اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ٢٧ أيلول ٢٠٢٥
القرف والاشمئزاز خطاب نتنياهو بين الحقيقة والكذب
خلود العجارمه
هناك مشاعر لا تحتاج إلى شرح مطول ولا تحتمل التجميل أو المواربة من أكثر هذه المشاعر فظاعة الشعور بالقرف ذاك الإحساس الذي يتسلل إلى أعماق النفس عندما ترى شيئا منفرا أو تسمع كلاما مزيفا يلطخ الحقيقة بدماء الأبرياء
اليوم ونحن نتابع خطاب بنيامين نتنياهو لم يكن الانفعال الأول لدينا غضبا أو دهشة بل كان شعورا عميقا بالقرف والاشمئزاز قرف من الكلمات المسمومة التي نطقت وكأنها حقائق بينما الواقع يكشف أنها مجرد ستار أسود يخفي جريمة متواصلة ويغطي على الخراب الذي يعيشه المدنيون الأبرياء
نتنياهو يتحدث عن الدفاع وهو يقود آلة حرب لا تفرق بين طفل وامرأة وشيخ يتحدث عن الأمن وهو يهدم البيوت على رؤوس أصحابها يتحدث عن النصر بينما المشاهد حوله لا تقول إلا الخراب والدمار هذا الانفصام المريع بين كلامه والواقع لا يولد سوى شعور واحد القرف
القرف ليس ضعفا ولا عجزا بل هو رد فعل إنساني طبيعي أمام الكذب حين يرتدي بدلة رسمية ويقف على منصات عالمية القرف هو احتجاج الروح حين تسمع من يزيف الحقيقة بوقاحة ويحول الضحية إلى مجرم والقاتل إلى بطل هو شعور يدفعنا للوعي والرفض ويذكرنا بأن الصمت أمام الظلم والخداع ليس خيارا
ورغم القرف هناك وعي يتشكل تدريجيا كلمات نتنياهو لم تعد قادرة على إقناع أحد حتى الذين جلسوا في القاعة انسحب بعضهم لأن الحد الأدنى من الكرامة لا يسمح بالجلوس للاستماع إلى من يتاجر بالدماء العالم قد يتأخر وقد يتخاذل لكنه لم يعد يبتلع بسهولة خطابا مليئا بالكذب الفج
نشعر بالقرف يا نتنياهو ليس لأنك تكذب فقط بل لأنك تمارس الكذب فوق جثث الأطفال الأبرياء نشعر بالقرف لأنك ترفع صوتك عاليا لتغطي على صرخاتهم نشعر بالقرف لأنك تبيع الوهم على أنه حقيقة وتسوق القتل على أنه سلام
هذا القرف لا يعني أننا صامتون بل هو وقود لمزيد من الوعي والرفض هو الصرخة التي تقول كفى تزييفا كفى قتلا كفى متاجرة بالإنسان هو دعوة للضمير الإنساني أن يتحرك وأن لا يسمح لأي خطاب مسموم أن يخفي الحقيقة
قد تظن يا نتنياهو أنك تملك القوة لكن ما تملكه هو سلاح بلا ضمير وما نملكه نحن هو الحقيقة والحقيقة تبقى أقوى من كل خطاب وأبقى من كل دعاية وأصدق من كل تبرير الحقيقة هي التي ستظل تحاسب كل من رفع صوته ليبرر القتل وستظل شاهدة على كل دماء الأبرياء التي حاولت طمسها بكلماتك
وفي النهاية القرف هو شعور مؤلم لكنه ضروري لأنه يذكّرنا بأن الحق لا يسكت وأن الإنسانية لا تباع وأن الكذب مهما ارتدى من رداء رسمي سيظل مكشوفا أمام ضمير الشعوب والحقيقة الأبدية