اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٥ تشرين الأول ٢٠٢٥
أثار اللواء إسماعيل قاني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، علامات استفهام جديدة وخطيرة بتصريح مثير للاهتمام، وفي مقابلة إعلامية أكد قاني أن الأمين العام السابق لحزب الله، حسن نصر الله، لم يُقتل فقط بفعل القنابل عالية القدرة التي ألقتها الطائرات الإسرائيلية في الضربة التاريخية على الضاحية الجنوبية لبيروت، بل أيضًا نتيجة التعرض لـ 'غازات كيماوية'.
وصفت هذه التصريحات، التي نقلتها صحيفة 'لوريان لو جور'، الحادث بأنه 'جريمة حرب واضحة'، ما يعيد فتح ملف اغتيال نصر الله على نطاق دولي واسع، ويحول التركيز من مجرد عملية استهداف قيادي إلى اتهام خطير باستخدام الكيان الصهيوني أسلحة محظورة.
وتأتي هذه التطورات على لسان رئيس قوة القدس الإيرانية النخبوية، في سياق يهدف إلى إعادة صياغة السردية حول عملية الاغتيال التي نفذتها إسرائيل في 27 سبتمبر 2024، في تمام الساعة 6:21 مساءً، بواسطة أكثر من 80 قنبلة أسقطت في ثوانٍ على الملجأ تحت الأرضي الواقع ضمن ستة أبنية تُعرف كمركز قيادة لحزب الله. وتُعد هذه المرة الأولى التي يُطرح فيها نظرة استخدام المواد الكيماوية في العملية.
عملية الاغتيال المزدوجة: قنابل وغازات في قلب الضاحية
تُعدّ رواية قاني، التي جاءت في مقابلة متلفزة مع وكالة 'تسنيم' الإيرانية، هي الأولى من نوعها التي تشير إلى وجود عامل كيماوي في عملية اغتيال نصر الله. فالمعلومات التي أوردها قائد فيلق القدس تتجاوز الأضرار التدميرية الهائلة للقنابل الارتجاجية والمتفجرة التي اخترقت الملجأ العميق.
وحسب قاني، فإن نصر الله 'لم يقتل بالصواريخ والقنابل فقط، بل أيضًا بالغازات الكيماوية'.
هذا التفسير الجديد يفتح الباب أمام تساؤلات جدية حول طبيعة القنابل المستخدمة؛ هل لجأت إسرائيل إلى تكتيك جديد يهدف إلى ضمان تصفية كاملة داخل الأنفاق المحصنة، ربما عبر استخدام مواد تسبب الاختناق أو تثبط الجهاز العصبي، ما قد يشكل انتهاكًا صارخًا للاتفاقيات الدولية؟
ويهدف التكتيك الإعلامي الإيراني الجديد إلى نقل ملف الاغتيال من كونه انتصارًا استراتيجيًا مُعلن من قبل إسرائيل لاستهداف قائد منظمة مسلحة، إلى كونه انتهاكًا للقانون الدولي باستخدام أسلحة محظورة، ما يُضفي عليها وصف 'الإجرام الحربي'.
الكشف عن أسرار 7 أكتوبر ودور نصر الله الإستراتيجي
لم تقتصر تصريحات قاني على ملابسات مقتل نصر الله فحسب، بل تطرقت أيضًا إلى الأسرار المحيطة بهجوم حماس في 7 أكتوبر 2023. ففي محاولة لدرء الاتهامات الغربية بتورط إيران المباشر في التخطيط التفصيلي للهجوم، كشف قاني أن العديد من الشخصيات البارزة في محور المقاومة، بمن فيهم نصر الله ورئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية، كانوا 'غير مدركين لتوقيت وتفاصيل العملية'.
وأوضح قاني أن هنية علم ببدء العملية وهو في طريقه للمطار للسفر إلى العراق.
رغم عدم علمه بالتفاصيل، أكد قاني أن نصر الله كان قد 'حدد بعناية ومنهجية الخطوات اللازمة' للتعامل مع أي تصعيد.
وقد أثبت حزب الله ذلك بفتح 'جبهة تضامن' مع حماس في غزة منذ 8 أكتوبر، عبر إطلاق النار على إسرائيل من جنوب لبنان.
وسلط قاني الضوء على الدور المحوري الذي لعبه نصر الله في قيادة حزب الله خلال الحرب المستمرة، مؤكدًا أنه 'حتى استشهاده، واجه نصر الله النظام الصهيوني بحكمة وثبات في حرب نفسية وعسكرية'.
واستشهد بفترة الأسبوعين التي تلت 8 أكتوبر، حين لم يلق نصر الله أي خطاب علني، مشيرًا إلى أنه 'خلال هذه الفترة، دون أن يتحدث حتى، أرهب النظام الصهيوني وأظهر أنه أتقن جميع أبعاد الحرب، العسكرية والنفسية على حد سواء'.
كما أشار قاني إلى أن الضغط الذي مارسه حزب الله أجبر إسرائيل على 'نشر ثلث جيشها في جنوب لبنان'. وشدد على الصعوبة البالغة لتوفير الموارد في ظل الظروف القاسية، مشيرًا إلى أن قوات حزب الله تمكنت من 'الصمود بقوة لمدة 66 يومًا ضد جيش الكيان الصهيوني المدعوم من جميع القوى العالمية'، قبل دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 27 نوفمبر 2024.
وفي سياق متصل، أشاد قاني بدور هاشم صفي الدين، خليفة نصر الله لفترة وجيزة، واصفًا إياه بـ 'الركيزة' في التعاون مع نصر الله وإدارة الجوانب غير العسكرية للحزب.
وجاء هذا الثناء بعد مقتل صفي الدين في ضربة إسرائيلية واسعة النطاق ليلة 3-4 أكتوبر 2024، بعد أسبوع واحد من مقتل نصر الله.
الضغط الدبلوماسي والمطالبة بالتحقيق
تهدف التصريحات الإيرانية إلى تعبئة القاعدة الشعبية وتصوير نصر الله كشهيد' قُتل بـ 'غدر' وبالاستعانة بأسلحة محظورة، ما يعزز الولاء لمحور المقاومة ويزيد من شرعية الرد الانتقامي مستقبلًا.
كما تضع هذه الاتهامات الحكومات الغربية ومنظمات الأمم المتحدة، مثل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW)في موقف حرج، وتطالب ضمنيًا بإجراء تحقيق دولي في موقع الضربة.
ورغم أن إثبات هذه الادعاءات يتطلب وصول محققين دوليين إلى الموقع وأخذ عينات بيئية وطبية، وهي منطقة تخضع لسيطرة حزب الله وتُعد موقعًا عسكريًا سريًا، إلا أن الجانب الإيراني يرى في طرح التهمة نفسها وسيلة فعالة لتشويه الصورة الدولية للعملية الإسرائيلية.
يمثل تصريح قاني نقطة تحول من التركيز على الرد العسكري إلى 'حرب الروايات' واستخدام ورقة 'جريمة الحرب الكيماوية' لتقويض شرعية العملية الإسرائيلية في الساحة الدولية.