اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٢١ تشرين الأول ٢٠٢٥
بعد أشهر من الاضطراب الذي شهده النقل البحري العالمي، بدأت السفن التجارية بالعودة تدريجيًا إلى مسار قناة السويس، في مؤشر يُرجّح أنه يمثل بداية مرحلة جديدة من إعادة التوازن في طرق التجارة الدولية.
هذا التحول، الذي تتابعه الأسواق العالمية بدقة، يحمل في طياته انعكاسات واسعة على موانئ أوروبا وسلاسل الإمداد وأسعار الشحن، بحسب تقرير نشره موقع شبكة 'لود ستار' البريطانية المتخصصة في الشحن واللوجستيات.
تراجع المخاطر وارتفاع الثقة في الممر الملاحي
ووفقًا لـ'لود ستار'، فإن موجة العودة جاءت مدفوعة بعدة عوامل، أبرزها تراجع المخاطر الأمنية في البحر الأحمر، واستقرار أسعار التأمين على السفن العابرة، إلى جانب جهود مصر المكثفة في تأمين الممر الملاحي وإعادة الثقة لشركات الشحن الكبرى.
ورغم أن الحركة لا تزال دون مستوياتها التاريخية، فإن البيانات تُظهر زيادة متصاعدة في أعداد السفن العابرة في الاتجاهين بين البحر المتوسط والمحيط الهندي.
موانئ أوروبا تستعد لازدحام جديد
وترجّح تقديرات المحللين في 'لود ستار' أن يشهد العام الحالي ضغطًا متزايدًا على الموانئ الأوروبية، بعد فترة من التراجع في معدلات التشغيل.
وتستعد موانئ روتردام وهامبورغ وفالنسيا لموجة ازدحام جديدة، مع عودة الشحنات القادمة من آسيا عبر قناة السويس بدلًا من طريق رأس الرجاء الصالح الذي استخدمته الشركات خلال الأزمة.
ويرى الخبراء أن هذا الانتعاش قد يعيد أجواء الاختناقات اللوجستية التي شهدها العالم عقب جائحة كوفيد-19، لكنهم يؤكدون أن الاستعداد التقني للموانئ الأوروبية اليوم أفضل كثيرًا بفضل أنظمة التتبع الرقمي والذكاء الاصطناعي في إدارة حركة الحاويات.
انعكاسات اقتصادية واسعة على التجارة وأسعار الشحن
تمثل قناة السويس نحو 12% من إجمالي حركة التجارة البحرية العالمية، ما يجعل أي زيادة في مرور السفن مؤشّرًا مباشرًا على تحسن كفاءة تدفق البضائع وتقليص أزمنة الرحلات بين آسيا وأوروبا.
ويُتوقع أن يسهم هذا الانتعاش في استقرار أسعار الشحن البحري التي ارتفعت بشكل حاد خلال فترة التوترات السابقة، الأمر الذي ينعكس إيجابًا على تكاليف السلع والطاقة عالميًا.
مصر تستعيد موقعها كمركز لوجستي عالمي
وأكدت 'لود ستار' أن عائدات قناة السويس بدأت في التعافي مجددًا، بعد الانخفاض الحاد الذي شهدته خلال العامين الماضيين، في حين استعادت شركات الخدمات الملاحية في مدن القناة الثلاث (السويس – الإسماعيلية – بورسعيد) نشاطها تدريجيًا.
كما تسعى الحكومة المصرية إلى تعزيز الخدمات اللوجستية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية في مجالات النقل والتخزين والصيانة.
أبعاد سياسية ودبلوماسية للتحول الجديد
ويرى محللون أن هذا التطور لا يقتصر على البعد الاقتصادي فحسب، بل يحمل أبعادًا سياسية واضحة، إذ يعزّز من الدور المصري في منظومة التجارة الدولية ويعيد القاهرة إلى موقعها المحوري في أمن خطوط الإمداد العالمية.
كما أصبح التنسيق المصري – الأوروبي في إدارة حركة العبور وتبادل المعلومات البحرية أكثر أهمية من أي وقت مضى، لضمان تدفق التجارة دون عوائق.
اختبار حقيقي للنظام التجاري العالمي
ويُجمع خبراء النقل على أن الفترة المقبلة تمثل مرحلة اختبار مزدوجة:
من جهة، قدرة موانئ أوروبا على استيعاب موجة السفن العائدة.
ومن جهة أخرى، قدرة مصر على الحفاظ على وتيرة النمو الجديدة في القناة.
فإذا نجح الطرفان في تحقيق التوازن المطلوب، فقد يشهد العالم تحولًا استراتيجيًا في خريطة النقل البحري الدولي، يمهّد لحقبة من الاستقرار النسبي بعد عامين من الاضطرابات والتقلبات الحادة التي أصابت سلاسل الإمداد بالشلل.
لود ستار تحذّر: الأمن البحري لا يزال العامل الحاسم
وفي ختام تقريرها، حذّرت 'لود ستار' من أن أي توتر أمني جديد في المنطقة قد يعيد المشهد إلى الوراء، مشددة على أهمية التعاون بين الحكومات وشركات النقل والتأمين لضمان بقاء الممرات البحرية مفتوحة وآمنة.