اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ٩ تشرين الأول ٢٠٢٥
السنيد يكتب: فلسطين تحتل الصدارة في الوجدان العالمي
علي السنيد
استطاعت مشاهد التضحيات الفلسطينة الاسطورية في اثناء الحرب الدائرة على غزة من ان تهز الوجدان العالمي، واحدثت تحولات عميقة ، وغير مسبوقة في الرأي العام في العالم ، واستقرت فلسطين في وعي الاجيال الجديدة في اوروبا وامريكا كقضية تحرر وطني، واجتاحت غالبية دول العالم المظاهرات التي حركتها الاحداث الصادمة للضمير البشري .
وكان ذلك على خلفية تواصل العدوان الاسرائيلي البربري، والاكثر بشاعة في التاريخ الحديث ، والذي اسقط كل المحرمات في حق الابرياء ، والمدنيين والعزل.
وتمكنت الصورة الفلسطينية من ان تحل في كافة ارجاء الارض، وتستقر في الذاكرة البشرية، واخذت فلسطين مكانتها في صدارة الاحداث العالمية، وتحولت الى الحدث الابرز في العالم على مدار العامين الاسودين الذين مرا على البشرية بثقلهما، وكغمامة سوداء خيمت في سماء الانسانية.
وفقدت الدعاية الاسرائيلية التعاطف الدولي سريعا، وانكشف سوء الاحتلال ، وفقد مشروعيته، واصبح في عداء واضح مع القيم الانسانية، ومع المنظمات الدولية، والحقوقية ، والتي اصدرت عدة قرارات توقيف بحق قادة الاحتلال ، وارتفع صوت العدالة في الجمعية العامة للامم المتحدة، وكان مشهد مغادرة وفود الدول ومقاطعتها لكلمة رئيس الوزراء الاسرائيلي السفاح نتنياهو يؤذن بتشكل عالم جديد ازاء فلسطين، وقضيتها العادلة.
وشهد العالم مشاركة المثقفين من كافة الدول، وقادة الرأي العام ، والمؤثرين في مناصرة الحق الفلسطيني، والى الدعوة الى وقف المجازر في حق الابرياء من اهل غزة المحاصرين بالقتل والدمار والتجويع في مشهد مأساة بشرية سجلت كاخفاق كبير في المسيرة الانسانية وتحضرها.
وخسرت اسرائيل التأييد الذي كانت تتلقاه في الشوارع الغربية، واصبحت في سلوكها الاجرامي تمس بالقيم الانسانية، وتعتدي على الضمير العالمي، وانحسرت مشاعر التعصب التي بنيت عليها صورتها العامة في الغرب.
وظهر التحول في الموقف الدولي جلياً في المؤسسات الدولية، وفي الجنائية الدولية، ولدى غالبية دول العالم التي اتخذت مواقف جديدة من مأساة الشعب الفلسطيني، وحقه في تقرير مصيره.
وتعرى الموقف الاسرائيلي الهمجي الذي انطلى على الغرب لعقود، واخذت فلسطين مكانتها كقضية تحرر وطني ذات بعد عالمي.
وهذا يضع مسؤوليات كبيرة على العرب في كيفية مخاطبة الرأي العام العالمي، والاجيال الجديدة في الغرب، ويا حبذا لو يتبنى الاردن، وبالتوافق مع جامعة الدول العربية فكرة انتاج فيلم عالمي عن فلسطين يخلد في الذاكرة البشرية، ويتضمن احداث، ومجريات القضية الفلسطينية، وكفاح الشعب الفلسطيني، ومحطات نضاله، وذلك من خلال نص تاريخي، وبمواصفات عالمية ، ويشارك فيه ممثلون من مشاهير العالم، الى جانب الممثلين العرب ، ومن كافة الدول ، ويتم انتاجه بلغات عديدة، وكي يعطي التصور التاريخي الابرز لوقائع واحداث القضية الفلسطينية التي اصبحت ذات ابعاد وجدانية عالمية.
وليكن هذا العمل التاريخي الفني الكبير يهدف الى تعزيز الموقف العالمي غير المسبوق من فلسطين، وللاحتفاظ بالرأي العام في العالم الذي انحاز مؤخرا الى جانب الحق العربي ، و لمواجهة الدعاية الاسرائيلية المضللة والمتواصلة في الغرب ، وكي تبقى القضية الفلسطينية بمثابة الهاجس لدى الانسانية حتى وصول الشعب الفلسطيني الى حقه المشروع في تحرره ، واقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني.
وعلى الدبلوماسية الاردنية و العربية ان تواصل نجاحاتها في ابراز صورة الحق الفلسطيني، والحفاظ على المكتسبات التي تحققت على صعيد الرأي العام العالمي، وان يبتكر المثقفون العرب، والاعلام العربي طرائق جديدة ، ومؤثرة لمزيد من كسب التعاطف الدولي، وتجاوز الدعاية الاسرائيلية المغرضة وتحريضها المستمر على الفلسطينين، والعرب، ووصمهم بالتطرف، والارهاب، واثارة مخاوف الغرب من الاسلام، والذي كان يجري الى وقت قريب .