اخبار مصر
موقع كل يوم -صدى البلد
نشر بتاريخ: ١٤ تشرين الثاني ٢٠٢٥
أثار طلاق كريم محمود عبد العزيز وآن الرفاعي، جدلاً فقهياً، حيث يرى علماء أن الطلاق الشفهي عبر ستوري أو رسالة نصية لا يقع ويجب توثيقه، بينما يرى آخرون: أن الطلاق من خلال ستوري أو رسائل نصية يقع، مُشترطين أن يكون الزوج هو كاتب الرسالة فعليًا، وأن يكون اللفظ مقصودًا للطلاق، وليس هزلًا أو غضبًا، وأن تكون الرسالة موجهة بقصد إيصالها للزوجة، وأن يتوفر قصد الإنشاء، وليس مجرد الإخبار بطلاق سابق.
وكتبت «آن الرفاعي» في تعليقها على منشور الانفصال، قائلة: «الحمد لله على كل شيء. التزمت الصمت كثيرًا حفاظًا على بيتي وأسرتي، على أساس إن البيوت أسرار، تم إبلاغي بالطلاق من خلال ستوري على إنستجرام، بعد 14 سنة زواج ، بدون ورقة طلاق، ولا إخطار من مأذون، شكرًا على التقدير والاحترام. وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ».
وأكدت أنّها اختارت الصمت طوال الفترة الماضية، احترامًا للحياة الزوجية التي جمعتها بزوجها على مدى أكثر من عقد ونصف، مشيرةً إلى أنّها لم تكن تتوقع أن يتم إعلامها بالطلاق عبر منشور إلكتروني، دون أي تواصل مباشر، أو إجراء قانوني، أو إخطار رسمي من مأذون شرعي.
الطلاق عبر استوري في انستجرام، هو منشور عام يُعرض لجميع المتابعين، فإن النية والقصد المباشر للزوجة لا يُثبتان بسهولة، ما يجعل وقوع الطلاق في هذه الحالة موضع خلاف فقهي وقانوني، ويتطلب إثباتًا رسميًا عبر وثيقة مأذون أو محكمة.
نبهت الدكتورة فتحية الحنفي، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، على أن الطلاق عبر وسائل التواصل جائز ويقع، لأن الطلاق وقع بصريح اللفظ، حيث وجودهما معا، فلو قال لها: أنت طالق تصح منه ويقع الطلاق.
وقالت «الحنفي» في تصريحات لـ «صدى البلد»: إنه يصح الطلاق بالكتابة الواضحة المفهومة مع توافر النية، فلو كتب عبر وسائل التواصل أيًا كان نوعها أن زوجتي وسماها وهو أيضًا معروف هويته، وكتب أنها طالق يقع الطلاق، وهذا يشبه طلاق الأخرس فإنه لو كتب أن امرأته طالق يقع، شرط توافر النية، فلو علمت الزوجة بطلاقها عبر وسائل التواصل وجب عليه الاتصال للتأكد من هوية زوجها وبالفعل وأنه هو الذي كتب ذلك، حتي لا يحدث تدخل من طرف آخر ليس له علاقة بالموضوع ويكتب باسم زوجها، ومع ذلك وجب توثيق هذا الطلاق لما يترتب عليه من حقوق للمطلقة.
وأفاد الشيخ خالد الجمل، الداعية والخطيب بالأوقاف، بأن الطلاق عبر وسائل التواصل أو ما يعرفه البعض «بالطلاق اونلاين» هو أيضًا من المسائل المُستحدثة فقهًا، والتي فيها من العديد من العناصر التي يجب على كل متخصص البحث فيها حتى يطمئن في فتواه فيها.
وقال الشيخ خالد الجمل، الداعية والخطيب بالأوقاف، إن الطلاق عبر وسائل التواصل أو ما يعرفه البعض «بالطلاق اونلاين» هو أيضًا من المسائل المُستحدثة فقهًا، والتي فيها من العديد من العناصر التي يجب على كل متخصص البحث فيها حتى يطمئن في فتواه فيها.
وأوضح «الجمل» تصريحات لـ «صدى البلد»، أنه يمكن أن أوجز الكلام عن هذه المسألة من خلال عرض الخلاف الفقهي فيها، حيث انقسم الفقهاء في الحكم بوقوع الطلاق أونلاين إلى فريقين: الفريق الأول: يرى بوقوع هذا النوع من الطلاق وغيره من أنواع الطلاق الشفهي الأخرى المُعروفة عند أهل التخصص كطلاق الهازل وطلاق السكران وغيره من أنواع الطلاق المعروفة، طالما توافر فيه شروط صحة الطلاق كالنية والعقل وعدم الإكراه وعدم الطلاق في فترة الحيض وغيرها من ضوابط معروفة ومن أدلتهم على ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ وإنَّما لِكلِّ امرئٍ ما نوى»، وسواء كان ذلك مشافهة أو كتابة إذا ما تم هذا بضوابط التأكد من صحته، وهذا ما ذهب إليه جمهور الفقهاء وبذلك أفتت دار الإفتاء المصرية.
وتابع: الفريق الثاني: ذهب أصحابه إلى عدم وقوع الطلاق الشفهي أو الاعتراف به رسميًا سواء كان ذلك الطلاق بقصد أو دون قصد، إنما الطلاق يكون طلاقًا مثبتًا وموثقًا توثيقًا رسميًا لا احتمال إلى لبس فيه أو غرر، وعلتهم في ذلك أن النكاح المبني على عقد مكتوب لا يفسخ إلا بطلاق مثبت مكتوب لقوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ»، للدلالة الواضحة غير القابل لأي شك قد يحدث في زمننا هذا بعد تغير الذمم وتبدل الحال وتطور التكنولوجيا في التشكيك في إثبات جدية وصحة هذا الطلاق غير الموثق رسمياً سواء كان بكتابة في رسالة نصية على مواقع التواصل، أو حتى كان شفهيًا بمكالمة تليفونية أو رسالة صوتية أو ما يستجد من وسائل ليست موثقة رسميًا وهذا لما قد يترتب على هذا الطلاق من آثار خطيرة، وعليه فإن الطلاق المكتوب دون توثيق لا يعد عندهم طلاقًا رسميًا معترف به، وهذا معمول به في المملكة العربية السعودية التي قد أدخلت تعديلاً قانونيًا جديدًا يوجب توثيق الطلاق للاعتراف به رسميًا.
وختم: وأخيرًا أوصي بأن يعلم الناس جيدًا أهمية عقود النكاح وخطورة فسخها أو رجعتها لدرجة أن ابن تيمية في فقهه أوجب الإشهاد على الرجعة ولم يكتفِ بمجرد الرجعة المعروفة، على الرغم من بأنها لم تكن تحتاج إلى إشهاد عليها فيما سبقه، ولكنه عند تحول الحال وتغير المقال أصبح لزامًا أن يتحرك الفقه الإسلامي لحماية حقوق وكرامة المرأة والأسرة المصرية من الضياع، إذا ما صار الطلاق وانتهاء رباط الأسرة كلها مرهون برسالة نصية قد يخطئ كاتبها في كلمة أو قد ينتهي شحن الجهاز أو حتى جودة الإرسال أو ما قد يستجد من حوادث قد يصعب تفاديها أو الرجوع إليها بعد فوات الأوان.
وفي فتوى رسمية عبر موثعها الرسمي، أبانت من خلالها دار الإفتاء المصرية، أن قيام الزوج بكتابة رسالة موجهة إلى زوجته بلفظ طلاقٍ صريحٍ عبر وسيلة من وسائل الاتصال والتواصل الحديثة -كالرسائل النصية (Sms)، ومراسلات الواتساب (WhatsApp)، ومراسلات البريد الإلكتروني (Email) ونحوها- يُرجع فيه إلى نيته وقت الكتابة سواء وجهه إلى الزوجة أو غيرها؛ لأن الكتابة من أقسام الكناية على المختار في الفتوى؛ وهو مذهب فقهاء الشافعية والحنابلة، ووافقهم المالكيةُ فيما إذا وجهه إلى غير الزوجة.
وأوضحت دار الإفتاء، أنه يراعى في الحكم بوقوع مثل هذه الصور الكتابية من مسائل الطلاق: أن يكون الزوج هو صاحب الرسالة المكتوبة بالفعل، وأن تكون الرسالة موجهة من الزوج لمعلومٍ قاصدًا إيصال مضمونها إلى زوجته (سواء أرسلها للزوجة أو غيرها)، وأن يكون اللفظ المكتوب في الرسالة هو ممَّا يستعمل في الطلاق، أن يتوفر لدى الزوج قصد إيقاع طلاق زوجته وقت كتابة الرسالة وإرسالها لا قبله ولا بعده، فإن كان عازمًا حينئذٍ على الطلاق، وقع الطلاق، وإن كتب ذلك ولم يكن ناويًا للطلاق، لم يقع الطلاق، وأن يقصد الزوج إنشاءَ طلاقٍ في الحال، لا الإخبار بطلاقٍ سابقٍ يعتقد وقوعه، أو مجرد الكتابة أو أراد شيئًا آخر غير الطلاق كغَمِّ الزوجة وإدخال الحزن عليها ونحو ذلك.
وأفادت: هذا كله مع مراعاة قواعد الإثبات والاعتداد بالمراسلات عبر البرامج المذكورة واستيفاء الشروط والضوابط الفنية والتقنية المنصوص عليها في قانون تنظيم التوقيع الإلكتروني ولائحته التنفيذية الصادرة رقم (١٠٩) لسنة (٢٠٠٥م) وفقًا لآخر تعديل صادر في (٢٣) إبريل عام (٢٠٢٠م)؛ فإذا توافرت هذه الشروط مجتمعة: حُكِمَ بوقوع الطلاق، وإن افتُقدت أو أحدها: صُرفَ الطلاق إلى غيره، بأن يكون بدافع الغضب أحيانًا، أو التهديد، أو الهزل، أو مجرَّد رد فعل في موقف معين أحيانًا أخرى، دون وجود أيِّ نية لإيقاع الطلاق، أو قاصدًا بها الإخبار بطلاقٍ سابقٍ لا إنشاءه.


































