اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٣٠ تشرين الثاني ٢٠٢٥
تحولت حرب اليمن إلى ساحة اختبار لسياسات إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إذ أثارت مبيعات الأسلحة الأمريكية للسعودية موجة انتقادات واسعة داخل الولايات المتحدة وخارجها، خاصة مع تصاعد الكلفة الإنسانية للنزاع المستمر منذ سنوات.
وسلطت صحيفة نيويورك تايمز الضوء على هذه الانتقادات، مشيرة إلى أن الحرب التي تقودها الرياض ضد الحوثيين في اليمن باتت مرتبطة بشكل مباشر بالصفقات العسكرية الضخمة التي وقعتها واشنطن مع المملكة.
ومنذ اندلاع الحرب في اليمن عام 2015، واجهت السعودية اتهامات متكررة باستخدام الأسلحة الأمريكية في ضربات جوية أودت بحياة آلاف المدنيين. ومع وصول ترامب إلى البيت الأبيض في يناير الماضي، اتخذت واشنطن موقفًا أكثر انحيازًا للرياض، حيث وقّع الرئيس الأمريكي صفقات بمليارات الدولارات لتزويد المملكة بطائرات مقاتلة ونحدث عن اعتزامه بيع مقاتلات الجيل الخامس للرياض علاوة على صواريخ دقيقة التوجيه وأنظمة دفاعية متطورة.
هذه الصفقات، التي رُوّج لها باعتبارها تعزز الاقتصاد الأمريكي وتخلق فرص عمل، سرعان ما أصبحت مادة للنقد السياسي والإعلامي، خاصة بعد تقارير أممية ومنظمات حقوقية تؤكد أن الأسلحة الأمريكية تُستخدم في هجمات على مدارس ومستشفيات وأسواق شعبية في اليمن.
الانتقادات لم تقتصر على المنظمات الحقوقية، بل امتدت إلى الكونجرس الأمريكي نفسه. نواب من الحزبين الجمهوري والديمقراطي طالبوا بوقف مبيعات الأسلحة للسعودية، معتبرين أن واشنطن تتحمل مسؤولية أخلاقية وقانونية عن الكارثة الإنسانية في اليمن. بعضهم أشار إلى أن استمرار الدعم العسكري الأمريكي للرياض يقوّض صورة الولايات المتحدة كمدافع عن حقوق الإنسان، ويضعها في موقع المتواطئ مع الانتهاكات. صحيفة نيويورك تايمز نقلت عن مشرعين قولهم إن 'البيت الأبيض يضع المصالح الاقتصادية فوق القيم الإنسانية'، وهو ما أثار جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية.
وفي سياق التحقيقات الصحفية، تناول برنامج The Weekly في حلقته الثلاثين بعنوان 'Open Arms' على موقع التايمز الإلكتروني الدور الذي لعبته شركات الدفاع الأمريكية في دفع الحكومة نحو الموافقة على صفقات بمليارات الدولارات مع حلفاء أجانب، وعلى رأسهم السعودية، عبر الترويج لفكرة خلق وظائف جديدة داخل الولايات المتحدة. التحقيق أظهر أن إدارة ترامب لم تكتف بالبناء على قرار إدارة أوباما عام 2015 بدعم الحرب السعودية في اليمن، بل ذهبت أبعد من ذلك في فتح الطريق أمام عقود أكثر ربحية، رغم أن الحرب أودت بحياة آلاف المدنيين وأدت إلى أزمة إنسانية غير مسبوقة.
ستيفن بومبر، المساعد الخاص السابق للرئيس باراك أوباما، قال في مقابلة مع The Weekly: 'وجدنا أنفسنا عالقين في هذا الوضع الرهيب، غير قادرين على إنهائه، وسلمناه لإدارة كانت ستتعامل معه بشكل أسوأ مما فعلنا'. هذا التصريح يعكس إدراكًا متأخرًا بأن الحرب في اليمن تحولت إلى عبء سياسي وأخلاقي على الإدارات الأمريكية المتعاقبة.
التحقيق الذي أجراه الصحفيان الاستقصائيان في نيويورك تايمز، والتان حصلا على جوائز بوليتزر، والت بوجدانيتش ومايكل لافورجيا، ركز على دور شركات مثل رايثيون التي تصنع القنابل الموجهة بدقة والتي استخدمتها السعودية في اليمن. الشركة، التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع إدارة ترامب، تعتمد على السعودية في نحو خمسة بالمئة من إيراداتها السنوية، ما يجعل موافقة الحكومة الأمريكية على صفقاتها الخارجية أمرًا حيويًا لبقائها في السوق.
النائب الديمقراطي توم مالينوفسكي، الذي عمل سابقًا في وزارة الخارجية الأمريكية، قال: 'الجميع في اليمن يعرف أن القنابل التي تسبب هذا المعاناة مصنوعة في الولايات المتحدة'. هذا التصريح يلخص حجم الغضب الشعبي والحقوقي من الدور الأمريكي في الحرب، ويكشف أن صورة واشنطن في المنطقة باتت مرتبطة بشكل مباشر بالدمار الذي تسببت فيه الأسلحة الأمريكية.
تجدر الإشارة إلى أن تحقيق التايمز طرح أسئلة جوهرية حول من المستفيد من هذه الصفقات؟ ولماذا يُسمح باستمرارها رغم الكلفة الإنسانية الباهظة؟ أما الإجابة التي قدمها الصحفيون، فكانت واضحة: المستفيد الأكبر هو شركات الدفاع الأمريكية التي تضع الأرباح فوق الاعتبارات الإنسانية، فيما يجد اليمنيون أنفسهم ضحايا لصراع إقليمي ودولي لا يملكون فيه أي قرار.


































