اخبار الاردن
موقع كل يوم -وكالة رم للأنباء
نشر بتاريخ: ٢٩ أيلول ٢٠٢٥
رم -
د. مفضي المومني
مع إعلانِ القبولاتِ الجامعية؛ نباركُ لطلبتِنا وأهاليهم، ونُشاركهم الفَرحةَ بالخطوةِ الأولى على طريقِ المستقبلِ والنجاح.
تستقبلُ الجامعاتُ بدايةَ كلِّ عامٍ جامعيٍّ الطلبةَ الجُدُد، والذين يُطلقُ عليهم زملاؤُهم من السنواتِ الأخرى (السَّنافر) ربَّما تحبُّبًا أو تهكُّمًا..! وتُعَدُّ السنةُ الأولى للطَّالبِ الجامعيِّ من السنواتِ الهامَّة في مسيرتِه الجامعية والدِّراسية بشكلٍ خاصّ، ومن الأهميَّةِ بمكانٍ أن تحتضنَ الجامعاتُ الطلبةَ الجُدُد، وأن تعملَ من خلال نشاطاتٍ هادفةٍ ومخطَّطٍ لها لإدماجهم في الحرمِ الجامعي؛ لأنهم ينتقلون من مرحلةِ التعليمِ المدرسيِّ إلى التعليم الجامعيِّ، والفارقُ كبيرٌ بينهما، والنقلةُ نوعيَّة.
ويجبُ ألَّا يُترَك الطَّالبُ لقدره دونَ إرشادٍ وتوجيه، وألَّا تكتفي الجامعاتُ بالتعاملِ معه كزبونٍ دفعَ مستحقَّاته المالية ودخل الحرمَ الجامعي. فعند أيِّ مشكلةٍ تُواجه الطالبَ؛ سواء كانت سلوكيَّةً كالعنفِ الجامعيِّ أو غيره، أو دراسيةً، نكتشفُ أنَّ الطَّالبَ يجهلُ الكثيرَ من الأنظمةِ والقوانينِ والأعرافِ الجامعية، وأنَّه ما زال يتصرَّف بعقليةِ بعضِ طلبةِ المدارس، ولم يرتقِ إلى مستوى الطالب الجامعي. وفيما يلي بعضُ المقترحاتِ لعماداتِ شؤون الطلبة والدوائر الجامعية وأعضاء هيئات التدريس لتفعيلِ إدماجِ الطالب الجامعي المستجدِّ في الجِسمِ الأكاديمي والمجتمع الجامعي:
1- تخصيصُ لجانِ استقبالٍ للطَّلبة الجدد من أعضاء هيئةِ التدريس في الجامعات، ومن الطَّلبة من السنواتِ التالية، ودوائر شؤون الطلبة، وتزويدُهم بنشراتٍ تعريفيَّة عن الجامعة والأنظمة والقوانين والأعراف الجامعية ضمن برنامجٍ مخطَّطٍ له ومُعدٍّ جيدًا. ومع أن بعض الجامعات تقومُ بشيءٍ من ذلك، لكن في الغالب يكونُ الاستقبالُ احتفاليًّا سطحيًّا، ولا يُساهم أعضاءُ هيئات التدريس فيه، إذ يعتقدُ بعضُهم أن علاقتَه بالطالب تقتصرُ على قاعةِ المحاضرات فقط..!
2- لقاءاتٌ تعريفيَّة للطَّلبة الجدد بالإدارات الأكاديمية ذات العلاقة بهم، وكذلك بأعضاء هيئة التدريس والإداريين والأمن الجامعي؛ إذ تتصادفُ خبرتنا مع طلبةٍ كُثرٍ لا يعرفون رئيسَ قسمِهم أو عميدَهم. ويُرافِق ذلك تعريفٌ بمرافق الحرم الجامعي، وأماكن الخدمات المختلفة، وكيفيةُ الحصول على الخدماتِ الجامعية من خلال جولاتٍ ولقاءاتٍ مخطَّطة.
3- أن يكون الإرشادُ والتوجيهُ مستمرًّا من الجهاتِ المذكورة، وألَّا يقتصرَ على الأسبوع الأول من العام الجامعي، بل من خلال أنشطةٍ ولقاءاتٍ ومحاضراتٍ تثقيفيَّة موجَّهة.
4- تخصيصُ خمسِ دقائق من كلِّ محاضرة –ويُفضَّل أن تكونَ في بدايتها– يفتحُ فيها عضوُ هيئة التدريس حوارًا مع الطلبة عن بعض السلوكيات السلبية في الحرم الجامعي، وتعزيز وتطوير السلوكيات الإيجابية. ويحضرني هنا انفصالُ الأستاذ الجامعيِّ عن طلبته واقتصار العلاقة على المحاضرة، وهو لا يُدرك أنَّ دورَه تربويٌّ أيضًا، وأنه نموذجٌ للطَّالب، وأن سلوكَه يجب أن ينحو نحوَ التواصلِ مع الطلبة، وتحسُّسِ مشاكلهم وتفهُّمهم، وإرشادهم بكلِّ ما يُساعدهم على التصرُّف بشكلٍ حضاري، وأنهم أصبحوا جزءًا مهمًّا من الجامعة، وأن عليهم مسؤولياتٍ وواجباتٍ، مع الابتعاد عن الترهيب والتهديد والتعنيف، بل إظهار الاحترام والإرشاد بالطرق التربوية.
5- محاضراتٌ تثقيفيةٌ مبرمجة، وإرشادٌ وتوجيه من الإدارات الجامعية والمختصين وأعضاء هيئات التدريس للطلبة المستجدين عن طبيعةِ العلاقات الصحيحة بين الطلبة والطالبات، وكذلك مع أعضاء هيئة التدريس والإداريين. وتوعيتهم بالظواهر السلبية كرفاق السوء، والمخدرات، والعنف الطلابي، والتعصُّب، وغيرها، بكلِّ شفافيةٍ وانفتاح.
6- توعيةُ الطلبة الجدد وإرشادُهم أكاديميًّا بشكلٍ فعَّال من قبل الأقسام المعنيَّة، وحلُّ مشاكلهم الأكاديمية من تسجيل المواد أو تنظيم البرنامج بكل تعاونٍ واحترام.
7- توعيةُ الطلبة الجدد بالأنظمة والقوانين والأعراف الجامعية، وكذلك أنظمة العقوبات، ليُدرِك الطَّالبُ نتائجَ أيِّ سلوكٍ سلبيٍّ قد يقومُ به.
8- إدماجُ الطلبة في الأنشطة الجامعية المختلفة؛ الثقافية أو الرياضية أو الفنية أو التطوعية أو غيرها، كلٌّ حسب قدراته وميوله، لتفريغ طاقاتهم في مجالاتٍ مفيدة تعمل على بناء شخصياتهم الجامعية والوطنية بطريقةٍ صحيحة.
9- اتِّباعُ سياسة الباب المفتوح مع الطلبة الجدد والطلبة بشكلٍ عام، من قِبل الإدارات الأكاديمية، ولو من خلال تخصيص أوقاتٍ معيَّنة لمراجعات الطلبة، لحلِّ مشاكلهم أو الإجابة على تساؤلاتهم بشكلٍ وجاهي، بالإضافة إلى منصات التواصل الإلكتروني.
10- التركيزُ على احترامِ الطالب وتعزيزِ شخصيته وذاته من قِبل الإدارات الأكاديمية وأعضاء هيئات التدريس والإداريين؛ لأنَّ التجاهل والتكبُّر والتعامل الفوقي والإهمال في التعامل مع الطالب، لها مردودٌ عكسيٌّ على سلوك الطالب والبيئة الجامعية.
11- تخصيصُ مكاتبٍ للإرشاد التربوي والنفسي للطلبة من خلال مختصين، لاستقبالهم وتقديم خدماتِ الإرشاد التي يحتاجونها.
12- برامجُ توعية لبعض أعضاء هيئة التدريس والإداريين والأمن الجامعي لتطوير ثقافة الاتصال لديهم بالطلبة. وقد يُنكِر البعضُ ذلك لاعتقادهم أنَّ الدكتور الجامعي يعرف كلَّ شيءٍ ولا ينقصه، لكن الواقعَ يُؤكِّد أن عددًا لا بأس به من الأساتذة الجامعيين والإداريين يفتقدون لأدنى مقومات ثقافة الاتصال بالطلبة (ولا أُعمِّم). ومن لا يُعجبه هذا الاقتراح، فليسألِ الطلبةَ عن تعاملِ بعض أعضاء هيئة التدريس معهم..!
13- تفعيلُ مساقِ 'التربية الوطنية' الذي يُدرَّس غالبًا بطريقةٍ تلقينية وكأنه مادةُ تاريخ. ومن خلال خبراتنا وتعاملنا مع الطلبة، فليس هناك أثرٌ ظاهر على سلوكياتهم يتقاطع مع أهداف المساق. وأدعو إلى تطويره ليتضمنَ جوانب عملية تطوعيَّة داخل وخارج الحرم الجامعي، تعمَل على تعزيز الشخصية الوطنية والاجتماعية للطَّالب، وزيادة وعيه ومسؤوليته الذاتيَّة.
هذا بعضٌ ممَّا حضرني من نقاطٍ يجب على الإدارات الأكاديمية في الجامعات الاهتمام بها وإضافة غيرها وتطويرها، بهدف إدماج الطلبة الجدد في الجسم الجامعي، والحدِّ من أيِّ سلوكياتٍ سلبية لاحقًا، لما فيه مصلحةُ الطالب والجامعة والمجتمع والوطن.
حمى الله الأردن.