023، تفاوتا في نسبة التزام المؤسسات المنضوية فيه بحضور الاجتماعات، ليكون المجلس وإدارة حماية الأسرة ووزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، الأعلى التزاما في حضور الاجتماعات بنسبة  89 %، لكل منها، من بين 34 جهة مؤسسية ووزارية ومجتمع مدني، وأظهر التقرير أن الفريق مارس 64 % من مهامه وصلاحياته والتزامات أعضائه خلال العام.

وبالعودة إلى الأرقام التي أوردها التقرير، فقد تمثلت بـ 58064 حالة عنف أسري، تصدرتها الإناث المعنفّات بواقع 46557 حالة ضدهن، تصدرها العنف الجسدي بواقع (28358) حالة ومن ثم العنف النفسي بواقع (8708)، ثم العنف الجنسي بواقع ( 4854) ومن ثم الإهمال بواقع ( 4637)، كما لفت التقرير إلى أن من بين حالات العنف الإجمالية قد سجّلت و 11507 حالة عنف واقعة على الذكور، وتصدّر العنف الجسدي الحالات المسجلة سواء الواقعة على الإناث أو الذكر. 

وعن تصنيفات الفئات العمرية، فقد صنف الفئة العمرية بين 18-60 عاما من الإناث كأثر فئة عمرية بالمجمل، تعرضا للعنف الأسري. 

أما التصنيفات العمرية الأربعة من عمر يوم واحد -12 عاما، وأكثر من 12 -18 عاما، وأكثر من 18-60 عاما، والفئة العمرية العمرية من 60 عاما فأكثر، فكان العنف الجسدي هو أكثر أشكال العنف الواقع على هذه الفئات. 

ويشكل الزوج ما نسبته 62 % من مصدر العنف 'الجسدي والنفسي والإهمال' على الأسرة بحسب التقرير، وبما يزيد عن 27 ألف حالة من ضمن الحالات التي تم تحديد علاقة المسيء بالمساء له، وظلت نحو 6400 حالة عنف من تلك الحالات لم يتم تحديد فيها 'علاقة المسىء بالمساء له.' 

وفيما يعرض التقرير إحصاءات الخدمات التي قدمت لحالات العنف الأسري بأشكاله المختلفة، من خدمات شرطية وقانونية وصحية وإيوائية وتربوية وقضائية  وإدارية واجتماعية ونفسية، فإن عدد تلك الخدمات بالمجمل بلغ أكثر من 131 ألف خدمة. 

وتظهر تحديّات عمل الفريق في التعامل مع حالات العنف الأسري كإحصائيات خاضعة لمعيار التكرار المؤسسي، في مجموع التوصيات للمؤسسات ذات العلاقة، ومن أهمها ضرورة الإسراع في عملية إنهاء نظام الأتمتة الإلكتروني لحالات العنف الأسري، للوصول إلى بيانات أكثر دقة يمكن تعميمها حول واقع العنف الأسري في الأردن.

كما أوصى الفريق في تقريره، بضرورة تفعيل المادة 4ط من نظام الفريق الخاص بتشكيل لجنة من بين أعضاء الفريق أو خارجه، لتتولى متابعة القرارات والتوصيات المتخذة التي يتطلب العمل عليها، مع الوزارات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية وإعداد تقارير وتزويد الفريق بها. 

واعتبر التقرير أن هناك جملة من التحديات في عمل الفريق، من أهمها التأخير في تفعيل نظام الربط الإلكتروني لأتمتة الحالات بشكل يربط جميع المؤسسات المنضوية تحت مظلة الفريق .