اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٢٥ تشرين الأول ٢٠٢٥
أثار إعلان الحكومة الهولندية توقيع مذكرة تفاهم مع أوغندا لإعادة المهاجرين وطالبي اللجوء المرفوضة طلباتهم إلى بلدانهم الأصلية عبر مركز عبور مؤقت في الأراضي الأوغندية، جدلًا سياسيًا وقانونيًا واسعًا داخل هولندا وأوروبا، وسط تحذيرات منظمات حقوقية من أن الخطة قد تنتهك مبادئ اللجوء الدولي وتكرّس سياسة تصدير الأزمات إلى دول إفريقية.
اتفاق غير مسبوق في أوروبا الغربية
وفق بيان الحكومة الهولندية، وقّع وزيرا الهجرة والشؤون الخارجية مذكرة التفاهم مع أوغندا أواخر سبتمبر 2025، لتنظيم إعادة المهاجرين المرفوضين ضمن مركز عبور مؤقت بإشراف من منظمات دولية.
وقال وزير الهجرة ديفيد فان ويل، إن المركز قد يبدأ العمل مطلع العام المقبل، مؤكدًا أن حكومته تستعد للتحديات القانونية المحتملة.
ويُعد الاتفاق الأول من نوعه في أوروبا الغربية، ويعيد إلى الأذهان تجربة بريطانيا مع رواندا.
وتقول الحكومة الهولندية إن الهدف إنساني وتنظيمي، يهدف إلى ردع الإقامات غير القانونية وتسريع عمليات العودة، مع ضمان الحد الأدنى من المعايير الإنسانية أثناء فترة الانتظار.
الخطة من إعداد رينيت كليفر وزيرة التجارة الخارجية ومساعدات التنمية، ومارجولين فابر وزيرة شؤون اللجوء والهجرة.
قيود أوغندية وشروط مثيرة للجدل
أعلنت الحكومة الأوغندية أنها لن تستقبل القاصرين غير المصحوبين أو أفراد مجتمع الميم، بسبب قوانينها الداخلية الصارمة التي تعاقب المثلية بالسجن المؤبد أو الإعدام.
وأكد فان ويل أن مجتمع الميم لن يُرسل إلى أوغندا حمايةً لهم، مضيفًا أن بلاده ستتحمل المسؤولية القانونية عن المرسلين، إلى جانب مسؤولية أوغندا في تطبيق الاتفاق.
من جانبه، أوضح فينسنت باجير، السكرتير الدائم في وزارة الخارجية الأوغندية، أن بلاده ستقبل فقط من ليست لديهم سوابق جنائية، ويفضّل أن يكونوا من أصل إفريقي، شريطة ألا يستخدموا الأراضي الأوغندية لأغراض سياسية.
وأضاف فان ويل أن المشروع التجريبي سيستهدف أساسًا المهاجرين من المنطقة الإفريقية المحيطة بأوغندا، رغم أن معظم المرحّلين من هولندا يأتون من أوكرانيا وتركيا والمغرب والجزائر وسوريا.
سياسة ترامب على الطريقة الهولندية
أثار الاتفاق موجة رفض من أحزاب المعارضة الهولندية ومنظمات حقوق الإنسان التي وصفت الخطة بأنها اتفاق على غرار سياسات ترامب.
فيما قالت منظمة العفو الدولية إن هولندا تحاول إعفاء أوروبا من مسؤولياتها القانونية والأخلاقية، مشيرة إلى أن أوغندا ليست بلدًا آمنًا لجميع الفئات، خصوصًا النساء ومجتمع الميم.
ويرى منتقدون أن الاتفاق ينتهك لوائح الاتحاد الأوروبي التي تمنع إرسال طالبي اللجوء إلى دولة ثالثة دون موافقتهم، معتبرين أن الخطة تفتح الباب أمام تسليع المهاجرين وخصخصة اللجوء.
لكن فان ويل تمسك بموقفه قائلًا إن الاتفاق يتوافق مع القانون الدولي وقوانين الاتحاد الأوروبي، متوقعًا في الوقت نفسه طعونًا قضائية واسعة فور تنفيذه.
إشراف أممي وتعاون محدود
أكدت الحكومة الأوغندية أن تنفيذ الاتفاق سيتم تحت إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية لضمان احترام القانون الدولي.
وقالت وزارة العدل الهولندية إن المركز سيُستخدم لتسهيل عودة المهاجرين المرفوضين إلى أوطانهم مع ضمان المعايير الإنسانية الأساسية.
وأوضح فان ويل أن بلاده طلبت من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة الإشراف على المراكز.
وردت مفوضية اللاجئين بأنها لم تطّلع بعد على تفاصيل الاتفاق، وأن دورها المحتمل سيقتصر على تقديم المشورة لضمان امتثال المشروع لمعايير حقوق الإنسان.
أوروبا أمام مفترق طرق
يأتي الاتفاق في ظل تصاعد الجدل الأوروبي حول إدارة ملف الهجرة، ومحاولات دول الاتحاد إيجاد حلول بديلة بعد فشل خطط التضامن الإلزامي.
ويرى مراقبون أن الخطوة الهولندية قد تشكل سابقة أوروبية جديدة تدفع دولًا أخرى للسير في الاتجاه ذاته، خصوصًا مع تصاعد اليمين الشعبوي في عدة دول.
وبحسب بيانات يوروستات، أصدرت هولندا عام 2024 قرارات بمغادرة البلاد لنحو 19 ألف شخص، لكن لم يُرحّل سوى 4،200 فقط، بسبب الطعون القانونية أو رفض دولهم الأصلية استقبالهم.
وقال فان ويل إن الأمر لا يتعلق فقط بحل مشكلة العودة، بل بتوجيه رسالة ردع واضحة: إذا رُفض طلب لجوئك، فعليك المغادرة طوعًا وإلا فوجهتك ستكون أوغندا.


































