الأردن: كفى توفيرا للحصانة لإسرائيل

 قال نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، إن 'اقتحام إسرائيل لرفح سيؤدي إلى مذبحة ومجزرة إنسانية'.

وأضاف خلال مؤتمر صحفي مشترك عقده أمس في عمان مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، 'إن ما يحدث في قطاع غزة، يجب أن يتوقف فورا، وعلى إسرائيل أن تلتزم بقرارات الشرعية الدولية'.

وقال الصفدي، إن الأردن سيستمر بالعمل مع الأمم المتحدة لضمان أن العالم يقف متحدا للمطالبة بوقف المجازر والجرائم في غزة وإيقاف 'الإفلات من العقاب لمن يخرق القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني'، مشيرا إلى أن قطاع غزة أصبح مقبرة للأطفال، وأن الكلفة الإنسانية كارثية.

وأوضح الصفدي، أن المطلب الأساسي هو وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية للقطاع المحاصر، بالإضافة لمنع 'المجازر' في رفح جنوبي غزة، مضيفا أن العالم متفق على أن أي عملية عسكرية في رفح ستؤدي إلى كارثة إنسانية، لكن يبدو أن الحكومة الإسرائيلية مصممة على الذهاب إلى رفح.

وبخصوص خدمات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين 'الأونروا'، قال الصفدي إنها قامت بعمل مهم للغاية في تلبية احتياجات اللاجئين، مؤكدا أنه لا يمكن استبدالها ولا يمكن تعويض عملها، معبرا عن سعادته بعودة تمويلها من عدة دول.

وأضاف 'لا شيء يبرر حرمان النساء والرجال والأطفال من الحصول على حقهم في الغذاء'، موضحا أن التصنيف المرحلي لسوء التغذية، يؤكد أن هناك الملايين من الأشخاص الذين يعانون من المجاعة، وأضاف 'نقول كفى توفيرا للحصانة لإسرائيل في حربها على غزة'.

من جهته، قال غوتيريش، إن الأمم المتحدة ستواصل الضغط لإزالة العقبات التي تعترض إيصال المساعدات المنقذة للحياة وإيجاد مزيد من نقاط إدخال المساعدات للقطاع المحاصر.

وأكد أنه لن يكون هناك حل إنساني مستدام في ظل حرب دموية، كالتي تجري في غزة، مشددا على ألا شيء يبرر هجمات 7 (اكتوبر)، واحتجاز رهائن في غزة، ولا شيء يبرر العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني.

ودعا إلى ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية بشكل فعال وفوري، لتحقيق وقف إطلاق نار إنساني، مؤكدا أن الحاجة ملحّة لإيقاف الحرب التي وصفها العاملون في الأمم المتحدة، بأنها 'أسوأ الأزمات الإنسانية في العقود الأخيرة'.

وأضاف 'التقيت عند معبر رفح الحدودي بجرحى فلسطينيين، واستمعت مباشرة إلى موظفي الأمم المتحدة العاملين في المجال الإنساني في الخطوط الأمامية، وأخبروني بأنهم لم يروا شيئا فظيعا مثلما يحدث في غزة اليوم'، مؤكدا أن حجم وسرعة الموت والدمار في غزة في مستوى مختلف تماما.

وأشار إلى أن المجاعة بدأت تصيب الفلسطينيين بغزة، في وقت نجد فيه وعيا متزايدا في العالم، بأن كل هذا يجب أن يتوقف، وان ينتهي القتال الآن، ويطلق سراح المحتجزين في غزة.

وأعاد غوتيريش التأكيد مجددا، على أنه لا يمكن التوصل إلى نهاية دائمة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلا بحل الدولتين، مضيفا أنه ينبغي تحقيق الاحتياجات المشروعة للأمنين الفلسطيني والإسرائيلي، موضحا أن الهدف يتبلور بتحقيق التطلعات المشروعة نحو دولة مستقلة بالكامل وقابلة للحياة وذات سيادة، بما يتماشى مع قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي والاتفاقيات السابقة.

وشدد على أن بديل هذا الحل، سيقودنا لإطالة أمد الصراع لأجل غير مسمى، والذي أصبح يشكل تهديدا كبيرا للسلم والأمن العالميين، ويشجع التطرف في كل مكان.

ووجّه غوتيريش رسالة لمن يعارض حل الدولتين، قائلا إن عليهم أن يذكروا البديل بوضوح، وكيف سيكون المستقبل مع هذا العدد الكبير من الفلسطينيين في الداخل بدون أي إحساس حقيقي بالحرية والحقوق والكرامة، وهو الأمر الذي لا يمكن تصوره.

وقال إن حل الدولتين، السبيل الوحيد لتلبية التطلعات المشروعة للفلسطينيين والإسرائيليين، مؤكدا أنه سيستمر بالدفع من أجل تحقيق السلام.

وأشاد غوتيريش، بجهود الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، قائلا إن 'الأردن يشكل أوجه التضامن على أرض الواقع في العالم، وأقوال الملك وأفعاله تؤكد أنه مناصر عالمي من أجل تحقيق السلام'.

وأشاد أيضا بجهود الأردن لدعم خفض التصعيد في المنطقة، بما في ذلك في القدس الشرقية، وجهوده الدؤوبة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، بما في ذلك الجهود الشخصية التي يقودها الملك عبدالله الثاني وحكمته.

كما أشاد أيضا بجهود الأردن في استضافة اللاجئين الفلسطينيين والسوريين، موضحا أن الأردن موطن لأكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين في المنطقة، داعيا المجتمع الدولي إلى دعم الأردن في جهود استضافته لملايين الأشخاص المحتاجين.

وأكد أن زيارته للأردن تأتي في سياق زيارة تضامنية لتجربة الصيام مع المسلمين في شهر رمضان المبارك، الذي يفترض بأن يكون 'فترة احتفال ولكن ليس في هذا العام بسبب الدمار غير المسبوق والمستمر في غزة، فضلا عن تصاعد العنف في الضفة الغربية المحتلة'.

الى ذلك، زار غوتيريش مدرسة إناث مخيم عمّان الإعدادية بالوحدات، وعقد مؤتمرا صحفيا، أكد فيه أن وقف التمويل الموجه لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من الولايات المتحدة أمر يدعو للأسف، داعيا الى ضرورة التراجع عن هذا القرار في ظل الدور الكبير والمهم لهذه الهيئة الأممية الملتزمة بقيم الأمم المتحدة وميثاقها.

وقال إنّ 'الأونروا' تعمل حاليا في ظروف صعبة جداً، بسبب وقف المساعدات لها من عدة دول، موضحا أن وقف التمويل يؤثر على خدماتها لأكثر من 5 ملايين لاجئ فلسطيني في المنطقة.

وأشار غوتيريش إلى أن الأمم المتحدة، ستنشر تقاريرها بشأن ضلوع موظفين في 'الأونروا' بالمشاركة في هجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول) فور إتمام التحقيقات المستقلة ومراجعتها، مؤكدا أنّ نتائج التحقيق والمراجعة والخطوات التي ستتخذها المنظمة، ستجعل 'الأونروا' أكثر فاعلية، وستضمن استمرار عملها.

وقال إن نتائج التحقيق والمراجعة والخطوات التي ستتخذ ستجعل 'الأونروا' أقوى وأكثر فاعلية وملتزمة بقيم الأمم المتحدة، وستضمن استمرار تمويل خدماتها وعملها. مؤكدا أن الأمم المتحدة ملتزمة بدعم دور 'الأونروا'، كونها هيئة أممية تلتزم بقيم الأمم المتحدة وميثاقها.

وأشار غوتيريش الذي أجرى المؤتمر على هامش زيارة تضامنية للقاء لاجئين فلسطينيين تخدمهم الوكالة للدور المهم والأساسي الذي تقدمه للاجئين، إذ تقوم بـ'إحداث فرق حقيقي في حياتهم'، لافتا إلى أنّها تقوم بعمل استثنائي في الأردن الذي يعتبر موطنا لـ2.4 مليون لاجئ من فلسطين، وهو العدد الأكبر في المنطقة.

وقال 'حظيت بشرف زيارة أحد المراكز الصحية– بحيث تتلقى الأمهات الشابات وأطفالهن رعاية صحية أولية عالية الجودة، وتجري المختبرات أحدث الاختبارات الطبية، وتوزع الصيدلية الأدوية المنقذة للحياة للمرضى مجانًا'.

وأضاف غوتيريش 'حضرت دروسا في العلوم واللغة الإنجليزية بمدرسة للبنات. رأيت شابات في مختبر العلوم يتعلمن، وزرت فصلا لتدريس اللغة الإنجليزية وقيم حقوق الإنسان وحل النزاعات'، كما 'التقيت 6 من قادة شباب ملهمين من البرلمان الطلابي، بينهم 3 طلاب من غزة.. كانت زيارة تدفئ القلب في ظل أوقات تفجع القلب'.

وأكد أنّ 'الأونروا في الأردن وسورية ولبنان والضفة الغربية المحتلة وغزة، تمثل شريان حياة للأمل والكرامة'.

وأشار غوتيريش، إلى أنّ توفير التعليم لأكثر من نصف مليون فتاة وفتى؛ وتقديم الرعاية الصحية لنحو مليوني شخص؛ وتوسيع فرص العمل والدعم المجتمعي والأسري، وتوفير شبكة أمان اجتماعي لنحو نصف مليون من الفلسطينيين الأكثر فقراً، وغيرها الكثير، هي دليل على مساهمات 'الأونروا' بتعزيز التماسك الاجتماعي والاستقرار وبناء السلام.

وقال إنّ هناك 171 امرأة ورجلا من العاملين في 'الأونروا' قتلوا في غزة- وهو أكبر عدد من الوفيات بين موظفي الأمم المتحدة عبر التاريخ. مؤكدا أهميّة السعي للمحافظة على استمرار خدمات 'الأونروا' بخاصة أنّها 'تعتبر بصيص نور وحيد لملايين من الناس في عالم مظلم'.

وجدد غوتيريش مطالبته بوقف إطلاق النار في قطاع غزة، معتبرا بأن أي غزو بري لرفح، سيؤدي إلى أزمة إنسانية كارثية. مبينا أنّ المطالبات بوقف إطلاق النار، لم تكن في البداية بنفس الحدّة التي نشهدها اليوم، لكن المجتمع الدولي بات يرفع الأصوات أكثر، للمطالبة بوقف إطلاق النار، مشيرا إلى أنّ الاتحاد الأوروبي ولأول مرة كان قد دعا لهدنة تقود لوقف إطلاق نار مستدام.

وأكد أنّ الأمم المتحدة ليس لديها معايير مزدوجة في مواقفها اتجاه النزاعات المختلفة، مشيراً إلى أنّ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وقوانين حقوق الإنسان، هي المبادئ التي تستند عليها الأمم المتحدة في موقفها تجاه جميع النزاعات.