اخبار الاردن
موقع كل يوم -وكالة جراسا الاخبارية
نشر بتاريخ: ١٦ تموز ٢٠٢٥
أصدر منتدى الاستراتيجيات الأردني ملخص سياسات بعنوان 'بالحقائق والأرقام: قراءة معمّقة حول البطالة في الأردن'، بهدف تسليط الضوء بشكل أعمق على معدل 'البطالة العام' وتفصيلاته، وهيكلية سوق العمل، بما يساعد صنّاع القرار وراسمي السياسات على تكوين صورة أكثر دقة وشمولاً حول تحديات البطالة بين الأردنيين وسبل معالجتها بشكل فعّال.
وأشارت تقديرات منتدى الاستراتيجيات إلى أن نسبة العمالة غير الرسمية تقدّر بـ43% من إجمالي المشتغلين، مبينة أن نسبة 'العمالة غير الرسمية' من غير الأردنيين تشكل 77% من إجمالي العمالة غير الرسمية الكلية، أي ما يعادل 3 أضعاف العمالة غير الرسمية من الأردنيين.
وفي هذا السياق، أشار المنتدى في ورقته إلى أن العمالة غير الأردنية تتركز بشكل كبير في قطاعات الزراعة، والبناء والتشييد، والتجارة، والمطاعم والخدمات، الأمر الذي يؤكد على وجود اختلالات هيكلية في تنظيم سوق العمل، وضعف منظومة الرقابة، والشمول في الحماية الاجتماعية.
ونوه المنتدى إلى أن خطورة هذا الخلل تكمن في أن شريحة واسعة من العمالة غير الأردنية تستحوذ على نسبة كبيرة من الفرص في سوق العمل، ولا تسهم بشكل فعّال في رفد الإيرادات العامة، إذ إن غالبية هذه العمالة لا تخضع لضريبة الدخل، ولا تساهم في منظومة الضمان الاجتماعي، وتستفيد في المقابل، من السلع المدعومة كأسطوانة الغاز، والكهرباء والمياه، وكذلك من إعفاءات ضريبة المبيعات على السلع والخدمات الأساسية، ما يعني تحميل الخزينة العامة أعباء مالية إضافية.
وأشارت الورقة إلى أن البطالة تُعد أحد أبرز التحديات المزمنة التي تواجه الاقتصاد، فلم تعد تخلو أي ورقة بحثية أو سياسة وطنية أو استراتيجية تنموية عن ذكرها، وغالبا ما يُشار إليها على أنها 'معضلة الاقتصاد' نظرًا لارتباطها الوثيق بمستويات المعيشة، والاستقرار الاجتماعي، وفرص النمو، لا سيما بين فئة الشباب وحملة الشهادات الجامعية.
ووفقاً لأحدث البيانات من دائرة الإحصاءات العامة خلال الربع الأول من عام 2025، فقد ذكرت الورقة أن معدل 'البطالة العام' في الأردن بلغ 16.6%، وهو يشمل معدل 'البطالة للأردنيين' بنسبة 21.3%، ومعدل 'البطالة لغير الأردنيين' بنسبة 9.7%، مشيرةً إلى أن التفاوت الكبير بين المعدلين يثير تساؤلات جوهرية حول دور ومدى تأثير العمالة غير الأردنية في خفض معدل 'البطالة العام' على المستوى الكلي للمملكة.
وفي هذا السياق، استخدم منتدى الاستراتيجيات الأردني البيانات والنسب المتوفرة لعام 2024، والتي تتيح إمكانية تقدير حجم القوى العاملة من غير الأردنيين، لمقارنتها مع القوى العاملة الأردنية، نظرا لعدم توفر البيانات حول أعداد القوى العاملة من غير الأردنيين، وذلك من أجل تكوين فهم أعمق حول واقع سوق العمل في الأردن، بالاستناد إلى معادلة احتساب معدل 'البطالة العام' لدى دائرة الإحصاءات العامة وبياناتها لعام 2024.
وفي ضوء ذلك، أشار المنتدى في ورقته إلى أن 'معدل البطالة العام' بلغ 16.8% على مستوى القوى العاملة في المملكة لعام 2024، في حين بلغ معدل البطالة لدى الأردنيين 21.4%، و10.3% لغير الأردنيين، كما بلغ إجمالي القوى العاملة للأردنيين قرابة 2.01 مليون فرد، منهم نحو 1.58 مليون فرد مشتغلين، و429 ألف فرد متعطلين عن العمل، وفق بيانات الإحصاءات العامة.
وبالاستناد إلى الأعداد والنسب هذه، قدر المنتدى حجم القوى العاملة من غير الأردنيين لعام 2024 بنحو 1.4 مليون فرد؛ توزعت ما بين 1.2 مليون فرد مشتغل، و147 ألف فرد عاطل عن العمل.
وبحسب تقديرات المنتدى، تُظهر الأرقام أن العمالة غير الأردنية تمثل شريحة كبيرة من سوق العمل تكاد تصل إلى النصف، وأن معدل البطالة لديها أقل بكثير من نظيره لدى الأردنيين، مما كان له أثرًا مباشرًا في خفض معدل البطالة العام.
وأضاف المنتدى، أن عدد المشتغلين من غير الأردنيين يعادل ما نسبته 80% من إجمالي عدد المشتغلين الأردنيين؛ ما يعني أن كل 10 عمال أردنيين يقابلهم نحو 8 عمال غير أردنيين، وهذه الأرقام تُسلّط الضوء على حجم المزاحمة التي تواجهها العمالة المحلية من قبل العمالة الوافدة في سوق العمل.
وبالنظر إلى أرقام وزارة العمل حول العاملين من غير الأردنيين المسجلين لدى الوزارة، وإلى تقديرات المنتدى لحجم القوى العاملة من غير الأردنيين، فقد أشارت الورقة إلى أن ما يزيد عن مليون عامل أجنبي يعملون فعليًا في السوق الأردني، ولكن خارج نطاق الاقتصاد الرسمي (غير مسجلين في وزارة العمل أو الضمان الاجتماعي)، في حين بلغ عدد العمالة الأردنية غير الرسمية قرابة 300 ألف فرد، بالاستناد إلى أرقام المؤمن عليهم في الضمان الاجتماعي.
وأوضح المنتدى أن مساهمة هذه الشريحة في الناتج المحلي الإجمالي من خلال الاستهلاك الخاص تعتبر محدودة، نظرًا لأن جزءًا كبيرًا من دخولها يُحوَّل إلى الخارج، حيث يؤكد هذا الواقع – من منظور اقتصادي ومالي – على عدم اتساق السياسات الحالية مع أولويات التشغيل الوطني، ومتطلبات العدالة الضريبية، وكفاءة الإنفاق العام، فضلًا عن الاختلال في توجيه الموارد الاقتصادية.
وفي الختام، أوصى منتدى الاستراتيجيات الأردني بضرورة التدخل الفوري لمعالجة هذا الخلل البنيوي في سوق العمل، من خلال الوقوف على الأسباب الجوهرية وراء الحجم المتزايد للقوى العاملة من غير الأردنيين، والتي تكاد تشكل قرابة نصف المشتغلين في سوق العمل الرسمي وغير الرسمي، علاوة على ضرورة إعادة تقييم الأرقام والإحصاءات الرسمية ذات الصلة بدقة وشفافية.
كما أكد المنتدى على ضرورة إعادة ضبط موازين سوق العمل، وتوجيه مكتسباته نحو الداخل بدلًا من تسربها إلى الخارج، عبر مراجعة السياسات المرتبطة بتنظيم العمالة الوافدة، وتفعيل آليات إدماجها ضمن الإطار الرسمي، أو ترشيد وجودها بما يتماشى مع الأولويات الوطنية للتشغيل والإنتاجية، مشيرا إلى أن ضبط هذا الملف – لا سيما من خلال تنظيم العمالة غير الرسمية والحد التدريجي من توسعها – يعد خطوة محورية لخلق المزيد من فرص العمل للأردنيين، وخفض معدلات البطالة المرتفعة بينهم.
كما نوه المنتدى الى أهمية تبني مجموعة من التدخلات التكاملية على المدى المتوسط والبعيد، من أبرزها تقديم حوافز ضريبية وتشغيلية مؤقتة للشركات والمؤسسات التي ترفع نسب توظيف الأردنيين، خاصة في القطاعات ذات الأجور المتدنية أو التي تعاني من نقص العمالة الوطنية، بالإضافة إلى دعم برامج التدريب أثناء العمل.
كما شدد المنتدى على أهمية توسيع أدوات الرقابة وتفعيل العقوبات على الجهات التي تشغّل عمالة غير رسمية أو غير مرخصة، مع اعتماد حلول رقمية لتتبع وتصنيف هذه العمالة ودمجها تدريجيًا في الاقتصاد الرسمي. منوهًا إلى ضرورة تعزيز الشفافية في البيانات والإحصاءات وأهمية نشر التقارير المحدّثة والدورية الأكثر تفصيلًا حول تركيبة سوق العمل وتوزيعاته المختلفة.