اخبار الاردن
موقع كل يوم -زاد الاردن الاخباري
نشر بتاريخ: ٣١ أيار ٢٠٢٥
زاد الاردن الاخباري -
خاص - محرر الشؤون الاقتصادية - في ظل تطورات إقليمية متسارعة، وتحوّلات في خارطة التحالفات الاقتصادية في المنطقة، تتعالى الأصوات داخل الأردن للمطالبة بإعادة تأهيل وتطوير معبر جابر الحدودي مع سوريا، استعدادًا للعودة المتوقعة لحركة التجارة البرية، والعبور الإقليمي، وإحياء الدور الاستراتيجي للمملكة كممر تجاري بين دول الخليج وأوروبا.
معبر جابر.. البوابة الشمالية للاقتصاد الأردني
معبر جابر (نصيب من الجانب السوري) كان لسنوات طويلة شريانًا اقتصاديًا حيويًا، تمر من خلاله الشاحنات والبضائع بين الأردن وسوريا ولبنان وتركيا وأوروبا. لكن بسبب الحرب السورية التي اندلعت عام 2011، تراجع النشاط في المعبر إلى مستويات غير مسبوقة، وتعرض لأضرار مادية وبشرية وبُنيته التحتية تآكلت مع الوقت، رغم إعادة فتحه جزئيًا عام 2018.
ومع عودة دمشق إلى الحضن العربي سياسيًا، واستئناف العلاقات الدبلوماسية تدريجيًا، تتجه الأنظار إلى البُعد الاقتصادي الذي يمكن أن يعيد الدور المحوري لمعبر جابر في منظومة النقل والتجارة في المنطقة.
تحذيرات من خسارة الفرصة
يرى مراقبون أن التأخير في تطوير المعبر قد يُفقد الأردن ميزته التنافسية لصالح منافذ أخرى، مثل ميناء طرطوس السوري أو الموانئ اللبنانية، أو حتى معابر في دول الجوار كالعراق وتركيا.
الخبير في الشؤون اللوجستية د. محمد المومني يؤكد في حديثه:
'الأردن يقف أمام مفترق طرق. إما أن يعيد تأهيل وتوسيع معبر جابر ليكون جاهزًا لاحتضان طفرة التجارة المتوقعة، أو أن يجد نفسه خارج الحسبة في ظل سباق إقليمي على فتح الممرات البديلة.'
وأضاف:
'هناك ممرات برية بدأت تكتسب زخماً جديدًا، مثل طريق إيران – العراق – سوريا، وممرات الشحن بين الخليج وتركيا. إذا لم يتحرك الأردن سريعًا، سنكون على هامش المشهد الاقتصادي الجديد.'
واقع المعبر الحالي.. بنية تحتية متهالكة وتعقيدات إدارية
بحسب مصادر في قطاع النقل البري، فإن معبر جابر يعاني من بنية تحتية غير ملائمة، تتمثل في محدودية ساحات التفتيش، بطء الإجراءات، ضعف الربط الإلكتروني، وسوء حالة المرافق اللوجستية.
نقيب أصحاب الشاحنات الأردنية محمد خير الداوود صرّح سابقًا أن نحو 5 آلاف شاحنة أردنية كانت تعبر يوميًا إلى سوريا ولبنان وتركيا قبل الأزمة، بينما لا يتجاوز الرقم الآن 200 شاحنة في أحسن الأحوال، بسبب تعقيدات المعبر وعدم جاهزيته.
كما اشتكى العديد من السائقين من الزحام وتأخر الإجراءات الأمنية والجمارك، الأمر الذي يُقلل من جاذبية المعبر للتجار الإقليميين الباحثين عن الكفاءة والسرعة.
دعوات لإطلاق خطة وطنية عاجلة
القطاع الخاص، لا سيما غرف التجارة والنقل وشركات التخليص، طالبوا الحكومة بإطلاق خطة طوارئ وطنية لتأهيل المعبر تتضمن:
توسعة ساحات الشحن والتخليص.
تحديث البنية الرقمية لتسريع الإجراءات.
تعزيز الكوادر البشرية في المعبر.
بناء مدينة لوجستية متكاملة قرب الحدود.
التنسيق الفاعل مع الجانب السوري لتوحيد الإجراءات.
كما شددوا على ضرورة إنشاء مركز عبور إقليمي (Transit Hub) يخدم الحركة بين الخليج وأوروبا عبر الأردن وسوريا.
فرص اقتصادية هائلة.. ولكن الوقت يداهمنا
يقول الباحث الاقتصادي خالد الرواشدة إن تأهيل معبر جابر ليس مجرد قرار خدماتي، بل هو خيار استراتيجي سيُحدد مكانة الأردن في اقتصاد الإقليم خلال السنوات القادمة.
ويضيف:
'نحن على أعتاب مرحلة جديدة تتطلب جاهزية كاملة للاستفادة من مشاريع مثل الطريق البري بين الشام والخليج، وربما مشاريع لاحقة تربط الصين بأوروبا عبر آسيا الوسطى وسوريا.'
ويحذر الرواشدة من أن التأخير قد يجعل المستثمرين الإقليميين يختارون منافذ أخرى أكثر استعدادًا، مما يعني خسارة فرص عمل، ودخل جمركي، واستثمارات لوجستية ضخمة.
خلاصة: معبر جابر مفتاح للمرحلة القادمة
الحكومة الأردنية مطالبة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، باتخاذ خطوات عاجلة لرفع جاهزية معبر جابر ليكون بوابة اقتصادية نشطة، تستوعب متطلبات المرحلة القادمة وتنعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني وفرص العمل.
فهل تنتصر الرؤية الاستراتيجية على البيروقراطية؟ وهل نُدرك أننا إن لم نتحرك اليوم، فقد نُغلق الباب أمام عودة الأردن إلى دوره الإقليمي الطبيعي؟
الوقت لا ينتظر.. ومعبر جابر لا يحتمل التأجيل.