مدرب الجمباز جورجن.. من دراسة علم الفيزياء إلى "هندسة" التأهل الأولمبي لأبو السعود

 شهدت رياضة الجمباز الأردنية، تقدما كبيرا وتطورا ملموسا في السنوات الماضية، لتصبح واحدة من الرياضات الأكثر تحقيقا للإنجازات الدولية للأردن، والتي كان آخرها الصعود التاريخي للاعب الجمباز أحمد أبو السعود إلى دورة الألعاب الأولمبية 'باريس 2024' للمرة الأولى في تاريخ رياضة الجمباز الأردنية، برفقة مدربه الأرميني جورجن سيركانيان.

وبات أحمد أبو السعود أول لاعب عربي يتأهل عن جهاز 'حصان المقابض' إلى دورة الألعاب الأولمبية أيضا، بعد تصدره الترتيب النهائي لتصنيف اللاعبين عن جهازه برصيد 85 نقطة، عقب احتساب أفضل ثلاث نتائج حققها في الجولات الأربع من سلسلة بطولة كأس العالم، حيث جمع 30 نقطة بإحرازه ذهبية 'جولة القاهرة'، و25 نقطة من فضية 'جولة ألمانيا'، و18 نقطة من حلوله خامسا في 'جولة أذربيجان'، و30 نقطة من إحرازه ذهبية 'جولة قطر'.

ويعد المدرب الأرميني جورجن سيركانيان (42 عاما)، الجندي المجهول الذي يقف وراء تحقيق هذا الإنجاز التاريخي لاتحاد اللعبة، بعدما نجح ببناء علاقة متينة مع اللاعب أبو السعود، والتي أساسها الثقة المتبادلة، لينجح كلاهما في ترجمة سلسلة الصعوبات التي يتم فرضها خلال التدريب وعند تأدية الحركات، إلى عنوان للنجاح وصعود منصات التتويج خلال التأرجح على الجهاز في البطولات الرسمية.

وتخرج جورجن من المعهد الأرميني للفيزياء، لكنه اقتحم رياضة الجمباز عندما كان عمره 8 سنوات بواسطة عمه، الذي أدرك ارتباطه باللعبة وتفاصيلها منذ لحظات وقوفه الأولى على البساط.

ويقول الأرميني جورجن في بداية حديثه الخاص لـ'الغد': 'حتى يكون المدرب مصدر إلهام للرياضي، يجب أن يؤمن بقوة تلميذه ودعمه باستمرار، وهذا يساعد في تربية وصناعة بطل حقيقي، ويحتاج المدرب إلى أن يكون قادرا على التحكم بعواطفه والتحلي بالصبر، لذلك أعتقد أن العمل الجاد هو سبب إنجازاتنا'، مشددا على أن التأهل إلى دورة الألعاب الأولمبية يعد إنجازا حقيقيا يعكس العمل الجاد لمنظومة اللعبة كاملة.

وثمن جورجن، الدعم الكبير الذي يقدمه اتحاد الجمباز ممثلا بسمو الأميرة رحمة بنت الحسن رئيسة اتحاد الجمباز وأعضاء مجلس الإدارة، مشيرا في هذا الصدد: 'تقدم سمو الأميرة دعما لا يصدق لي وللرياضيين، ومن دون مساعدتها ودعمها لم يكن ليحدث شيئ'، في إشارة إلى إنجاز التأهل الأولمبي لأبو السعود.

ويرى المدرب الأرميني، أن حصول أبو السعود على ميداليتين فضية وبرونزية في بطولتي العالم بمدينتي ليفربول البريطانية العام 2022، وأنتويرب البلجيكية العام  الماضي، تمثلان أبرز الإنجازات الرئيسية بالنسبة إليه، مؤكدا: 'هذه لحظات لا تنسى، لكن الإنجاز الأخير للبطل أبو السعود يعد حدثا مهما ولحظة خالدة، حيث نتج عنه الفوز بالبطاقة الأولمبية'.

واستطرد: 'يواجه كل رياضي محترف 'فيروس الإصابات والخسائر'، التي يصعب التعافي منها جسديا وعقليا، لذلك يلعب هنا المدرب دورا أساسيا في دعم لاعبيه ومساعدتهم على استعادة مخزون اللياقة البدنية والحفاظ عليه، أحمد أبو السعود بات من اللاعبين المرشحين للألعاب الأولمبية على جهاز حصان المقابض، لكن تنتظرنا العديد من المسابقات في مقدمتها بطولة كأس آسيا للجمباز الفني، وبعد ذلك ستبدأ الاستعدادات المكثفة للألعاب الأولمبية'.

ويتوقع أن يلتقي اتحاد الجمباز بأعضاء اللجنة الفنية خلال الأيام المقبلة، لبحث المتطلبات كافة والمتعلقة بمشاركة اللاعب أحمد أبو السعود برفقة مدربه الأرميني جورجن سيريكانيان في دورة الألعاب الأولمبية، والتي تستضيفها العاصمة الفرنسية باريس بالفترة من 26 تموز (يوليو) إلى 11 آب (أغسطس) المقبلين.

ووفقا لتصريحات سابقة للمهندس صالح الغويري نائب رئيسة اتحاد الجمباز والناطق الإعلامي، فإنه ينتظر أن يتم بحث آليات وضع خطة إعداد متكاملة تضمن تحضيرا مثاليا للاعب أبو السعود وتخلق أجواء إيجابية محفزة له برفقة مدربه جورجن، لتحقيق إنجاز تاريخي في الأولمبياد، حيث يتوقع أن يتم تأمين معسكر تدريبي للاعب في باريس لمدة أسبوعين قبل انطلاقة الأولمبياد، بالتنسيق مع مركز الإعداد الأولمبي، بهدف رفع وتيرة تحضيرات أبو السعود للحصول على ميدالية أولمبية.

ويحرص المدرب الأرميني جورجن، على قضاء وقت ممتع مع عائلته في واحدة من هواياته المفضلة إلى جانب العمل، مستذكرا موقفا طريفا تعرض له خلال فترة تدريبه لأبو السعود، بقوله: 'خلال مشاركة أبو السعود في إحدى البطولات بألمانيا وبعد أداء جملته الفنية بنجاح، أخبرني أحمد أنه لا يعتقد أنه أدى بصورة جيدة، فأخبرته أنه سيكون الفائز بهذه المسابقة، وأصبح كذلك في النهاية'. 

ويشدد جورجن، على أن تدريبات جهاز 'حصان الحلق' من أصعب التدريبات التي تتوقف على علم وظائف الأعضاء والمهارات الفردية لكل شخص سعيا إلى تربية وتخريج أبطال جدد، مختتما حديثه بالقول: 'نحتاج إلى وضع حجر الأساس الصحيح لتحقيق النتائج، ويحتاج الشباب إلى تعلم العمل، وهذا لا ينطبق على الرياضة فقط، وإنما على جوانب الحياة كافة'.