اخبار الاردن
موقع كل يوم -جريدة الغد
نشر بتاريخ: ٢٦ أذار ٢٠٢٤
بقلم : د. باسم تليلان
ان القوة في النظام الدولي تعني البقاء والسيطرة والهيمنة و الحفاظ على المركز الدولي المتقدم اذ تحكم القوة وتحولاتها في النظام الدولي عدة فرضيات من اهمها ما جاء به هانز مورغنثاو Hans Morgenthau مؤسس المدرسة الواقعية و جون ميرشايمر بفرضياته الخمس لإمتلاك القوة في كتابه 'مأساة سياسة القوى الكبرى' واسباب اصرار الدول على امتلاك القوة الكاملة او جزء منها وكيف يمكن ان تتحول هذه القوى من دفاعية الى هجومية ولا سيما انه يقيم فرضياته على ايمانه ان العالم فوضوي غير آمن ،بحيث تمنح هذه الصفة اللاعبين في النظام الدولي الفرصة لإتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بالحفاظ على قوتهم و تطويرها ليضمنوا بقاءهم اولاً وهذا يجعلها حتما تمتلك قوى متشابهة او متنافسة او متقاربة بين الدول الكبرى تجعل من حقيقة الحرب اذا وقعت دماراً شاملاً قد تنهي جميع اطراف المعادلة وفي ذات الوقت لا يمكن ان تبقى الدولة في هذا النظام الفوضوي تعتمد على حسن النوايا والمسامحة وحسن الظن بالاخرين ، بل فرضيته تقول انه لا احتمال للتكهن بالنوايا في النظام الدولي او الإعتماد على المشاعر والحكم بحسن التصرفات وابداء حسن التعامل ، وإن الحصول على القوة هو العمل الوحيد الذي يمكن ان يواجه النوايا السيئة لانه لا يوجد سبيل للتعرف على نوايا الخصم او الجار او المنافس في النظام الدولي.
حيث إن النظامان الدولي و العالمي هما نظامان تشكلان بفعل النسق الدولي و الديناميكية المستمرة لللاعب الدولي الاساسي و هو الدول وان النظام الدولي لا توجد به قوة زاجرة او حكومة دولية قادرة على ضبط توازن القوة بين مكونات هذا النظام على الرغم من وجود هيئة الامم التي تستطيع استخدام البند السابع من اجل تحقيق الامن والسلم الدوليين بالقوة ، ولكن ضمن محددات اثر القوى الخمس في مجلس الامن ووفق مصالحها لأن غياب القوة الزاجرة في ميثاق الأمم المتحدة باستثناء البند السابع تجعل من قدرات المنظمات الدولية على تنظيم العلاقات الدولية ضعيفة ومحدودة بمواجهة دول المركز في مجلس الأمن وقوته ، و لا تستطيع فرض قرارتها الا حينما تكون مدعومة من الدول المهيمنة وابرزها الولايات المتحدة الأميركية وبالتالي فإن هذا الجهد الكبير في انشاء هذه المنظمات يبقى رهين المكاتب والأدراج ما لم يملك القوة الدولية اللازمة للسيطرة على الفوضى والنزاع و ارعاب الدولة او الدول وفرض القانون بالقوة الزاجرة كما حدث مع عدوان الكيان الصهيوني الغاشم على غزة
ان النظام الدولي يعيش ضمن تقارب مصالح عليا يحكمها التوازن والرعب فعلاقاته مختلفة وليس متساوية بين جميع الدول ولا تتقارب بالشكل او المضمون ولا تتكافئ في القوة والتمتع بالثروة وامتلاكها كما ان القانون الدولي الذي يشكل بالفعل العرف والإتفاقيات والمواثيق الدولية لا يمكن ان ينظر اليه بشكله الفاعل ما دام تستخدمه القوى الكبرى كيف ارادت فنرى ازدواجية القانون بين العراق والكيان الصهيوني واستخدام القوة الدولية لتحرير دولة في الوقت الذي تدعم وتؤيد الإحتلال الصهيوني لأرض فلسطين و تؤسس لاستمرار الطغيان الصهيوني على غزة و عندما حاول العالم اختراق الفيتو الامريكي من اجل استصدار قرار يفرض وقف اطلاق النار قوبل بالرفض من الولايات المتحدة الامريكة عدة مرات و عندما نجح باصدار قرار رقم 2728 لكنه مع الأسف لم يصدر بصيغة القرار انما بصيغة المطالبة بوقف اطلاق النار
وهذا بحد ذاته لا يشكل اي فرض لوقف اطلاق النار بل اشبه بالدعوات لاتخاذ هذا القرار من العدو الصهيوني الذي ضرب عشرات القرارات الاممية عرض الحائط منذ احتلاله للاراضي الفلسطينية ،
ولذلك فان القرار مرحب به على حذر كونه لم يصدر ملزما و خلت منه عبارات التجريم للابادة الجماعية الصهيونية و كذلك لم يتطرق للمدن المحتلة في غزة و التي من المفترض انها اصبحت تحت مسؤولية الدولة المحتلة الا انها تنفذ الاعدامات بحق شعب غزة في شمالها وفي خان يونس و العديد من المدن في القطاع
ان القرار الذي صدر عن مجلس الامن رقم 2728 قد يؤثر في الرأي العام العالمي و لكنه لن يشكل اي التزامات قسرية عسكرية لفرض السلام بالقوة في قطاع غزة بسبب الصيغة التي صدر بها و ان الكيان الصهيوني لن يجد نفسه مضطرا لتنفيذ هذه المطالبات و الدعوات وسيبقى دائما يعلق مبادلة الاسرى و ادعاءه البحث عم المقاومة بين المنازل لتحقيق مراده في الاستمرار في القتل و التشريد والتجويع لتحقيق الهدف الاساسي للكيان وهو افراغ غزة من سكانها وتهجريهم الى سيناء .
